لكلمة "الحلم" معنيان، فهي مصطلح يشير في الوقت نفسه إلى نشاط فيزيولوجي وإلى سلسلة من المشاعر التي يتم التعبير عنها من خلال الصور والأصوات والأفكار التي نشعر بها أثناء النوم، الأحلام حالة من الوعي أبهرت الناس منذ فجر البشرية، وقد تم تفسيرها بشكل مختلف، وفي العصور القديمة كانت الأحلام مهمة جدا، حيث كانت بالنسبة للكثيرين وسيلة للتواصل مع الحياة الآخرة. ففي مصر القديمة كان يُعتقد أن الأحلام تأتي من الآلهة، وتنبِئ بالمستقبل وتقدم إرشادات حول كيفية التعامل مع صعوبات الحياة اليومية.
خلال ذلك الوقت، تم تأليف كتب تفسير الأحلام الأولى التي تشرح الرموز والصور التي تظهر في الأحلام، وتم التعامل مع تفسيرها على يد كهنة الإله "سيرابيس" الذين كانوا يقيمون في المعابد التي شُيّدت على شرفه.
قسّم اليونانيون الأحلام إلى أحلام طيبة (مرسلة من آلهة السماء)، وشريرة (قادمة من آلهة العالم السفلي)، ومثل المصريين، كانوا يعتقدون أن الأحلام تساعد في العثور على إجابات، وكانت تستخدم لطلب المساعدة في حل المشكلات، كما اعتقدوا أن الأحلام تساعد في علاج الأمراض.
كان لدى الرومان الذين كانوا يُعتبرون جنودا أكفاءً ميل خاص نحو الإشارات الإلهية، لذلك كانت رمزية الأحلام بالنسبة لهم أيضاً ذات أهمية كبيرة. قاموا أيضاً بتفسيرها بمساعدة كتب الأحلام، على الرغم من أنه كان قد تم فك تشفيرها قبل بضعة قرون من قبل الكهنة العرّافين.
على الرغم من أن الأحلام كانت تُعزى لسنوات عديدة إلى تدخل إلهي، إلا أن العلم، لاسيما بفضل أحد أشهر العلماء وهو سيغموند فرويد "1856- 1939"، توصل إلى نظريته الخاصة، حيث أحدث فرويد ثورة في معنى الأحلام في حياتنا، وغالباً ما كان نهجه نقطة البداية لمزيد من البحث.
من أين تأتي الأحلام وفقا لنظرية سيغموند فرويد
وفقاً للتقرير الذي نشره موقع espritsciencemetaphysiques، كان سيغموند فرويد طبيب الأعصاب نمساوي المولد مشهورا ومحترما، وعاش بين القرنين التاسع عشر والعشرين، وكان يعتقد أن الأحلام انعكاس لرغباتنا وأحلامنا ومخاوفنا المخبأة في اللاوعي. فهي تعكس تجارب الحياة، لأن الأحلام طريقة للتعرف على الذات، وهو ما أسماها بالطريق الملكي نحو اللاشعور، لقد أطلق عليها ذلك بسبب السهولة والراحة التي تقدمها.
على الرغم من أن فرويد لم يكن فيلسوفا، إلا أن تفسيراته غالبا ما تشير إلى مثل هذه الارتباطات. كان يعتقد أن الأحلام تُظهر على السطح الموقف تجاه الحياة، والمدفون بعمق في اللاوعي، لقد تعامل مع التحليل النفسي للأحلام، وكان يعتقد أنه يجب التعامل مع كل حالة بشكل فردي على حدة، ولم ينسب فرويد الأحلام إلى إرادة إلهية، ولكن إلى القدرات المذهلة الكامنة في الدماغ البشري.
الأحلام والنظريات الحديثة
أتاح التقدم في العلوم والتكنولوجيا للباحثين المعاصرين التعرف على العمليات التي تحدث في دماغ الإنسان أثناء النوم، نحن نعلم الآن أنه بالنسبة للعديد من العمليات التي تحدث في أجسامنا ودماغنا، فإن بعض العمليات الكيميائية الحيوية مسؤولة عن الهرمونات التي يتم إفرازها، لذلك فإن النظرية الحالية حول معنى الأحلام ودورها وأصلها تختلف عن سابقاتها، لقد أظهرت الدراسات الحديثة أننا نحلم في مرحلة النوم العميق، أي في مرحلة حركة العين السريعة. خلال هذه المرحلة لوحظت زيادة في إفراز هرمون يسمى "الدوبامين" الذي يعتبر المحفز الرئيسي للحلم.
تقول بعض النظريات إن الأحلام تسمح لنا بتنظيم أفكارنا ومعالجة المعلومات التي يسجلها دماغنا على مدار اليوم، ومع ذلك ووفقا لنظرية أخرى، فإن الأحلام ضرورية للحفاظ على النوم، إنها تشغل دماغنا الذي يحتاج إلى تحفيز مستمر حتى عندما يتجدد جسمنا ويظل خامدا، ما يسمح لنا بمحاكاة المواقف المختلفة التي لم نختبرها في حياتنا اليقظة، والتي لن نختبرها أبدا.
على الرغم من أننا نعرف اليوم من أين تأتي الأحلام وما هي العمليات المسؤولة عنها، إلا أنه من غير الممكن إعطاء نظرية واضحة حول معانيها ودورها في حياتنا، فلا تزال لغزاً مستعصياً، وعلى الرغم من أن الأحلام غالباً ما تعكس تجاربنا وأفكارنا الحالية، فإن بعض الباحثين يشيرون إلى أن الأحلام تختلف باختلاف العمر والجنس، فغالبا ما يحلم الأطفال بالحيوانات، وغالبا ما تحلم النساء بالأطفال، وغالبا ما يحلم الرجال بالأسلحة والعدوانية.