ما العلاقة بين الحنين إلى المستقبل والرفاهية النفسية؟

ما العلاقة بين الحنين إلى المستقبل والرفاهية النفسية؟

تاريخياً، أسيء فهم الحنين إلى الماضي باعتباره نزعة عفا عليها الزمن للبقاء في الماضي، وخلافا مَرضيا مع الحاضر، وعرضا من أعراض التخوف من المستقبل.

لكن البحث التجريبي في العقدين الماضيين دحض النظرة السلبية للحنين إلى الماضي، وأكد اتساع نطاق الفوائد النفسية التي يولدها للحفاظ على الرفاهية النفسية والارتقاء بها.

التأمل الذاتي جزء لا يتجزأ من تجربة الحنين إلى الماضي، وقبل كل شيء، نحن الفاعلون الرئيسون في الذكريات التي نختار استحضارها ونحنّ إليها.
هال ماكدونالد، أستاذ الأدب واللغويات في جامعة ”مارس هيل“

ووفق آخر الإحصاءات أبلغ معظم الناس عن شعورهم بالحنين إلى الماضي مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، وما يقرب من نصفهم يمرون به ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع.

أخبار ذات صلة
الحنين إلى الماضي ينعش سوق شرائط الفيديو القديمة

الحنين والرفاهية النفسية

توصلت دراسة حديثة إلى أنه كلما كان الشخص أكثر حنينًا، كان مستوى الرفاهية النفسية لديه أعلى.

وشملت الدراسة 2423 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 18 و78 عامًا، وكان حوالي 50% منهم أمريكيين و33% صينيين و17% بريطانيين.

ووجدت نتائج البحث الذي نشر في “Journal of Experimental Social Psychology” أنّ الحنين إلى الماضي أدى إلى زيادات ذات دلالة إحصائية في جميع مكونات الرفاهية النفسية المقاسة (العلاقات الاجتماعية، والحيوية، والكفاءة، ومعنى الحياة، والتفاؤل، والرفاهية الذاتية).

ولاحظ الباحثون أنّ الحنين إلى الماضي يؤثر على الرفاه النفسي من خلال تعزيز الشعور بالأصالة؛ التي عرفتها الدراسة بتماهي الشخص مع الذات الحقيقية.

وقال نيكولاس كيلي، الباحث الرئيس في الدراسة: ”قد لا يحظى الحنين إلى الماضي، أو الشعور الجيد الذي ينتاب المرء عند التفكير في الماضي بالاحترام الذي يستحقه، لكننا أثبتنا ولأول مرة، أن الحنين يغرس إحساسًا عامًا بالازدهار النفسي“.

العلاقات الشخصية والتفاعلات مع الأشخاص المقربين، مثل نمو الأطفال، والعلاقة مع الحبيب، هي أبرز محفزات الحنين المتوقع.

الحنين إلى المستقبل!

وكشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة ”وينشستر“ أنّ الحنين قد يكون موجهًا أيضًا نحو المستقبل، أي يمكن توقع الحنين إلى الماضي، وهذا ما أسماه الباحثون ”الحنين المتوقع“.

ويُعرّف الباحثون "الحنين المتوقع" بأنه توقع الشعور بالحنين إلى تجارب الحياة عند الرجوع إليها.

ووجدوا أنّ 90% من المشاركين، في عينة من 203 أشخاص، كانوا قادرين على تحديد الأحداث التي يمكن أن يختبروا فيها حنينًا متوقعًا.

وقام المشاركون أيضًا بإدراج الأشياء التي يمكن أن تؤدي إلى الحنين المتوقع.

وكشفت النتائج أن العلاقات الشخصية والتفاعلات مع الأشخاص المقربين (مثل نمو الأطفال، والعلاقة مع الحبيب) هي أبرز محفزات الحنين المتوقع.

الحنين والذات والمكافأة 

من جهةٍ أخرى، أكد الدكتور هال ماكدونالد، أستاذ الأدب واللغويات في جامعة ”مارس هيل“ في مقاله الذي نُشر مؤخرًا في مجلة ”Psychology Today“ أنّ "الذات هي الشخصية المركزية في عملية الحنين إلى الماضي".

واعتبر الدكتور ماكدونالد التأمل الذاتي جزءًا لا يتجزأ من تجربة الحنين إلى الماضي، "وقبل كل شيء، نحن الفاعلون الرئيسيون في الذكريات التي نختار استحضارها ونحنّ إليها".

وتابع: "بعض التفكير في نوع الدور الذي نلعبه في تلك الذكريات ضروري لتحديد مدى أهمية أو مغزى تلك التجارب السابقة بالنسبة للظروف الحالية التي نعيشها“.

وفي معرض حديثه عن العلاقة بين الحنين إلى الماضي وشعور المكافأة، قال دكتور ماكدونالد: ”من المعروف أن المنبهات المُرضية تنشط مناطق الدماغ المرتبطة بالمكافأة، لذا فإنّ المشاعر الإيجابية المرتبطة بالحنين إلى الماضي تُعتبر محفزًا مُرضيًا".

وأضاف: "أظهرت العديد من الدراسات أن الحنين مرتبط بالتحفيز والبحث عن المكافآت، فمن المحتمل إذن أن ينشط الحنين مناطق الدماغ المرتبطة بمعالجة المكافأة".

أخبار ذات صلة
سلسلة دراسات: الحنين إلى الماضي يحسن الصحة النفسية

ويوصي الأطباء النفسيون حول العالم بعدم قمع الشعور بالحنين إلى الماضي أو الذكريات القديمة، واعتبار هذا الشعور جزءًا لا يتجزأ من الشخصية النفسية، وعملية طبيعية يمر بها الجميع دون استثناء، ولا داعي للشعور بالذنب اتجاهها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com