بوريل: نجدد دعواتنا لوقف إطلاق النار بالشرق الأوسط
خيبات النساء في الحب والحياة وما يختبرنه من تجارب مؤلمة في الفقد الصادم والمعاناة الصامتة، تشكل الموضوع الرئيس في رواية "سيدة القرفة " للكاتبة رحمة ضياء الصادرة مؤخرا عن دار "الشروق" بالقاهرة.
تحفر الرواية في المشاعر العميقة للمرأة انطلاقا من عالم النكهات والمذاقات وتعتبر، التوابل والقرفة بشكل الخاص، معيارا موثوقا للحكم على البشر والأشياء.
تتخذ مؤلفة العمل رحمة رياض من مفردات الطهي وسيلة لاكتشاف العالم والذات معا، فمنذ السطر الأول تقول "تشبه الحياة طنجرة ضغط، تُطهى الأقدار بداخلها على مهل".
وحين تعصف بها المشاعر المتضاربة، تشخص حالتها بالقول "شعرت برأسي كبيضة تقلقل في ماء مغلي من كثرة التفكير".
وتشير إلى أن البعض يعتبر الحساء "أفضل علاج للحزن"، بينما خلصت هي من واقع تجربتها إلى أنها لا تجد سواها إلا في عجينة الخبز، وهي ترى تحولاتها المدهشة.
وتصف شخصا وسيما بـأنه "طويل ممشوق كشجرة القرفة"، " فاحم الشعر كالباذنجان"، صاحب طلة " محببة للقلوب مثل التفاح الأحمر".
فيما يتعلق بالقرفة تحديدا، تروى المؤلفة أسطورة تتعلق بنشأتها كشجرة عجيبة في جزيرة نائية يأتيها الناس من كل مكان بحثا عن القوى السحرية للقرفة، والتي تكاد تبلغ منزلة المعجزات.
الشجرة محمية بالأفاعي الحارسة، لكن أحد الشباب يهمس للطيور، فتحط على الشجرة، وتلتقط أغصانها لتبني أعشاشها. هنا يتحقق حلم حياته، ويصطاد الطيور بأسهمه الحادة، فيظفر بالقرفة وينتفع بسحرها الذي ليس أقله منح البشر الخلود.
ويظل الخط الرئيس للحبكة يتمثل في قصة فتاة وحيدة يشكل والدها مظلتها الاجتماعية الوحيدة بعد ابتعاد أمها وتفاقم طبيعة الفتاة الانعزالية، لكن التأثير الأكبر للأب يكمن في تشييده للعالم الحقيقي الذي تعيش فيه البطلة وهو عالم الطهي ووصفاته وأجواؤه المفعمة بحالة عاطفية خاصة.
ويلقى الأب فجأة مصرعه في حادث غامض، وتصبح نهايته المأساوية "تريند" على منصات التواصل الاجتماعي بعد العثور على جثته طافية فوق المياه، فتقرر ابنته الانتحار من هول الصدمة، لكنها تتراجع حين تستدعيها الشرطة.
هنا يفقد العمل خصوصيته اللافتة وميزته الكبرى، ويتحول تدريجيا إلى نسق الأدب البوليسي من خلال ثيمات تقليدية من نوعية لغز جريمة قتل مع مفاجآت في رحلة العثور على القاتل.
وفي النهاية، لدينا نص ينبئ عن موهبة حقيقية لكاتبة واعدة، لكن عابه الارتباك في بنائه وتعدد خطوطه الدرامية، فضلا عن سيره على نهج رواية "كالماء للشوكولاتة" الصادرة للأديبة المكسيكية لاورا إسكيبيل عام 1989، لا سيما على صعيد مزج وصفات الطعام بالحب، وكيف يمكن أن تعطي بعض النكهات والمذاقات قدرات خارقة لبعض البشر.