الدراما السورية "تلمّع" صورة الأمن والشرطة

تفوقت الدراما السورية على نفسها في رمضان هذا العام، فرغم تركة الحرب الثقيلة التي مزقت البلاد وهزت عرش الفن الذي تربعت سوريا على عرشه طوال سنوات. لكنها سعت للعودة هذا العام من خلال ما لايقل عن 35 عملا دراميا فنيا.

وتنوعت الموضوعات التي طرحتها الدراما السورية، مع حفاظها على انعكاس وتأثير الأزمة على البلاد من خلال أوجه عدة، فيما ابتعدت في أعمال أخرى عن الواقع المرير الذي يعيشه السوريون لتظل خارج السرب.

اللافت للانتباه أنه بغض النظر عن قصة العمل أو فكرته، جاء الأمن بصورة مغايرة تماما عما اعتادت الدراما تقديمه، وعما يعرفه الشعب السوري كذلك، خاصة صورة الشرطة التي بدت خارجة عن المألوف وعين المواطن السوري.

ففي مسلسل "دومينو" الذي يسلط الضوء على فساد السلطة ورجال الأعمال، تأتي الشرطة بصورة مغايرة، حيث يرتدي المقدم "سمير" والذي يلعب دوره الفنان جلال شموط بذلة أنيقة غير رسمية، كما لديه مساعد أيضا يرتدي بذلة أنيقة، ويحاول كلا من المحقق ومساعده فك لغز عدة جرائم.

فيما يبدو مكتب الشرطة أنيقا ومقدما بصورة جيدة، كما يبدو وكأن عمل الشرطة مستقلا عن الدولة رغم الضغوط، فالمحقق يسعى لحل لغز جريمة مقتل "أيمن" الذي لعب دوره ببراعة الفنان الشاب كنان حميدان، دون أن يهاب أحدا وبعقلية مهنية بحتة.

وبدت أيضا المعاملة كذلك، فالشرطة لا تعامل الناس إلا وفق القانون ولا تقتادهم بالقوة، ولا تؤدي غير عملها المنوط بها.

وتبدو صورة المحقق ومساعده صورة هوليوودية أكثر مما هي صورة واقعية ومخالفة لصورة الشرطة في سوريا بزيها الرسمي وبالمكاتب القديمة، وبأسلوبها البيروقراطي ذات الدور المحدود تحت حكم سلطوي ديكتاتوري.

ولا تختلف صورة الشرطة والأمن هنا عن صورته في مسلسل "الندم" فذات البدلة الأنيقة والزي غير الرسمي لسلك الشرطة.

ويلفت الانتباه أيضا أن ذات الصورة تم تقديمها في المسلسل الكوميدي "بقعة ضوء" من خلال لوحة حضر فيها محققان لمنزل، مقدمان ذات الطابع الهوليوودي.

ويبدو أن الدراما السورية تحاول تقديم صورة جديدة عن الشرطة ومنحها الثقة أكثر، وإعطاءها دورا مهما من خلال الأعمال الفنية، وتلميع صورتها التي ربما جاءت متأخرة كثيرا في بلاد لم يعد فيها الجيش نفسه قادرا على تأدية دوره حتى ولو في الدراما.