الحرب سرقت من الدراما السورية هويتها
الحرب سرقت من الدراما السورية هويتهاالحرب سرقت من الدراما السورية هويتها

الحرب سرقت من الدراما السورية هويتها

خمس سنوات من عمر الثورة السورية دفعت السوريين بكل كفاءاتِهم وإبداعهم إلى الشتات، حيث انعكست الأحداث الدامية على الدراما والحركة الفنية وإنتاج المسلسلات، وهو الأمر الذي يجعلنا نتساءل: هل تراجع إنتاج الدراما السورية لتفقد هويتها الفنية وسعة انتشارها؟.

من المؤكد بأن الحرب وما تحمله من كارثة إنسانية انعكست على الثقافة والفن، وعلى إنتاج المسلسلات الذي تراجع بشكل ملحوظ فالعنف الدائر في سوريا دفع بالمبدعين السوريين إلى خارج وطنهم، حيث توجه معظمهم بكامل طاقاتهم الإبداعيّة كمؤلفين ومصورين ومخرجين وفنانين إلى مصر ودول الخليج وتركيا ولبنان، وهي الخطوة التي جلبت الخير للدراما العربية التي بدأت تنشط بفعل المشاركة السورية، ما يذكرنا بالحكمة القائلة "مصائب قوم عند قوم فوائدُ".

ونتيجة لهذا الانحسار، بدأت شركات الإنتاج تلتفت للسوق اللبناني حيث صار إنتاجه يعادل السوري أهمية، ومن الجائز أن تحتل الدراما اللبنانية مكانة الدراما السورية؛ لأن اللغة متقاربة والطابع الدرامي واحد، والمشاهد سيجد تشابهًا كبيرًا فيما بينهما لأن لغة الصراع الدرامي مطلوبة حتى يكون هناك تنافس على جودة الأعمال بين صناعها سواء من مصر أو سوريا أو لبنان.

ومن اللافت للنظر، العدد الكبير للمسلسلات المختلطة( لبناني – سوري – مصري)، بينما كانت الطفرة بين 2010 و2013 للمسلسلات السورية التي تأثرت بالحرب فصار الفن تجارة ولم يعد صناعة ذات قيمة فنية.
ولا بد من الإشارة إلى أن سقف الحرية في المسلسلات السورية انخفض خلال الأزمة، وهو ما انعكس سلبا على الدراما فأصابه بالتشتت والضياع وفقدان الهوية وتحكم رأس المال غير السوري بالأفكا، ما ولد أزمة درامية حقيقية.

أما بالنسبة للعمق الإبداعي في نصوص الدراما السورية فهو يقودنا إلى ظاهرة أخرى طفت على سطح السيناريو وهي الاقتباس عن أفلام أجنبية من مثل مسلسل العراب المأخوذ عن الفيلم العالمي الشهير The Godfather، توازيها ظاهرة أخرى تقوم على تحويل مسلسلات أجنبية إلى سيناريوهات عربية لإعادة تمثيلها بممثلين سوريين ضمن تسمية المسلسلات المُعَرَّبة مثل مسلسل الإخوة، والأسوأ من هذا تحول الكتاب إلى "مُستَكْتِبِي دراما"، إذ تقوم شركات الإنتاج بطرح أفكار مسبقة على الكتّاب، فتطلب منهم أن يقوموا بصياغتها ضمن سيناريو تلفزيوني.

ترى إلى متى ستبقى السوق الدرامية هي من يفرض قوانينها على كُتّابِها، فتحجزهم في زنازين فكرية ضيقة، لا تتيح لهم إطلاق العنان لمخيلاتهم وكتابة ما يرغبون فيه، محولةً تلك الرغبة إلى صراعات درامية تطرح قضايا مهمة، فتعالجها برسم صور حية قادرة على خلق صلة قوية مع الجمهور وخاصة بعد عرضها ؟ ثم إلى متى ستتغاضى شركات الإنتاج السورية عن مهمتها في دعم الدراما السورية وعدم الاكتفاء بحسابات الربح والخسارة من أجل تأسيس جيل من كتاب السيناريو المبدعين والمميزين الذين يرصدون التغيرات التي أصبح عليها المجتمع السوري بعد خمس سنوات من الحرب؟ الأسئلة مشروعة أما الواقع الفني فهو المحك الحقيقي.


Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com