يسرائيل هيوم: منفذ عملية إطلاق النار استهدف سيارة لدورية شرطة عند شارع 4
عندما طرد من قريته في فلسطين من قبل الصهاينة قبل نحو 68 عاماً، كان الرسام الفلسطيني المعروف فاروق جلال طفلاً صغيراً لا يزيد عمره عن خمس سنوات. يومها قيل لفاروق والفلسطينين الآخرين إنهم سيعودون إلى ديارهم في غضون بضعة أشهر لكن فاروق الآن تجاوز السبعين من عمره ومازال ينتظر.
وعلى الرغم من بقائه أكثر من ستة عقود قضاها بعيداً عن قريته في شمال فلسطين والانتقال من مكان إلى آخر لاجئاً إلا أن ذلك لم يطمس ذاكرته حول طفولته وقرية ميرون الجميلة التي ترعرع فيها والأشجار والحقول وعناقيد العنب والتين وسنابل القمح الذهبية.
ولد فاروق وكنيته "أبو جلال" في قرية ميرون قرب مدينة صفد في منطقة الجليل شمال فلسطين وأجبر على ترك منزله هو وعائلته ومئات الآلاف من الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب عام 1948.
يقول فاروق "عندما اضطررت لمغادرة قريتي، كنت مجرد طفل فقط بضع سنوات من العمر ... ولكن حياة الطفولة وملامح قريتنا الجميلة وحقولها وجبالها وأوديتها وينابيعها لا تزال تطغى على ذاكرتي ولن أنساها في حياتي."
ويضيف :""بعد خروجنا من وطننا، اعتقدت أني سأعود إلى قريتي خلال أشهر قليلة أو سنة على الأكثر .... ولكن مرت السنة وسنوات أخرى وسنوات غيرها ولم يكن هناك عودة .... ولكن ذكرى الحقول الخضراء لا تزال قوية في عقلي وقلبي وعيني ... ما زلت أتذكر روعة وجمال الأرض والأشجار والجبال والوديان والفواكه المعلقة التي كانت تلمع في الشمس ... هذه الأرض والطبيعة و الثمار دائماً تشعل ذاكرتي وتحفزني للرسم أكثر وأكثر ... وهذا في الحقيقة يساعدني على إبقاء حلمي بالعودة حياً وقوياً لأن لون العنب في التلال والوديان والحقول المحيطة بقريتي لن يختفي أبداً من ذهني ... سوف تكون هذه الصور الجميلة دائماً أمام عيني حتى نعود للديار أو هي تعود إلينا في يوماً من الأيام".
ويعيش فاروق حالياً في ألمانيا وهو متزوج وله العديد من الأبناء والأحفاد ووالده جلال محمد عبداللطيف هو أول شهيد فلسطيني في لبنان حيث استشهد في بداية الستينات.
ونظم فاروق العديد من المعارض الفنية في لبنان وألمانيا ودول أخرى ومعظم لوحاته توضيح مشاعر الحنين والحب لمسقط رأسه وكان آخرها معرضاً إقامة في المستشفى في مدينة هامبورغ الألمانية وقد أثار الدهشة إذ أنه أنجز اللوحات من على فراش المرض وحضر المعرض عدد كبير من الفنانين ورجال الصحافة والتلفزيون وشخصيات مهمة والمهتمين بالفن في تلك المدينة.
وينظر فاروق إلى قريته على أنها "إحدى عرائس الجليل " نظراً لتلالها الخضراء والوديان الجميلة وشلالات المياه والمحاصيل الغنية في حقولها على الرغم من صغر مساحتها الجغرافية. كما أنها برزت قبل الاحتلال الصهيوني كمصدٌر رئيسي للتبغ للقدس ومدن فلسطينية أخرى.
و كانت تلك القرية التي أزيلت معظم معالمها الآن تتميز بصغر عدد سكانها إذ يتجاوز العدد 300 ولكنها مع ذلك كانت تعتبر غنية بالحاصيل الزراعية وكان معظم سكانها من الملاك الكبار.
وشملت المحاصيل التبغ والعنب والزيتون والقمح والتين والخيار والذرة البيضاء والبصل والطماطم وغيرها من الخضروات والفواكه والحبوب.
وكانت تستخدم أدوات ومعدات بدائية في عملية الزراعة والحراثة والري في حين كان فيها معصرة لعصر زيت الزيتون ومطحنه لطحن الذرة والقمح والشعير.
ويقول فاروق :"كانت ميرون واحدة من أكبر القرى المنتجة اللتبغ في فلسطين ... كان التبغ الموسم الزراعي الرئيسي في قريتنا وكان يستمر لأكثر من شهر خلال الصيف ... كانت النساء تقطف أوراق التبغ الخضراء التي كانت تغطي مناطق واسعة في ميرون بواسطة عصا خاصة و تأخذها للمنزل للتجفيف حيث كانت تستغرق عملية التجفيف ما يقرب من شهر بعدها وتصبح جاهزة للتقطيع والطحن... كان كل شيء في ميرون جميلاً رائعاً."