كيف تهاوى الاقتصاد التركي في 2016 وماذا فعلت أنقرة للنهوض به مجددًا؟
كيف تهاوى الاقتصاد التركي في 2016 وماذا فعلت أنقرة للنهوض به مجددًا؟كيف تهاوى الاقتصاد التركي في 2016 وماذا فعلت أنقرة للنهوض به مجددًا؟

كيف تهاوى الاقتصاد التركي في 2016 وماذا فعلت أنقرة للنهوض به مجددًا؟

تلقى الاقتصاد التركي خلال العام 2016، سلسلة من الضربات الموجعة التي ساهمت في تراجعه ووضع العقبات أمام تطوره، عقب طفرة تنموية امتدت لأكثر من عقد، انتعشت خلالها مناطق مهملة وخلقت الحكومة خلالها بيئة استثمار آمنة.

واستمرت تبعات الحرب العرقية بين القوات الحكومية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني، منذ تموز/ يوليو 2015، لتمتد إلى العام الحالي، وتساهم في دمار الكثير من المرافق العامة والخاصة، وانهيار البنية التحتية، لمدن شرق تركيا، ذات الغالبية الكردية، التي باتت مسرحًا لحرب شوارع طويلة الأمد، في ظل انتشار واسع للمظاهر المسلحة والخنادق والمتاريس، ما أعاد للأذهان حقبة التسعينيات من القرن الماضي، التي شهدت ذروة الصراع حول القضية الكردية في تركيا.

وأثّر تغيير حزب العمال الكردستاني، من تكتيكاته، ونقل الحرب من القرى والجبال إلى الشوارع الرئيسة للمدن والبلدات، والقصف الكثيف من قبل الجيش التركي، في تردي الأوضاع الخدمية، وخلو مدن بكاملها من سكانها، وإغلاق ودمار لدوائر الدولة والمدارس والجامعات، والمنشآت الصناعية والتجارية، ما وضع الحكومة أمام تحديات بالغة الخطورة.

وطال الدمار معظم مدن شرق تركيا؛ كسور، ودياربكر، ونصيبين، ووان وغيرها، كما عانى الأهالي الذين حاصرتهم المعارك من نقص حاد في المواد الغذائية، والطبية ووقود التدفئة وانقطاع للماء والكهرباء.

وبعد الدمار الذي لحق البنية التحتية في مدن شرق تركيا، ارتفعت حدة الامتعاض من السياسات الحكومية التي تتبنى الحل العسكري، ما زاد من دعوات الإضراب والاحتجاجات والمطالبات بإقامة حكم ذاتي للأكراد في مناطقهم.

وتسبّبت الحرب في فشل مساعي الحكومة وخططها الرامية إلى إعادة الإعمار، والتي أطلقتها مطلع العام الجاري، عبر وعود بإنشاء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية شرق البلاد.

زيادة الضرائب

وبات هاجس زيادة رسوم الضرائب من الأمور المؤرقة للطبقات الفقيرة في تركيا، في ظل زيادة بلغت حوالي 36% مع دخول العام الحالي.

وشملت الزيادات في رسوم الضرائب مختلف القطاعات الخدمية في تركيا؛ من رسوم الكهرباء، إلى ضرائب التأمين على السيارات، وضرائب الكحوليات والسجائر، ودورات تعليم القيادة، بالإضافة إلى الضرائب المفروضة على الجسور والطرق البرية السريعة.

وأثارت الزيادة في الضرائب حفيظة المواطنين الأتراك من ذوي الدخل المحدود، في ظل الانتقادات التي وجهتها جمعيات حماية المستهلك للسياسيات الاقتصادية الرسمية، ليشهد الاقتصاد التركي اتساعًا في الفجوة بين الفقراء والأغنياء، ما جعل حكومة حزب العدالة والتنمية، عرضة للانتقادات من قبل معارِضين ارتفعت أصواتهم في الآونة الأخيرة للتحذير من ارتفاع نسبة الفقر.

ورغم الوعود الانتخابية التي قدمها الحزب الحاكم بتحسين أوضاع الفقراء، وزيادة الأجور في 3 كانون الثاني/ يناير الماضي، إلا أن الزيادة الجديدة في الضرائب، محت الأثر الإيجابي لزيادة الحد الأدنى من الأجور، في ظل عجز الحكومة عن التصدي للأزمات التي تعصف بالاقتصاد التركي، وعدم استقرار الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي.

وعانت الليرة التركية خلال العام 2016، من انخفاض كبير أمام الدولار، ليصل تبادل العملة المحلية بحوالي 3.7 ليرة للدولار الواحد، في ظل تناقض التصريحات حول أسباب هبوطها، والبحث عن حلول من شأنها إنقاذها.

تبعات الانقلاب وعقوبات روسيا

وجاءت المحاولة الانقلابية الفاشلة، منتصف تموز/ يوليو الماضي، وما أعقبها من فرض حالة الطوارئ، والإمعان في حملة التطهير ضد المعارضين المتهمين بالوقوف وراء الانقلاب، التي طالت مئات الآلاف من العسكريين والقضاة والموظفين والإعلاميين، لتساهم في إبطاء عجلة الاقتصاد التركي، وتزرع القلق لدى الكثير من المستثمرين المحليين والأجانب، ما تسبب في انعكاس ذلك القلق على العملة المحلية، وتراجع فرص العمل، وارتفاع نسبة البطالة لتصل إلى حوالي 12%.

وامتدت تبعات العقوبات الاقتصادية الروسية، إلى العام الحالي، بعد أن فرضتها موسكو، على خلفية إسقاط تركيا لمقاتلة روسية؛ قالت إنها اخترقت أجواءها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015؛ إذ منعت روسيا استيراد المواد الغذائية من تركيا، وأوقفت التبادل التجاري، وهددت بوقف إمداد تركيا بالغاز الطبيعي.

ولم تقتصر العقوبات الروسية على فرض القيود على المعاملات المالية والتجارة الخارجية، وتغيير الضرائب الجمركية، بل امتدت لتصل إلى اتخاذ تدابير حازمة في مجالي السياحة والنقل، ما تسبب في إيقاف وصول السياح الروس إلى تركيا.

التفجيرات وتأثيراتها

وتُعد تركيا من أكثر الوجهات السياحية تضررًا على مستوى العالم جرّاء العمليات الإرهابية، وفقًا لأرقام الحجز المسبق لرحلات الطيران عالميًا.

وعاني القطاع المنهك، خلال العام الحالي، من تدهور كبير على خلفية هجمات "إرهابية" تسببت في تراجع إقبال السياح الأجانب، واستمرار انخفاض الرحلات السياحية إلى البلاد.

وسبق أن توقعت تقارير اقتصادية انخفاض حجز رحلات الطيران إلى تركيا، بنسبة 52% حتى نهاية العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، على وقع غموض المشهد السياسي، وتوتر الأوضاع الأمنية، وسلسلة العمليات الإرهابية.

استهداف السياح

وتسبب التفجير الدامي في ميدان السلطان أحمد، في قلب اسطنبول، كبرى المدن التركية، يوم 12 كانون الثاني/ يناير الماضي، الذي حمل بصمات تنظيم "داعش" المتشدد، وأسفر عن مصرع 10 أشخاص وإصابة 15 آخرين؛ غالبيتهم من السياح الأجانب، في توجيه ضربة موجعة لقطاع السياحة التركي.

في حين تبنى تنظيم "داعش" يوم 19 آذار/ مارس الماضي، هجومًا انتحاريًا، استهدف مجموعة سياحية في شارع الاستقلال الشهير، وسط اسطنبول، مخلفًا 4 قتلى و36 مصابًا، ما وجه ضربة جديدة للسياحة.

وسبق أن تعرض القطاع - الذي يُعدّ من أكبر قطاعات الاقتصاد التركي من حيث الإيرادات - لخسائر موجعة، كانعكاس للتضرر العام لاقتصاد البلاد على خلفية تصاعد العنف وتجدد الصراع العرقي.

وتأثرت السياحة الدينية في مناطق شرق وجنوب شرق البلاد، التي تضم بعض أقدم الكنائس والأديرة المشرقية؛ أبرزها دير "مار قرياقس"، ودير "مار أفغين"، وكنيسة "هاه"، بعد أن كانت مقصدًا للكثير من السياح المسيحيين، بالإضافة للآثار الإسلامية المنتشرة في عموم البلاد؛ ومنها "مقام وبحيرة النبي إبراهيم" عليه السلام في أورفا، جرّاء الحرب على حزب العمال الكردستاني.

بارقة أمل 

وبعد شهور من مقاطعة تركيا، عاد السياح الروس لاختيار مناطقها السياحية كوجهة مفضلة للاستجمام، على خلفية تطبيع العلاقات بين أنقرة وموسكو، منذ حزيران/ يونيو الماضي.

وساهم تطبيع العلاقات في الإفراج عن بعض المنتجات الزراعية التركية كان يُحظر استيرادها، بالإضافة إلى استئناف إمداد تركيا بالغاز الروسي.

وأدت العزلة التي عانت منها تركيا إلى إعادة فتح القنوات مع الكثير من الخصوم السابقين، ما تجلى عبر إعادة العلاقات مع إسرائيل، والتوقيع على اتفاقيات تجارية، تسمح باستيراد الغاز الطبيعي من حكومة الكيان الإسرائيلي.

غضب الخليجيين

وسعت الحكومة التركية، خلال العام 2016، إلى تحييد الخلافات مع دول مجلس التعاون الخليجي، بعد أعوام من التوتر الناتج عن اختلاف التوجهات السياسية، ليُترجَم التقارب عبر سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية.

وتسعى أنقرة إلى الارتقاء بمستوى التبادل التجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي، للوصول إلى اتفاقيّات تجارة حرّة، وتعزيز الفرص الاستثمارية المتبادلة، والإعلان عن حزمة من الحوافز والتسهيلات للمستثمرين الخليجيين، قبيل نهاية العام الجاري، لتعزيز استثماراتهم في الأراضي التركية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com