كوميديا رمضان.. خفة دم المصريين "مُرعبة" 
كوميديا رمضان.. خفة دم المصريين "مُرعبة" كوميديا رمضان.. خفة دم المصريين "مُرعبة" 

كوميديا رمضان.. خفة دم المصريين "مُرعبة" 

كشفت السنوات الماضية عن "خفة دم" تلازم المصريين متجاوزة الأحداث السياسية والاقتصادية، إلى حدود المرح والضحك المتصاعدين، تخللت تعليقات المصريين عبر السوشيال ميديا، والأعمال الدرامية والفنية، تصاعد على إثرها برامج المقالب الساخرة التي ترسم البسمة على شفاه المتابعين.

بسمة المتابعين جاءت خلال السنوات القليلة الماضية على حساب رعب ضيوف والحبكة الفنية لبرامج المقالب، بدأت بفكرة برنامج الفنان رامج جلال التي بدأها بـ"رامز قلب الأسد"، وانتهاء بـ"رامز بيلعب بالنار" وما بينهما "رامز توت عنخ مون" و"رامز ثعلب الصحراء" و"رامز قرش البحر".

النجاح المتصاعد لبرامج رامز جلال، دفعت فنانين آخرين لإنتاج برامج على نفس القالب السابق، "فؤش في المعسكر"، و"هاني في الأدغال" و"هبوط اضطراري"، اعتمدت جميعها على عنصر الرعب الذي جذب الجمهور المصري والعربي.

*الابتسامة بين مقالب التسلية قديمًا.. ورعب الحاضر

وما بين برامج مقالب قديمة حضرت فيها الابتسامة دون الاعتماد على عنصر الخوف، كبرامج الكاميرا الخفية للفنان القدير إبراهيم نصر، إلى برامج المقالب المرعبة، بدت الكوميديا المصرية أكثر جنوحًا إلى الإثارة، عن طريق الفزع والرعب للضيوف على حساب ابتسامة المشاهدين.

عوامل عديدة أدت إلى بروز تلك الظاهرة، من بينها اعتياد المشاهدين على الصور الوحشية والمفزعة، التي أنتجتها الأحداث السياسية في الوسط العربي مؤخرًا، بالإضافة إلى الربح المتضاعف لتلك البرامج خلال الفترة السابقة.

من جانبها، اعتبرت الناقدة الفنية ماجدة خيرالله، أن سبب انتشار تلك الظاهرة يرجع إلى نسب المشاهدة العالية التي تحققها تلك البرامج التي تعتمد على الغلظة والفجاجة، فيما ارتبط قياس النجاح بمدى إصابة الضيف بالذعر، مرجعة ذلك إلى أن "نفسية الناس أصبحت مشوهة، بفضل مشاهدة صور القتلى والفضائح".

*اتساق اجتماعي وتأثير سياسي

وأضافت خيرالله في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "اللعب على النفسيات المشوهة، نتيجة الاعتياد على مشاهدة الجثث بشكل عادي، وتبادل صور القتلى، خلق نوعًا من عدم التأثر بمشاهدة مقالب الرعب والفزع والنار".

خيرالله أشارت إلى أن العائد المادي الكبير الذي تحققه تلك البرامج دفع أصحابها على تكرار الفكرة لمرات عديدة، بل انبثق منها برامج على نفس الشاكلة، لافتًا إلى أن الواقع المصري القابل للتغيير سواء على صعيد المزاج العام أو الأحداث السياسية والاقتصادية لن يكتب استمرارًا لتلك البرامج.

ومقدمة الحلول لتلك الظاهرة، قالت الناقدة الفنية إن التركيز على صناعة البديل الفني الكوميدي أو المثير، على غرار برنامج الصدمة المذاع على فضائية "mbc" مصر، وغيرها من البرامج الفكاهية التي تعتمد على الابتسامة، دون البحث عن مشاهد الرعب والفجاجة، على غرار برنامج الكاميرا الخفية، الذي قدمه الفنان إبراهيم نصر قديًما.

وأوضحت أن الفطرة الإنسانية ترفض الخطأ والعنف والفجاجة، وهو ما يجعل التركيز على الجانب الإيجابي، قابلاً للنجاح وتحقيق نسب مشاهدات عالية خلال الفترة المقبلة.

*أسلحة مشروعة

الناقد طارق الشناوي، قال إن برامج المقالب الحالية تعمل بمبدأ "كل الأسلحة مشروعة، لتحقيق نسب مشاهدة عالية، بغض النظر عن كون تلك الأعمال مفبركة من عدمه، لأن الجمهور يحتاج إلى الابتسامة".

ومدللاً على أن البرامج الإيجابية ستلقى رواجًا في المستقبل، أشار الشناوي في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن الجمهور لا يريد مشاهد العنف، منوهًا بأن برنامج "الصدمة" الذي اعتمد على العمق الاجتماعي، حقق نجاحًا كبيرًا بين الجمهور.

*الكوميديا الإيجابية

وأوضح أن انتهاء تلك الظاهرة سيتأتي بعدما يتشبع الجمهور من تلك النوعية من المقالب، متوقعًا اختفاء تلك الظاهرة خلال السنوات العشر المقبلة، نتيجة إقدام المنتجين على التنويع وتفضيل الجمهور للعنصر الإيجابي في الأعمال الفنيّة.

لم يختلف الناقد الفني سمير الجمل، كثيرًا عن آراء سابقيه، معتبرًا أن المنتجين أصبحوا يلهثون وراء المكاسب المادية السريعة على حساب التأثير على عقول الشباب، والتأثير السلبي على مستقبل الأطفال الذين يشاهدون أحداث عنف ورعب.

وأشار الجمل لـ"إرم نيوز" إلى أن المنتجين لم يفرقوا بين الذوق العام للجمهور المتلقي ، وبين الربح السريع الذي تحققه برامج المقالب الكوميديا المرعبة، منوهً اإلى أن خفة الدم المصرية لا تجنح إلى الرعب، معتبرًا أن عنصر الفكاهة لدى المصريين يمكن للمنتجين أن يستغلوه بشكل أكثر اتساقًا مع الذوق العام، وسيحقق ربحًا مضاعفًا.

والكوميديا هو نوع من أنواع التمثيل، ذات طابع خفيف بقصد التسلية، نشأت في أوروبا من الأغاني الجماعية الصاخبة، ومن الحوار الدائر بين الشخصيات التي تقوم بأداء شعائر الخصوبة في أعياد الإله ديونيسيوس ببلاد اليونان، وهي الأعياد التي تمخض عنها فن الدراما، وثمَّة العديد من الأنواع للملهاة أو الكوميديا، من بينها الملهاة الرخيصة حيث يقوم الكوميديون بأداء أعمال سخيفة مثل السقوط أو إحراج الآخرين، ما قد يسبب الضحك.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com