قوة الشخصية حسب علم النفس الإيجابي

ما هي نقاط قوتك النفسية؟ هناك أبعاد يمكننا جميعًا تطويرها لحماية صحتنا العقلية والشعور بالتحسن تجاه أنفسنا، يصفها لنا عالم النفس الأمريكي مارتن سيليجمان.. فاكتشفها لتفعيلها وكن أكثر سعادة !

لا تزال نقاط قوة الطبع التي حددها عالما النفس كريستوفر بيترسون ومارتن سيليجمان في عام 2004 هي المعيار الثابت، وكان هذان الأخصائيان الكبيران في علم النفس إيجابيان، حيث إنه بعد تحقيق بحث مفصل وطويل، أسسا ما نسميه بالمزايا أو الإمكانات التي تقربنا من الرفاه والحكمة والسعادة.

يوجد في داخل كل واحد منا موارد نفسية يمكننا تفعيلها واستثمارها، وبالتالي ففي كل شخص منا تطفو نقاط معينة أكثر قوة وتأثيرًا من غيرها، ومع ذلك يمكننا جميعًا تطوير المزيد منها.

وفي كل الأحوال، تظل القوى النفسية غير قابلة للتصنيع.. إننا نكتسب الكثير منها بتعليمنا، من خلال تقليد الأشخاص الآخرين الذين يلهموننا.. كن على علم أيضًا أن بعض الأبعاد تعمل على تحسين حياتنا وحياة الآخرين، فدعونا نرى ما تتكون منه.

ووفق تقرير لموقع nospensees، يقول العالم النفسي الأمريكي مارتن سيليجمان: "النجاح يتطلب المثابرة والقدرة على عدم الاستسلام في مواجهة الفشل. أعتقد أن مفتاح التفاؤل كل يوم في حياتنا هو نفسه: المثابرة في هذا الموقف".

ويمكننا جميعًا تفعيل قوتنا النفسية لمواجهة الشدائد.

ما هي قوة الشخصية؟

ماذا كانت خصوصية ألبرت أينشتاين، هل كان الذكاء قوته النفسية وفضيلته؟ ومارتن لوثر كينغ، وماري كوري أو غاندي؟ ما هي أنواع الإمكانات التي حددت هذه الشخصيات في تاريخنا؟

هذه الأسئلة نفسها هي التي طرحها مارتن سيليجمان وكريستوفر بيترسون على نفسيهما عندما بدآ تحقيقهما الشامل لتحديد القوى النفسية عند الإنسان.

وهكذا بالنسبة لعلماء النفس والعلماء في جامعة هارفارد، مثل هوارد جاردنر، فإن هذا العمل هو أحد أكثر المساعي إثارة للاهتمام في القرن الحادي والعشرين.

في الواقع، للمرة الأولى تركز هذه المبادرة على "أكثر الصفات إيجابية عند الإنسان".. إن طيبتنا تركز على نقاط القوة هذه بالطبع، وقدرتنا على إعطاء الحب، وتطبيق العدالة، والأمل.. وكلها مكونات السعادة لمجتمع مثالي، لعالم تسود فيه الرفاهية العقلية إلى أعلى درجة.

في المقابل هناك جانب يجب الإشارة إليه، فهذا الموضوع ليس جديدًا، لقد حدد أرسطو وتوماس الأكويني في وقتهما ما اعتبراه أبعادًا للخير أو فضائل البشر، ولقد بنى سيليجمان وبيترسون أيضًا على هذه النظريات لتطوير قائمة بالأبعاد التي يمكن قياسها لتكشف لنا ما هي نقاط القوة في شخصيتنا، وهي كالتالي:

1. الحكمة والمعرفة

يمكن أن يكون لدينا إمكانات فكرية أعلى من المتوسط، ومع ذلك فإن معدل الذكاء لا يجعلنا حكماء بالضرورة، وفي الواقع، كانت إحدى الخصائص التي حددت بدقة العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين هي نفس القوة: قوة الحكمة.

ويتضمن هذا المفهوم أبعادًا مثل الإبداع والفضول الذي لا يكل، والرغبة في التعلم والالتزام دومًا بعقل منفتح.

2. الشجاعة

ما هي الشجاعة؟ إنها إحدى نقاط القوة التي يجب أن تتمتع بها الشخصية للإبحار في الحياة.. هذه القوة تمنحنا شيئًا أكثر من الشجاعة، إنها الدافع لمواجهة المحن اليومية، والمثابرة والنزاهة والحماس والحيوية للتفوق على أنفسنا.

3. الإنسانية

إن من يملك الإنسانية يبني الجسور بين الناس، ويجلب الأمل إلى العالم.. هذا البعد يرمز إلى من يهتم بحيوية بالآخرين، وليس فقط من خلال رفع الراية والمجاملات.

إنها تحدد الشخص الذي يحب التواصل بشكل أصيل مع من حوله، مع الذين يسعون إلى من يهتم باحتياجاتهم، وواقعهم الشخصي، إنه الشخص الذي يعرف كيف يمنح المودة، الشخص الذي يستمع، فهو خير ولطيف ويغير واقعنا بطريقة صامتة ولكن ثابتة.

4- العدالة

لا يمكن لأي مجتمع متقدم وحكيم أن يكون له وجود في هذه الحياة من دون إحساس بالعدالة.. هذه واحدة من نقاط القوة في الشخصية التي يجب علينا جميعًا تطويرها بالكامل، ومن خلالها نتحمل مسؤوليتنا الاجتماعية تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين، وندافع عما هو نبيل، وما هو مناسب للجميع من خلال الولاء والاحترام.

5. ضبط النفس

ضبط النفس هو إحدى العبارات التي نادرًا ما نستخدمها، وهذه العبارة تبدو لنا إلى حد ما نبيلة وشهمة، كما لو أنها جُلِبت من عصر آخر، ومع ذلك لا يزال هذا المصطلح مفيدًا وضروريًا كما كان دومًا.

ويحدد هذا المصطلح مَن من الناس لا يقع في الإفراط، أي الأشخاص الذين يعرفون كيف ينظمون أنفسهم ويحافظون على ضبط النفس، كما أنه يعني تطبيق الهدوء في أوقات العواصف، ومعرفة كيف يستعمل العفو وليس الكراهية، والشفقة وليس الغضب.

6. السمو

قوة الطبع (السمو) هذه لا تضاهيها إلهامًا أي قوة أخرى، وأنْ تسمو أو أن تطبق السمو يعني أن يكون لديك هدف وأن تطمح إلى التميز.

هذه القمة هي التي تحدث عنها إلينا أبراهام ماسلو مع نظريته عن الاحتياجات البشرية، أي هذا الإنجاز الذاتي الذي نقدر فيه ونهتم بجوانب مهمة، مثل الأمل والجمال والتماسك والروحانية.

والسمو هو تجاوز ما هو مرئي، واحتضان ضخامة المعرفة والشعور بالحرية مع الشعور بالمسؤولية في آن، ويمكننا جميعًا تطوير وتحسين نقاط قوتنا من خلال محاولة أن نكون أفضل كل يوم.

خلاصة القول، من الممكن تمامًا أنه إذا طبقنا الاختبارات التي طورها سيليجمان وبيترسون لتقييم نقاط قوة شخصيتنا فسنحصل على نتائج عالية في أكثر من واحد من هذه الأبعاد.

ومع ذلك، فإن النتيجة الأمثل هي أن تكون ماهرًا في كل منها، وأن تكون استراتيجيًا ممتازًا في فن العدالة والحكمة والشجاعة والإنسانية.. الأمر متروك لنا لمواصلة تطوير أنفسنا، ولمواصلة إيقاظ تلك الإمكانات التي في النهاية ستثري وجودنا وعالمنا.