هوامير البورصات الخليجية يتحولون لدلافين وديعة
هوامير البورصات الخليجية يتحولون لدلافين وديعةهوامير البورصات الخليجية يتحولون لدلافين وديعة

هوامير البورصات الخليجية يتحولون لدلافين وديعة

تعتمد هيئات الأسواق المالية في دول الخليج (البورصات) على الكثير من الإجراءات التي فرضتها تباعاً خلال سنوات عملها، لتعزيز الشفافية في تداول أسهم الشركات المدرجة وتحقيق العدالة بين المستثمرين، لكن أحدث التقارير الصادرة عن أداء تلك البورصات، تؤكد أنّ هوامير البورصات ما زالوا يتحكمون بها بشكل كبير.

ويطلق العاملون في أسواق المال الخليجية، لقب "الهوامير" ومفرده "هامور"، على المضاربين في البورصات، تشبيهاً لهم بسمك "الهامور" الكبير الذي يأكل السمك الصغير، وهم في عالم البورصات الخليجية صغار المستثمرين في تلك البورصات والذي يحملون أيضاً اسم "السردين".

 ويقول كثير من المحللين الماليين، إن الإجراءات التي اتخذتها إدارات البورصات لوضع حد للتلاعب الذي يقوم به الهوامير وما يتسببون به من خسائر لصغار المستثمرين والتأثير على حركة الأسواق المالية، لم تؤتِ ثمارها بالشكل المطلوب.

 ويرى عدد منهم أن تلك الإجراءات وإن كانت قد نجحت في إخراج عدد من الهوامير من البورصات الخليجية، وأدانت بعضهم أمام القضاء بتهم مخالفة قوانين البورصات، فإنّ نوعاً آخر من الهوامير قد ظهر في تلك البورصات، ويعمل بشكل قانوني تحت مسمى صناع السوق الكبار.

ويثير الترابط الوثيق بين البورصات الخليجية وتأثرها ببعضها بشكل ملفت للنظر خلال جلسات التداول، تساؤلاً لدى المتخصصين حول مدى دور الهوامير أو صناع السوق الكبار في هذا الترابط، وقدرتهم الكبيرة على التحكم بالأسواق مجتمعة.

وتجمع كثير من التحليلات حول بورصات الخليج أن الترابط الوثيق بينها لا يرتبط فقط بكون دول الخليج من أكبر اقتصاديات المنطقة، وإنما بسبب قدرة الهوامير على التلاعب في أداء تلك البورصات بوقت واحد لدرجة أنه "إذا أصيبت البورصة السعودية بالبرد عطست كل البورصات الخليجية الأخرى".

أشهر أساليب الهوامير

يقوم الهوامير من خلال امتلاكهم لرساميل كبيرة في شركات كبرى مدرجة في البورصات، ببعض النشاطات اليومية التي تحمل بين طياتها الكثير من الضرر على الأداء الفعلي للأسواق وتضر صغار المستثمرين، إلا أنها من وجهة نظر القانون تعتبر قانونية ولا تتم محاسبة مرتكبيها.

ومن الطرق المتبعة منها ما هو قديم متوارث أو كلاسيكي، ومنها ما يعتمد على تقنيات العصر الحديث، خاصة التقدم الكبير لوسائل الإعلام وانتشار المواقع الإلكترونية المختصة بالتداول ومنتديات الأسهم التي تلعب دورها هي الأخرى بالتحكم بمجريات الأسواق.

ويقوم الهوامير على سبيل المثال بالتلاعب في نقل المعلومات عبر بعض وسائل الإعلام، من خلال شريط الأسعار الخاص بالأسهم الذي يعرض على القنوات الفضائية، والمواقع الالكترونية، إذ يقوم البعض بالاتفاق على محاولة تثبيت سعر رخيص للسهم بعيداً عن السعر الفعلي، حتى إذا شاهده صغار المستثمرين ومحدودو المعلومات ينخدعون به سواء فعلياً بالجلسة أو عبر شاشات الفضائيات، والوسائل المختلفة، ومن ثم يتم البيع بأسعار منخفضة خوفاً من انخفاض قيمة السهم.

وتتكرر العملية مع نهاية الجلسة حيث يقوم الهوامير بمحاولة تثبيت سعر رخيص لبداية الجلسة القادمة، حتى يقع في شراكهم صغار المستثمرين ومحدودو المعلومات، حيث يشاهدون سعر الإغلاق على أغلب الفضائيات والمواقع فيقومون بالبيع لتخفيض الأسعار.

كما يقوم الهوامير باتباع أسلوب تسريب المعلومات وإخفائها، وما يجعل مهمة الهوامير سهلة معتمدين على ضعف الثقافة المالية لدى صغار المتعاملين الذين ينقادون وراء الإشاعات والأخبار غير الموثوقة، فيبيعون ويشترون ويهربون من السوق مع كل إشاعة يتم التداول بها.

وهنا يعمد الهوامير إلى تسريب معلومة إلى أحد المنتديات أو إحدى وسائل الإعلام فيرتفع معه سعر سهم معين فيتم البيع وتحقيق الأرباح، أو يتم تداول إشاعة مغلوطة فيهوي سعر السهم فيتم الشراء بسعر متدن.

ومن أسالب الهوامير في التحكم بالبورصات، فتح حسابات متعددة للتداول، حيث يعد هذا الأسلوب من أساليب الاحتكار الذي يصب مباشرة ضد مصلحة المستثمرين الصغار في البورصة، وبالتالي يحقق أرباحاً كبيرة للهوامير، حيث يمكنهم هذا الأسلوب من التحكم في العرض داخل سوق المال، بطريقة قانونية لاغبار عليها.

ويوجد أيضاً أسلوب الصدمات السعرية، وهو يشبه الأسلوب السابق إلى حد ما، ولكن من جانب عدد من الأفراد المتفقين اتفاقاً غير معلن على القيام بمضاربات واسعة على سهم رخيص تحطم نظرية العرض والطلب، وتدفع المستثمرين للبيع أو الشراء بكميات كبيرة، وعرفت البورصات عمليات تلاعب من ابتكار بعض المضاربين الذين يستغلون ثغرات القانون، هذا التلاعب يمس بالدرجة الأولى العرض والطلب ويجعل منهما مجرد آلية وهمية لا تعبر عن حقيقة أوضاع السوق.

وهناك أيضاً المضاربات الوهمية، وهي من أقدم الممارسات الضارة في البورصات وتعتمد على البيع الصوري للأصول، ويدل هذا على ارتباط الأسواق المالية من خلال الانتقال السريع للمعلومات، كما يوجد أسلوب آخر من المضاربات الوهمية التي تعتمد على المراهنات بغض النظر عن وجود مراكز مالية حقيقية، كما لا توجد أصول حقيقية يمكن تسييلها في حالة الضرورة، وهذا أيضاً يؤدي إلى انهيار في الأسعار داخل البورصات.

كما توجد ظاهرة خطيرة تتمثل في عروض شراء لأسهم بعض الشركات، وسرعان ما يتضح عدم جدية هذه العروض، بل يصل الأمر إلى أن تكون هذه العروض مجرد شائعات، أما النتيجة الخطيرة التي تترتب على مثل هذه العروض غير الجادة فتتمثل في التلاعب بأسعار الأسهم محل المضاربة عليها لصالح بعضهم على حساب بعضهم الآخر.

ويعتمد الهوامير أيضاً على بعض شركات السمسرة والصناديق،  إذ أن ضعف الرقابة في السوق وعدم وجود عقوبات رادعة، يؤدي إلى مسلسل المخالفات الحادة وتلاعب شركات السمسرة والقييمين على الصناديق بصغار المستثمرين سواء عن طريق استخدام المعلومات الداخلية أو التلاعب في تحريك أسعار الأسهم صعوداً وهبوطاً بالتعاون بين الشركات صاحبة الأسهم وبعض شركات السمسرة لتحقيق أرباح استثنائية وغير مشروعة.

كما قد تقوم بعض البنوك وشركاة السمسرة بالبيع والشراء لأسهم العملاء من دون علمهم ومن دون موافقتهم بغرض تحقيق مكاسب للشركة، أو هرباً من خسارة القروض الممنوحة للمضاربين في حالات انهيار الأسواق وهو نفس ما أدت إليه الممارسات الخاطئة التي قامت بها بعض شركات السمسرة من خلال التلاعب في أرصدة العملاء المحفوظة لديها وإجراء عمليات بيع وشراء من دون علم العملاء، أو بيع جميع الأسهم المملوكة للعملاء والهرب، بعد تصفية الشركة والضحية دائماً هم صغار المستثمرين.

ويمكن للحكومة من خلال بعض الأدوات، التحكم في البورصة مثل سعر الفائدة، وعمليات السوق المفتوحة التي يتدخل فيها البنك المركزي شاريا وبائعا للأوراق المالية من أسهم وسندات للتحكم في السوق، وإذا أرادت الحكومات تقليص النشاط رفعت أسعار الفائدة، وقامت ببيع ما لديها من أسهم وسندات بكميات كبيرة قد تضر المستثمر الصغير.

دلافين وديعة

وفقاً لآراء المحللين الماليين والتقارير الاقتصادية المتخصصة في عمل بورصات الخليج، فإن الهوامير تحولوا لدلافين وديعة المظهر لايمكن التفكير بصيدها من قبل هيئات الأسواق المالية، لأنها تعمل بالاستناد إلى نقاط الضعف في قوانين البورصات وخبرتها الكبيرة التي كونتها خلال سنوات عملها في بورصات الخليج وقلة خبرة صغار المستثمرين.

وبسبب الهوامير خسر كثير من المستثمرين الخليجيين الصغار لثرواتهم التي وضعوها في البورصة، ليجدوا أنفسهم بين انتقاد المجتمع الذي اتهمهم بالطمع والسعي للثراء السريع من جهة، وبين ظهور هوامير في قطاعات أخرى لجأوا إليها لتعويض خسائرهم، كالعقار.

وعبر رسائل الهاتف الجوال وفي مواقع التواصل الاجتماعي، ينشط صغار المستثمرين خلال أيام الهبوط الحاد في بورصة الأسهم، في تداول النكات المضحكة والعبارات الساخرة والحسرة على الخسارة بدل تداول الأسهم التي يقولون إنها مهنة الهوامير ولامكان لهم فيها.

وتنشر وسائل الإعلام المهتمة بالاقتصاد وعمل البورصات الخليجية، كثير من ردود فعل صغار المستثمرين الطريفة، ومن أشهرها،  قصيدة امرئ القيس الشهيرة وقد حورها أحد الظرفاء على طريقته ليكون مطلعها، "قفا نبك من ذكرى نزول المؤشر/ وسوق بأنواع الخسائر ممتلي / قفا نبك والشاشات أعمت عيوننا / ونحن نطالع لونها الأحمر الجلي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com