"شاحنة نيس" تقود درّة السياحة الفرنسية إلى غرفة الإنعاش
"شاحنة نيس" تقود درّة السياحة الفرنسية إلى غرفة الإنعاش"شاحنة نيس" تقود درّة السياحة الفرنسية إلى غرفة الإنعاش

"شاحنة نيس" تقود درّة السياحة الفرنسية إلى غرفة الإنعاش

في ذروة الموسم السياحي الصيفي في جنوب فرنسا، جاء هجوم نيس الدامي ليوجه ضربة موجعة للسياحة في هذا البلد الأوروبي الذي يعد الوجهة المفضلة للسياح في العالم.

وعندما نتحدث عن فرنسا ومدنها ومعالمها السياحية، فإننا بالتأكيد نتحدث عن الجمال وسحر الطبيعة الممتزجة بفنون المطاعم والمقاهي ودور الأوبرا المنتشرة في طول البلاد وعرضها.

وليس غريبا على عاصمة الأناقة والجمال أن تتربع على عرش السياحة العالمية وتكون المقصد السياحي الأكثر شعبية في العالم، حيث يشكل الدخل السياحي فيها نحو 20% من إجمالي الدخول الوطنية، وتحتوي 37 موقعًا مدرجًا في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، مع سحر خاص تمتاز به مدنها ابتداء بباريس وتولوز وبوردو وليس انتهاء بمدينة ليون وغيرها من أقطاب السياحة البيئية في العالم.

جاذبية السياحة الفرنسية لم تشفع لها من الإرهاب، بل شكّلت جاذبًا مناقضًا للجمال وأصبحت معها درّة السياحة الأوربية مقصدًا للعديد من الهجمات الأوروبية كان أشهرها هجمات نوفمبر العام 2015، والتي خلّفت مئات الضحايا بين قتيل وجريح، كذلك هجوم مدينة نيس، أمس الجمعة، والذي خلّف نحو 84 قتيلا وعشرات الجرحى.

مدينة نيس

وتعتبر مدينة نيس الملقبة ملكة الريفيرا، أحد أشهر مدن فرنسا السياحية، حيث يزورها ملايين السياح كل عام، وتتميز بجمال شواطئها ومصايفها الخلابة، وعلى احتوائها العديد من المتاحف والقصور الأثرية، وتتمتع بموقع جذاب وسط الريفيرا الفرنسية مما  جذب أنظار العالم أجمع لها ، كما سيطرت نيس على الساحل الشرقي الجنوبي لفرنسا على البحر الأبيض المتوسط ، ونيس هي ثاني أكبر مدينة فرنسية على ساحل البحر المتوسط وثاني أكبر مدينة في منطقة بروفانس ألب كوت دازور بعد مرسيليا ويطلق على مدينة نيس لابيل بمعنى الجميلة بين أقرانها.

وتضم كذلك مدينة نيس مركزًا للبحوث في الصناعة والعلوم والتكنولوجيا المتقدمة، مما جعلها مقصدًا علميًا إضافة إلى جمالها السياحي.

الأثر العالمي

ونعود بالذاكرة مرة أخرى إلى هجمات نوفمبر العام الماضي وأثرها على الاقتصاد العالمي، فعلى سبيل المثال لا الحصر هبطت أسعار الأسهم والنفط على المستوى العالمي بعد تلك الهجمات، وانخفض خام برنت في العقود الآجلة 85 سنتًا للبرميل ليسجل 43,71 دولار، وتراجع الخام الأمريكي في عقود أقرب استحقاق 80 سنتًا إلى 41 دولارًا. 

كذلك تأثرت الحركة التجارية بين مدن فرنسا والمدن الأوروبية الأخرى، وانتكست الأرباح التجارية ليس فقط للموانئ الفرنسية بل أيضا الموانئ الأوروبية وخاصة القريبة من فرنسا.

السياحة أولى ضحايا الإرهاب

ومما لاريب فيه أن السياحة الفرنسية ومن خلفها الأوروبية كانت الضحية الأولى لهجمات نوفمبر، وستكون كذلك عقب هجمات نيس، خاصة أن أهداف الإرهاب لا تقتصر فقط على إيقاع كم معين من الضحايا بل تتعدى إلى تعمد إحداث أضرار تشل معها السياحة والتجارة إلى أمد ليس بالقليل.

وأوردت تقارير صحفية نشرت إبان هجمات نوفمبر والتي شملت إطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن، إلغاء أكثر من 85% من أعمال متعهدي الحفلات في مواسم أعياد الميلاد، وتراجع عمل المطاعم بنسبة 80%.

وقال ديديه لوكالفيز مدير فندق البريستول الشهير على موقع اقتصادي فرنسي، إن "30% من حجوزات الفندق ألغيت أو أجّلت خلال شهرين" بعد هجمات نوفمبر.

كذلك ألغت الخطوط الجوية التايوانية نحو ثلاثمائة حجز إلى باريس عقب هجمات نوفمبر، مع إلغاء الخطوط الأخرى عشرات الحجوزات المماثلة استجابة لنداء كثير من الدول لرعاياها بعدم السفر إلى فرنسا.

ما بعد نيس

ويتوقع أن تتجه أسهم الشركات السياحية والفندقية مجددًا نحو الانخفاض الشديد، عقب هجمات نيس، في ذروة موسم السياحة الفرنسية، وسيعمد الكثير من السائحين إلى تغيير خططهم السياحية من فرنسا إلى وجهة أخرى أكثر أمنًا بنظرهم.

وأوردت وكالة الأنباء رويترز مسحًا لبعض الشركات السياحية الأوروبية عقب هجوم نيس، حيث هبطت أسهم تلك الشركات اليوم الجمعة لتضغط على أسواق الأسهم في المنطقة.

وانخفض مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 0.15% إلى 1335.71 نقطة بينما تراجع مؤشر ستوكس 600 الأوسع نطاقا 0.2% متضررا من هبوط أسهم قطاع السياحة والترفيه بنحو 1.2%.

وهبط سهم أكور الفرنسية أكبر مجموعة فندقية في أوروبا 3% في حين انخفضت أسهم شركات للطيران والسياحة مثل اير فرانس وإيزي جيت وتوماس كوك في نطاق من 1.6 إلى 4.2%.

ومن بين المؤشرات الرئيسية الأخرى انخفض مؤشر كاك القياسي للأسهم الفرنسية 0.3%.

نفور سياحي

ولا يمكن توجيه اللوم للسائحين الراغبين بتعديل أماكن اصطيافهم عقب هجمات نيس، فلا تستقيم سياحة مع إجراءات أمنية غير مسبوقة ستعيشها مدينة نيس ومدن فرنسا الأخرى بدون أدنى شك، ولا يمكن أن يجتمع الشعور بالراحة والاستجمام مع الشعور بالخوف والتردد وانعدام الثقة، وبالتالي يتوجب على الحكومة الفرنسية أن تجد مخارج لها من تبعات هجوم نيس على كافة الأصعدة ومنها القطاع السياحي، وتستفيد من تجربة هجمات نوفمبر 2015، وتمكن الحكومة الفرنسية في ذاك الوقت من استيعاب الصدمة خلال مدة وجيزة، وأعادت الثقة إلى السائح وكذلك المستثمر الراغب بحط ترحاله في فرنسا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com