موجة نزوح جماعية لليبيين تشعل أسعار إيجارات المنازل بمدن تونس الحدودية‎
موجة نزوح جماعية لليبيين تشعل أسعار إيجارات المنازل بمدن تونس الحدودية‎موجة نزوح جماعية لليبيين تشعل أسعار إيجارات المنازل بمدن تونس الحدودية‎

موجة نزوح جماعية لليبيين تشعل أسعار إيجارات المنازل بمدن تونس الحدودية‎

تشهد مدن تونس الحدودية مع ليبيا تدفّق آلاف الليبيين الفارّين من حمّى المعارك المسلحة المتواصلة منذ أسابيع في العاصمة الليبية، طرابلس، ما أسفر عن ارتفاع غير مسبوق في أسعار إيجارات المنازل بهذه المدن.

ومنذ بدء العملية العسكرية التي أطلقها الجيش الليبي، في الرابع من نيسان/ أبريل الماضي، بطرابلس، توافد آلاف النازحين هربًا من جحيم الحرب، حيث قدّر مراقبون للشأن الليبي أعدادهم بالآلاف.

هجرة جماعية

وقال الباحث الليبي أحمد الذيب، لـ "إرم نيوز"، إنّ تطوّر الوضع الأمني في ليبيا أدّى إلى هجرة آلاف العائلات بأكملها، خصوصًا في المناطق التي تستعر فيها المعارك وتشهد توترًا أمنيًا أكثر من غيرها، مشيرًا إلى أنّ المقصد بالنسبة إلى أغلب المهاجرين هي المدن الحدودية التونسية، وخصوصًا بن قردان، وجرجيس، وجربة، ومدنين، ورمادة ومارث، وغيرها.

وأوضح الذيب أنّ هذا التدفق خلق حالة من الارتباك على مستوى "سوق إيجارات المنازل" بهذه المدن، حيث شهدت أسعار الإيجار ارتفاعًا لافتًا، ففي مدينة جرجيس مثلًا كان سعر إيجار البيوت في حدود 30 دينارًا تونسيًا (حوالي 10 دولارات) في اليوم الواحد، ليتضاعف في الأسابيع الأخيرة إلى 60 دينارًا (حوالي 20 دولارًا) أمّا في محافظة مدنين فلا يختلف الأمر كثيرًا سوى في الأرقام، فالبيوت التي يتم إيجارها في السابق بنحو 50 دينارًا لليوم الواحد تضاعفت اليوم و قفزت إلى 100 دينار (حوالي 33 دولارًا).

كابوس حقيقي

وشكّل موضوع الإيجار بالنسبة إلى الليبيين الفارين من المعارك المشتعلة في طرابلس، كابوسًا حقيقيًا، بينما تحدّث بعض أهالي مدينة بن قردان الحدودية لـ "إرم نيوز" عن تعايشهم مع هذا الوضع الصعب.

وقال خليفة الحداد، وهو مواطن يقيم في بن قردان، إن توافد الليبيين على مدينتهم ليس أمرًا جديدًا، بل هو عادة ألفها الطرفان منذ سنوات طويلة، غير أنّ الأمر اليوم مختلف تمامًا والغايات التي تدفع الليبيين إلى التوافد على هذه المدينة مختلفة، ففي السابق كان التبادل التجاري غير النظامي هو الدافع الأساسي أما اليوم فالهاجس أمني بالأساس، والأشقاء الليبيون يلجأون إلى المناطق الحدودية، بحثًا عن الأمان إلى حين تجاوز محنة بلدهم".

وأوضح خليفة الحدّاد، أنّ هناك فعلًا ارتفاعًا واضحًا في أسعار الإيجارات، مشيرًا إلى أنّ "الليبيين مرحب بهم وهم أشقاؤنا، ولكن كثرة العدد هي التي خلقت عدم التوازن الحاصل اليوم، وهي التي تدفع مالكي هذه البيوت المعدّة للإيجار إلى رفع الأسعار بالنظر إلى الإقبال الكبير عليها".

ويقدّر ناشطون في المجتمع المدني بمدن الجنوب التونسي، عدد البيوت التي تم إيجارها بعد موجة النزوح الأخيرة بنحو 700 بيت موزعة على المدن المذكورة آنفًا.

وأشار ماهر العكاري، وهو عضو بإحدى الجمعيات الناشطة بمدينة جرجيس، جنوب البلاد، إلى أنّه بالإضافة إلى الوافدين الذين يستأجرون بيوتًا لفترات طويلة نسبيًا هناك ظاهرة الإيجار العرضي ليوم أو يومين أو ثلاثة أو أسبوع، مؤكّدًا أنّ المدة باختلاف غرض الزيارة والمنطقة التي قدم منها الوافدون ومدى استقرار الوضع ومن ثمة يتم تحديد مدة الإقامة وموعد المغادرة.

ولا تفرض السلطات التونسية على الليبيين تأشيرة الدخول إلى أراضيها، خلافًا لدول عربية أخرى، خصوصًا عقب ثورة 2011، ولا توجد أرقام رسمية دقيقة عن عدد الليبيين في تونس، بينما يرى الباحث في الشأن الليبي رافع الطبيب أن العدد الإجمالي لليبيين المقيمين في تونس، يقدّر بمئات الآلاف ، معتبرًا أنّ بينهم، أكثر من 100 ألف ليبي غير مسجّلين لدى السلطات الليبية، ولم يشملهم الإحصاء، ولعلّ الإشكال في تضارب هذه الأرقام يكمن- برأيه- في التداخل بين المقيمين وجزء مهم من الليبيين المتنقّلين باستمرار والذين يزورون تونس لفترات قصيرة قد لا تتجاوز الشهر، لذلك يبقى تعداد الليبيين المقيمين في تونس إقامة كاملة غير مدقّق" وفق تأكيده.

ولا تخضع أسعار إيجارات المنازل في تونس إلى قانون يحدّد سقفها حسب المدينة أو البلدة الذي توجد فيه تلك المحلات المعدّة للإيجار أو حسب مواصفاتها، بل تبقى المسألة تقريبية وبيد المالكين الذين يبالغون أحيانًا في الرفع من الأسعار حدّ الشطط، مستغلين بذلك الحاجة الملحة للوافدين لمكان يأويهم.

وبالإضافة إلى أسعار الإيجار خلّف تدفق آلاف الليبيين إلى المدن الحدودية التونسية تداعيات اقتصادية من خلال النقص المسجل في بعض المواد الغذائية كالحليب والسكر والعجين الغذائي فضلًا عن النقص في الأدوية، ومن المرجح أن تقضي معظم العائلات الليبية القادمة إلى تونس ما بقي من شهر رمضان على الأقل في تونس، بالنظر إلى التوتر الأمني ونقص المواد الغذائية والطبية في المدن الليبية التي تشهد اشتباكات وعمليات عسكرية.

واعتبر متابعون للمشهد الليبي أنّ استمرار المعارك الحالية وعدم وضوح الرؤية بشأن الحسم فيها ومستقبل البلاد بعدها عوامل تجعل فرضية توافد المزيد من الليبيين على المدن الحدودية التونسية أمرًا واردًا جدًا، وبالتالي استمرار أزمة السكن ومزيد من ارتفاع أسعار إيجارات المنازل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com