تقرير: السوريون يصارعون التضخم والفقر وسط انهيار الاقتصاد
تقرير: السوريون يصارعون التضخم والفقر وسط انهيار الاقتصادتقرير: السوريون يصارعون التضخم والفقر وسط انهيار الاقتصاد

تقرير: السوريون يصارعون التضخم والفقر وسط انهيار الاقتصاد

قدمت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تقييما للمرحلة التي يمر بها الاقتصاد السوري بعد حوالي 7 سنوات على أزمة أصابت القطاعات كافة  في البلاد.

وبينما كان الاقتصاد السوري في حالة نمو جيدة نسبياً قبيل اندلاع الأزمة، فهو الآن يواجه أصعب مراحل السيولة والتضخم والفقر أمام تحديات التنمية وإعادة الإعمار.

ووفقا لما أشارت إليه الصحيفة فإن اقتصاد سوريا في حالة يرثى لها بعد أكثر من 6  سنوات من الحرب، حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلك أكثر من 500% بين العامين 2010 و 2016، كما أسفر الهبوط الحاد في النشاط الاقتصادي عن فقدان  ما لا يقل عن 2 مليون شخص لوظائفهم، هذا في حين يتلقى ملايين السوريين المعونات الغذائية.

وبعد أن أدخلت الحكومة السورية مؤخراً الورقة المالية بقيمة 2000، وهي أكبر ورقة مالية تم إصدارها، وعممت على الإنترنت بطريقة ساخرة كعملة فقدت 90% من قيمتها على مدى أكثر من ست سنوات من الحرب المستمرة.

ويأتي إصدار هذه الورقة المالية والتي تبلغ قيمتها أقل من 4 دولارات، في حين أن الاقتصاد في سوريا في حالة صعبة، يصارع التضخم بسبب الحرب، والإنتاج المفقود والفقر الواسع النطاق الذي يمكن أن يهدد الاستقرار حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

تضخم تاريخي

ووفقاً لخبراء الاقتصاد السوري والتقارير الإخبارية المحلية التي استشهدت بـ "المكتب المركزي الحكومي للإحصاء"، فقد ارتفع مؤشر الأسعار الاستهلاكية في سوريا أكثر من 500% بين عامي 2010 و 2016.

ولم يتماش الدخل الفردي مع هذا الارتفاع، حيث بلغ متوسط راتب الموظف المدني  200 دولار في الشهر قبل النزاع، والآن، حتى مع هذا الارتفاع يصل الراتب إلى أقل من 60 دولارًا بسبب انخفاض العملة.

ويقدر البنك الدولي بأن الناتج المحلي الإجمالي في سوريا قد انخفض بمقدار أكثر من النصف في العقد الحالي، ونتج عن هذا الانخفاض الحاد في النشاط الاقتصادي فقدان مالا يقل عن 2 مليون شخص لوظائفهم، إضافة إلى أن حوالي 60% من السوريين غير قادرين على شراء المواد الغذائية والمواد الأساسية.

ويقول ديفيد باتر، المحلل الاقتصادي لدى مؤسسة تشاتام هاوس البحثية البريطانية (المعروفة أيضا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)  "إن الوضع الاقتصادي في سوريا سيكون أشبه بالكابوس لفترة طويلة قادمة".

التقسيم وانهيار العملة

وعلى أرض الواقع فقد تم تقسيم سوريا بسبب القتال، بين النظام السوري للرئيس بشار الأسد، والمعارضة المسلحة والأكراد المدعومين من الولايات المتحدة، وتنظيم داعش المتشدد وجميعها تتحكم في أجزاء متفاوتة من البلاد.

ولكن الاقتصاد المتعثر امتد إلى كافة المناطق، فيما غيرت الحرب سلوك المستهلك، وتراجعت الإعانات المقدمة للمواطنين للمحروقات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، مما دفع المزيد من السوريين من الطبقة المتوسطة، وحتى النساء، لركوب الدراجات، وهذا كان أمرًا نادرًا ما قبل الحرب، إضافة إلى ازدياد أعداد المتسولين، ومعظمهم من الأطفال، في الشوارع وحتى حول نقاط التفتيش العسكرية حيث تتوقف المركبات.

وفي بعض أجزاء البلاد، اختفى مهر الزواج، الذي يدفع للعروس حيث يقدم بعض العرسان الليرة السورية،  كبادرة رمزية للعرائس بحسب الصحيفة.

من جهته، قال جهاد يازجي، محرر منشورات التجارة الاقتصادية في "التقرير السوري" من مقره في بيروت "لقد تم تدمير نسيج المجتمع في سوريا".

وقد ازدهرت أسواق السلع المستخدمة، التي كان يعتبرها العديد من السوريين نوعًا من "العار".

وقال خالد النجار الذي يملك متجرًا لبيع السيارات المستعملة في الأراضي التي تسيطرعليها المعارضة شمال غرب سوريا "لا يوجد أمان في سوريا لذلك لا يوجد سبب لشراء شيء جديد سيتعرض للتدمير!".

الدولار جريمة

وحظر النظام استخدام العملات الأجنبية في العام 2013، ولكن هذا لم يمنع الناس من ممارسة الأعمال التجارية بالدولار بسبب عدم استقرار الليرة السورية.

ويطلب بعض الملاك بدل الإيجار بالدولار، حتى في قلب المناطق الخاضعة لجهاز الأمن التابع للنظام، وحتى "الرشاوى" للإفراج عن الأشخاص المحتجزين تدفع أحيانًا بالدولار الأمريكي، وفقًا للعائلات الذين دفعوها.

ويمكن أن يؤدي التفوه بكلمة "الدولار" في الأماكن العامة إلى الوقوع في مشكلة، ويستخدم السوريون شيفرة للتعبير عن الدولار بعبارة مثل "الأخضر".

ومع الاعتماد على القطع الكبيرة من العملة السورية، لا يبالي الكثيرون بالقطع النقدية، وبدلًا من إعطاء قطعة النقد بقيمة 15 ليرة، قد يقوم صيدلي بإعطاء حبوب منع الحمل إضافية بدلًا من ذلك وفي البقالة، قد تأتي بقية النقود المعدنية على شكل قطعة بسكويت.

الجميع متضررون

وأعرب مؤيدو الحكومة عن قلقهم حيث حذر علي سطوف مشرع من مدينة حلب، التي استعاد النظام التحكم الكامل بها في كانون الأول/ديسمبر، الشهر الماضي، من "إمكانية قيام مجموعة أو مجموعات من المواطنين بالاحتجاج على الجوع أو الخوف من الجوع" وفقًا لوسائل الإعلام الموالية للنظام، ودعا لاتخاذ إجراءات للتخفيف من وطأة التضخم على السوريين.

ويعتمد الاقتصاد السوري حاليًا على المساعدات الخارجية، بما في ذلك القمح من روسيا والوقود من إيران، وكلا البلدين هما حليفان رئيسيان لنظام الأسد.

 ويعتمد الأفراد السوريون أيضًا على مساعدات من الخارج، حيث يتلقى السوريون العديد من التحويلات من أفراد الأسر الذين يعيشون في أماكن خارج سوريا.

ووفقًا للبنك الدولي فإن ما بين 4 ملايين و 5 ملايين سوري يتلقون مساعدات غذائية من "برنامج الأغذية العالمي" كل شهر،  ومليون أو أكثر يتلقون مساعدات غذائية أخرى، وينتهي الأمر بالعديد من الذين يتلقون المساعدات الغذائية إلى بيع البعض منه لشراء الضروريات الأخرى.

وفي حلب، يعيش السكان مع قطع التيار الكهربائي لعدة أشهر بعد أن هدأت المعارك في المدينة، وبعض الذين يحصلون على اللحوم كمساعدات غذائية يحاولون بيعه في الشوارع لأنهم غير قادرين على تبريده أو طهي الطعام في المنزل ويأملون بكسب بعض المال قبل أن يفسد، وفقا لمقيمين سابقين على اتصال مع أشخاص في المدينة.

من جانبه ، قال ملحم الجزمتي ، باحث في "المنتدى الاقتصادي السوري" في مركز الفكر السوري بمقره في تركيا، : "الناس واقعون بين كماشة الحرب وكماشة الوضع الاقتصادي المتردي"، لأن العملة الجديدة بقيمة 2000، أول ورقة نقدية تحمل صورة بشار الأسد، أدخلت هذا الشهر بعد فترة عندما كان سعر الصرف ثابتًا نسبيًا لمدة أشهر.

وقال دريد ضرغام، حاكم المصرف المركزي السوري في شريط فيديو نشرته على الإنترنت هذا الشهر وسائل الإعلام الموالية للنظام "لقد انتظرنا حتى تأكد الناس من أن الوضع أصبح هادئًا ومستقرًا" وأضاف: "بأن الأسعار لم تعد ترتفع كما في السابق".

وفي الأيام التي تلت طرح الحكومة للورقة النقدية الجديدة، فقدت الليرة السورية حوالي 5% من قيمتها بسبب قلق الناس من ارتفاع معدل التضخم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com