تونس.. 2015 يشهد فشل الإرهاب في مواجهة الفن والإبداع
تونس.. 2015 يشهد فشل الإرهاب في مواجهة الفن والإبداعتونس.. 2015 يشهد فشل الإرهاب في مواجهة الفن والإبداع

تونس.. 2015 يشهد فشل الإرهاب في مواجهة الفن والإبداع

إذا نجح الإرهاب خلال العام 2015 في استهداف القطاع السياحي في تونس، وبثّ الرعب في قلوب السياّح، فإنّه عجز عن التأثير على الفنّ والفنانين الذين حرصوا على إقامة مهرجاناتهم، ومواصلة إبداعاتهم، والفوز بالعديد من الجوائز التي زادت من حرصهم على محاربة الإرهاب بالثقافة.

وفي مقدمة الأحداث الثقافية خلال العام الجاري، نجحت تونس في تنظيم مهرجانات دولية في مختلف الفنون، في الموسيقى والمسرح والسينما، رغم المخاوف من استهداف الإرهابيين للمهرجانات.

الفنّ في وجه الإرهاب

تميزت الدورة 26 لأيام  قرطاج السينمائية، التي انتظمت من 21 إلى 28 نوفمبر الماضي، بأكثر من 1000 عرض لنحو 300 فيلم، في 12 مدينة داخل البلاد.

وأشار مدير أيام قرطاج السينمائية إبراهيم الطيف إلى مشاركة 58 دولة، بميزانية بلغت 2.4 مليون دينار.

وتمّ خلال الأيام السينمائية تكريم المخرج التونسي النوري بوزيد، والمخرج البرتغالي مانويل دي أوليفيرا، والمخرجة الجزائرية آسيا جبار.

وبرغم الإرهاب الذي استهدف، خلال فترة المهرجان، حافلة للأمن الرئاسي، غير بعيد عن مكان تنظيم المهرجان، وأعلنت تونس حالة الطوارئ، وكان الجميع، وأولهم مدير المهرجان، أنّ الأيام قد انتهت، ولكن الفنانين، عرباً و"توانسة"، والجمهور التونسي كذبوا ذلك، وأصرّ الجميع على مواصلة حضور الجمهور لمختلف العروض السينمائية، وكانت النقطة الفاصلة التي أكدت نجاح المهرجان.

"جوق العميان".. "يفتّح"

وبرغم الإرهاب وحالة الطوارئ، فقد تواصلت عروض المهرجان وسط متابعة كبيرة من محبّي الفنّ ورافضي "ثقافة الموت"، حتى الإعلان عن اختتام العرس السينمائي، وتتويج الفيلم المغربي"جوق العميان" لمحمد مفتكر، بالتانيت الذهبي، تلاه الفيلم الجنوب إفريقي "أندلس ريفر" وحصوله على التانيت الفضي، أما الفيلم التونسي "على حلّة عيني" لليلى بوزيد فقد فاز بالتانيت البرنزي.

أما الفيلم الحدث، والذي منع من العرض في المغرب، "الزين اللي فيك" للمخرج المغربي نبيل علوش، فقد فاز بجائزة لجنة التحكيم.

وآلت جائزة أفضل سيناريو لفيلم "رسالة إلى الملك" للعراقي هشام جمال وجائزة أفضل ممثل للجزائري عدنان جنّي، أما جائزة أفضل ممثلة فكانت من نصيب ميمونة ديارا، من بوركينا فاسو.

المسرح في كل مكان

تونس الخضراء، لم تقبل أبداً اللون الأحمر، ولذلك فقد تواصل الفن، وحبّ الحياة، ومن السينما إلى المسرح، وشهدت تونس تنظيم الدورة 17 لأيام قرطاج المسرحية من 16 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتضمن البرنامج 67 مسرحية تونسية منها 25 مسرحية للكهول و14 مسرحية موجهة للأطفال و6 عروض حكواتي و8 عروض رقص.

وتمّ اختيار عرض مشترك تونسي إيطالي يحمل عنوان "يوتوكيا المرحلة 32" أخرجه كل من أندريا باو لوتشي ومعز المرابط عن نص ثنائي لنيكولا بونادزي ورضا بوقديدة.

وشهد المهرجان عرض أكثر من 70 عمل تونسي، بينها 30 عملاً للكبار، و14 للأطفال، و8 أعمال مسرحية راقصة، و6 تندرج في مسرح الحكاية، و7 أعمال لمسرح الهواة، إضافة إلى 29 عمل عربي، و7 أعمال مسرحية قدمتها أوروبا ومثلها قدمتها أفريقيا.

وتمّ خلال الدورة التي شهدت مشاركة 24 دولة عربية وأفريقية وأوروبية،  تكريم فنانين تونسيين لمسيراتهم الفنية، على غرار فاطمة بن سعيدان وأحمد السنوسي.

الفنّ على مسرح قرطاج

لم تقتصر الأحداث الثقافية في تونس على أيام قرطاج المسرحية والسينمائية، بل شهدت مختلف جهات البلاد مهرجانات، وخاصة في فصل الصيف، توّجت بمهرجان قرطاج الدولي.

واحتضن المسرح الأثري بقرطاج فعاليات الدورة 51 لمهرجان قرطاج الدولي خلال الفترة من 11 يوليو إلى 18 أغسطس الماضي، حيث تمّ تكريم الفنانة عليّة في حفل الافتتاح، وشهدت الدورة مشاركة عديد الفنانين من بينهم لطفي بوشناق ووائل كفوري و لوري نهيل ومحمد عساف و بان لونكل سول و أنديلا من فرنسا ، وشارلي ونستون  ونتالي أمبرولها من بريطانيا وأستراليا، والتركي الأمريكي عمر فاروق والأمريكي أيكون ..وغيرهم .

فنّانون غادروا

شهد العام 2015  وفاة عدد من الفنانين والممثلين من بينهم الفنان المسرحي أحمد السنوسي، الذي تميّز مشواره الفني بالثراء والتنوع، ليصبح منذ سبعينيات القرن الماضي أحد أبرز رموز المسرح والسينما في تونس وخارجها، إذ شارك في عديد المسرحيات والأعمال السينمائية على غرار مسرحية "عطيل" وشريط "رسالة من سجنان" و"شمس الضباع" و"الأمير" و"فوسكة" إلى جانب عدد من الأعمال العربية والأوروبية.

وإلى جانب الفنان المسرحي أحمد السنوسي، فقد شهدت الساحة الفنية التونسية وفاة المخرج المسرحي عزالدين قنون بعد رحلة زاخرة بالأعمال ومساهمات فعالة أثرت التجربة المسرحية في بلاده وبلدان عربية وأفريقية.

ويعتبر قنّون أحد المبدعين البارزين في عالم الفن الرابع في تونس بفضل أعماله الفنية الناجحة، وقد أسّس فرقة "المسرح العضوي"، وكتب وأخرج عدداً من الأعمال المسرحية أبرزها "المصعد" عام 1994 و"طيور الليل" عام 1996 و"حب في الخريف" عام 1997 و"نواصي" عام 2000 و"ولنتكلم بصمت" عام 2003.

ومثّل في عدة أفلام تونسية أبرزها "شيشخان" لمحمود بن محمود وفاضل الجعايبي و"موسم الرجال" لمفيدة التلاتلي و"أوديسة" لإبراهيم باباي. ونال المسرحي التونسي الراحل العديد من الجوائز بالمهرجانات الدولية والوطنية، واختير عضواً في الكثير من اللجان الدولية.

وتوفّيت الفنانة الشعبية الأولى في تونس، فاطمة بوساحة، وهي التي تربعت على عرش الأغنية الشعبية في تونس منذ نحو ثلاثة عقود وظلت نجمة المهرجانات والأفراح.

وتمّ تكريمها في الدورة الأخيرة على مسرح قرطاج، حيث غنّت على كرسي متحرّك.

تتويج في دبي

ولأنّ الثقافة تظلّ العامل الأساسي لمحاربة الإرهاب، فقد تواصل تألّق الفن التونسي في أكثر من مناسبة، وبعد تتويج فيلم "على حلّة عيني" للمخرجة التونسية ليلى بوزيد، بالتانيت الفضي في أيام قرطاج السينمائية، وثلاث جوائز أخرى، عاد ليفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان دبي السينمائي في دورته الثانية عشرة من 09 إلى 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري، والذي تدور أحداثه في صيف 2010، قبل فترة وجيزة على اندلاع الثورة التونسية.

وشهدت دبي تتويج الممثل التونسي لطفي العبدلي بجائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم "شبابك الجنّة" للمخرج التونسي فارس نعناع.

.. ولأنّ المهرجانات لم تتوقف برغم استهدافها، ولأنّ الإبداع قد تواصل، والنجاحات تجاوزت المكان، فقد أكد الفعل الثقافي، من جديد، أنّه العدو اللدود للإرهاب،  وأن الإرهاب لن يصمد في مواجهة الفن والإبداع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com