"مبرمجو الفن".. قصة شباب مصريين يترجمون الفن العربي إلى العالمية (صور وفيديو)
"مبرمجو الفن".. قصة شباب مصريين يترجمون الفن العربي إلى العالمية (صور وفيديو)"مبرمجو الفن".. قصة شباب مصريين يترجمون الفن العربي إلى العالمية (صور وفيديو)

"مبرمجو الفن".. قصة شباب مصريين يترجمون الفن العربي إلى العالمية (صور وفيديو)

تعد الابتهالات والموشحات الدينية، فنًا كان له جمهوره ومحبوه، فمن منا لم يستمع للكلمات الأشهر في تاريخ هذا الفن "مولاي إني ببابك قَد بَسطتُ يَدي.. مَن لي ألوذ به إلاك يا سندي؟"، والتي غناها المبتهل والمنشد المصري الراحل الشيخ سيد النقشبندي، لتعد الأبرز في العالم العربي والإسلامي أجمع، وهي من تأليف الشاعر عبدالفتاح مصطفى، وتلحين الموسيقار بليغ حمدي.

لكن ماذا لو سمعت هذا الابتهال مدبلجًا إلى اللغة الإنجليزية؟

هذا السؤال التخيلي بالفعل أصبح واقعاً، بعدما قام مجموعة تضم 5 شباب مصريين بترجمة الابتهال إلى الإنجليزية، في فيديو نشر خلال شهر رمضان الماضي، لكنه سرعان ما انتشر أخيراً على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في مصر، ليحدث حالة مختلفة بين الشباب، والذين عبروا عن تفاجئهم بالفكرة وإعجابهم بها.

فكرة من رحم كوكب الشرق

وحول فكرة الفيديو، يقول وسام إن "الموضوع بدأ منذ عمله قبل ثورة الـ25 من يناير/ كانون الثاني، كمهندس لصيانة الماكينات في أحد المصانع، واحتك خلاله مع العديد من ذوي الجنسيات الأجنبية، والذين كانوا يطلبون منه ترجمة بعض معاني النكات والدندنات المتداولة بين المصريين.

وكان العمال الأجانب يسمعون نغمة أغنية فيسألون وسام عن معناها، ليطلعهم عليها، إلى أن جاء أحد العمال ويدعى عم بخيت، كان في فترة عمل وسام يشغل أغاني أم كلثوم فيدندن وسام معنى كلماتها باللغة الإنجليزية، وهو ما دفع عم بخيت لأن يعطيه في كل يوم أغنية لكوكب الشرق، في تحد له إذا ما كان في استطاعته تحويلها لتغنى باللغة الإنجليزية، ليتمكن وسام من تحقيق ذلك، ومن هنا تبلورت فكرة تحويل المحتوى العربي للإنجليزية.

البحث عن التفعيل

ويندهش وسام من عدم تفعيل فكرة ترجمة ودبلجة المحتوى الفني المصري والعربي إلى الإنجليزية، لإيصاله إلى العديد من الشعوب الأخرى، مثلما فعلت بعض الدول والتي غزا منتجها الدرامي السوق العربي، مثلما حدث للمسلسلات التركية والصينية التي تقدم مدبلجة بلهجات عربية.

وفكرة الدبلجة ليست بالجديدة، لكن العالم العربي يحتاجها بشدة، وهو ما دفع وسام مجدي لتكوين فرقة مهمتها تحويل الأعمال الدرامية والغنائية من العربية للإنجليزية، لنشر الثقافة الشرقية للعالم الغربي.

من هنا قرر وسام تأسيس صفحة "مبرمجو الفن" أو ما يسمى  artcompilers، يقدم فيها مع 4 من زملائه المهندسين، دبلجة الفنون الدرامية والغنائية للإنجليزية، بعد أن كانت فكرته بالبداية فقط للأغاني.

ويشرح وسام فكرته لـ"إرم نيوز" قائلاً إن "العالم العربي يحتك بطبيعته بثقافات وشعوب تتشابه معه في الظروف نفسها أو يوجد تقارب معها، كدول شرق آسيا وأفريقيا".

لماذا مبرمجو الفن؟

وشارك في فرقة "مبرمجو الفن" إلى جانب مؤسسها وسام مجدي، عبدالعال وهو زميله في العمل، ويمتلك صوتاً جميلاً ولديه خلفية بالمقامات الموسيقية؛ ما مكنه من غناء الجزء العربي في الأغاني، فيما يختص وسام بالجزء الإنجليزي فيها.

وتضم الفرقة 3 شباب هم، معاذ سالم، وعبدالرحمن شرارة، ومحمد عبدالشافي، لكنهم ليسوا أعضاء أساسيين، وتقتصر مشاركتهم -وقت الحاجة- على الأغاني التي تتطلب تواجد كورال، لكن وسام وعبد العال هما العضوان الأساسيان.

وتمكن الخماسي المصري الشاب من دبلجة العديد من الأغاني، إضافة إلى عرضهم لفيديو مدبلج للمشهد الشهير من مسلسل "الأسطورة"، توضيحاً منهم لفكرتهم الأساسية، وهو ما لاقى نجاحاً وانتشاراً على "فيسبوك"، وتجاوباً للطريقة التي نفذت بها الدبلجة، لتكون بداية للقيام بأعمال جديدة في هذا الصدد.

أما عن مسمى الصفحة "مبرمجو الفن" أو artcompilers، فلربما يظنه البعض بعيداً عن فكرة الصفحة، وهو ما صححه وسام بأن الفرقة كمجموعة من المهندسين المبرمبجين هم من يترجمون الفن، وأن كلمة ما هي إلا أساس للفكرة، فهو عبارة عن معالج يكتب لغة برمجة يحولها إلى لغة أصفار وآحادات، ليتمكن من ترجمتها.

الهدف والتكلفة

"أنا على استعداد تام لترجمة أي عمل فني"، هذا ما شدد عليه وسام في حواره مع "إرم نيوز"، مشيراً إلى أن "بدايته كانت مجرد ارتجال، ثم تمكن من ترجمة أكثر من 74 أغنية متنوعة ما بين القديم والحديث بشكل محترف، لأم كلثوم وعمرو دياب ومصطفى قمر، ووجد صداها بين أعضاء المجموعة المغلقة للشركة التي يعمل بها على موقع فيسبوك"، متمنياً أن "تتوسع الفكرة التي ستخدم بلده والعالم العربي أجمع، على مستوى التسويق والصورة النمطية للشرق، بالإضافة إلى الربح العائد من المشروع".

وأوضح وسام، أن "أي دبلجة للمنتج الفني لن تكلف سوى 0.25% من التكلفة الإجمالية، وستكون أرباحها جيدة جداً، فالصين مثلاً من أكثر الدول التي تقوم بالإنفاق على أعمالها للدبلجة والترجمة، على الرغم من صعوبة العملية؛ نظراً لأن اللغة الصينية من اللغات الصعبة والتي تعتمد بشكل أساس على حركة الشفايف، وطريقة نطق الكلمات؛ ما يستدعي أسلوبا معينا للدبلجة، كي يتماشي منطوق الممثلين الأصلي لشكل منطوق الممثل صاحب الصوت المدبلج بالإنجليزية".

أما على الصعيد العربي، فالأمر سيكون أسهل بكثير بحسب وصف وسام، والذي شرح أن "اللغة الإنجليزية لا يوجد فيها المشكلة نفسها، نظراً لأن طريقة النطق تكون من الخارج فقط، وهو ما يجعل الأمر من تحويل النصوص العربية للإنجليزية أكثر مرونة، ومن خلال الاستعانة بالمتخصصين على مستوى اللغة والمونتاج والإخراج، سيخرج العمل بشكل احترافي، وسيمكن إيصال معنى المحتوى الأصلي بنسبة تصل إلى 90%".

وخلفيات وسام في المجال العملي بشكل عام، هي من ساعدته في تكوينه لفكرته، ومحاولة إيصالها للمهتمين، فقد ساعده عمله كمعلق صوتي لمدة 7 سنوات على استيعاب معظم ما يتعلق بجانب الدبلجة، إضافة لدراسته للإخراج، لكنه يرى أنه من أجل تنفيذ الفكرة باحترافية، لابد من مساعدة بعض شركات الإنتاج، وهو ما جعله لا ينشر عددا من الأعمال التي دبلجها، حتى تظهر بأفضل صورة ممكنة، دون حرق المحتوى.

أعمال ناجحة

والحديث عن الدبلجة ليس وليد الفكرة، لكن بالفعل يوجد العديد من الأغاني والأعمال الناجحة، فكما نرى هناك أغان انطلقت منذ فترة قريبة، لكنها استطاعت الوصول إلى جميع أنحاء العالم ليتجاوب معها الجميع، وترجمة الأغنية، كانت عاملًا هامًا على سبيل المثال لتسويق مدينة بورتريكو بشكل رائع للسياحة، ليزداد رواد المدينة من السياح، وهو ما أشار إليه وسام لـ"إرم نيوز"، بأن الاهتمام بالدبلجة يساهم في الجانب السياحي للدول، وينشر الثقافة ويساهم في تغيير الصورة النمطية للمنطقة، وهو ما يمكن تطبيقه من خلال الأعمال العربية.

ويسرد وسام بعض الأعمال المميزة التي يمكن ترجمتها، مثل أغنية "الأماكن" للفنان محمد عبده، والتي عندما ترجمت وجدت صدى مميزا، كذلك أغنية "على رمش عيونها" للفنان اللبناني وديع الصافي.

الكيان القانوني وشركات الإنتاج الكبرى

حتى الآن يقوم الشباب المصريون الخمسة، بإنتاج الأعمال كافة التي قاموا بدبلجتها على نفقتهم الخاصة، على أمل أن يؤسسوا الأوراق الخاصة لتكوين كيان قانوني لشركة مختصة للإنتاج المدبلج.

ويشير وسام أن تسجيل أعمالهم السابقة كان من خلال أحد الاستديوهات بمنطقة الـ "6 من أكتوبر"، حيث يتم استئجاره لتنفيذ الدبلجة وأعمال المكساج والمونتاج.

والطريق الفعلي لتنفيذ المشروع، ربما يعوقه الكثير من المعوقات، لكن هذا لم يمنع وسام من التمسك بالأمل، والذي جاء دافعاً له لمواصلة تنفيذ الفكرة، وهو ما قوبل بنقطة ضوء في المشوار الصعب، إذ بدأت تعرض عليه بضع شركات التعاون معه، وبالطبع الكثير منها يريد احتكار الأمر لسنوات، فهل يجد "مبرمجو الفن" دعمًا حقيقيًا لفكرتهم؟.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com