تداعيات سلبية محدودة على تونس من تراجع الدينار
تداعيات سلبية محدودة على تونس من تراجع الدينارتداعيات سلبية محدودة على تونس من تراجع الدينار

تداعيات سلبية محدودة على تونس من تراجع الدينار

تونس - قال خبراء اقتصاديون إنّ تراجع سعر الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي، إلى مستويات تاريخية في سوق الصرف الرسمي، سيكون له تداعيات سلبية محدودة على الاقتصاد التونسي.

وتراجع سعر صرف الدينار التونسي بشكل كبير، على مدار الفترة الماضية ليصل سعر الدولار الأمريكي إلى 1.98 دينار تونسي، خلال تعاملات الأسبوع الماضي، وفقا لأحدث بيانات مصرف تونس المركزي.

وقال الخبير المالي المنصف شيخ روحه، إنّ انخفاض الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي تزامن معه ارتفاع الدينار أمام اليورو، ليصل سعر اليورو في سوق الصرف الرسمي أمام الدينار إلى 2.1087 دينار تونسي.

وأضاف شيخ روحه في تصريحات لوكالة الأناضول، أنّ تراجع الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي يرجع بالأساس إلى عوامل خارجية، وليس له أية علاقة بالوضع الاقتصادي الداخلي، مشيرا إلى أنّ السبب في الارتفاع يرجع في جزء منه إلى علاقة الارتباط بين الدولار الأمريكي وعملة أوروبا الموحدة "اليورو".

وأوضح الخبير الاقتصادي أنّ قيمة العملة الأوروبية انخفضت عالميا نتيجة تراجع معدلات النمو في بلدان أوروبا الغربية مثل فرنسا، وإيطاليا، واليونان، وكذلك نتيجة تحرير الفرنك السويسري، مشيرا إلى أن الدولار الأمريكي كان أبرز المستفيدين من كل هذه العوامل التي أدت إلى الضغط على اليورو على حدّ قوله.

وقال شيخ روحه إنّ "سعر الدولار الأمريكي في السابق بسوق الصرف في تونس كان يتراوح عادة بين 1.6 و1.7 دينار تونسي ليصل اليوم إلى حوالي 2 دينار، وهو ما سيؤثر بشكل أساسي على واردات تونس فقط من منتجات الطاقة، التي يتم شراؤها بالدولار، ما يرفع قيمتها، في حين أن باقي الواردات التونسية تأتى في الغالب من أوروبا ومناطق أخرى من العالم تتعامل بعملات متنوعة على رأسها اليورو، وهذه الواردات لن ترتفع قيمتها تأثرا بالدولار".

وتمثل الواردات التونسية من الاتحاد الأوروبي 52.8 % من إجمالي الواردات، وبلغت في عام 2014 ما قيمته 22.1 مليار دينار، وفقا لبيانات رسمية.

وأضاف شيخ روحه: "في الوقت ذاته فإنه يجب الأخذ في الاعتبار أن غالبية صادرات تونس تتجه إلى أوروبا (الشريك التجاري الرئيسي)، حيث تسيطر فرنسا وإيطاليا فقط على 55% من إجمالي المبادلات التجارية لتونس مع العالم، وهذه المبادلات تتم باليورو وهو ما يجعل كلفتها أقل للدول المستوردة، وبالتالي يشجعها على زيادة واردتها من المنتجات التونسية ويصب في النهاية في مصلحة الميزان التجاري للبلاد".

وقال شيخ روحه إن زيادة الصادرات من شأنه أن يحرّك عجلة الاقتصاد، مضيفا أنّ الارتفاع في أسعار الطاقة التي يتم شراؤها بالدولار، تزامن مع انخفاض سعر برميل النفط إلى مستوى يدور حول 50 دولارا للبرميل، مما يحيد تأثير ارتفاع سعر الدولار على تكلفة واردات الطاقة .

وأشار إلى أنه بشكل عام فإن ارتفاع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية لن يساهم بشكل عام في تقليص حجم المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد التونسي، مشيرا إلى أن بلاده لديها أهداف اقتصادية تحتاج إلى تضافر عوامل عدة من أجل تحقيقها وعلى رأسها زيادة النمو إلى أكثر من 3 % سنويا، وزيادة حجم الصادرات، والحدّ من عجز الميزان التجاري الذي تجاوز 13 مليار دينار في عام 2014.

وقال الخبير البنكي مراد الحطاب إنّ "هناك عدة عوامل داخلية وخارجية ساهمت في تراجع قيمة الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي، من بينها تحسن وضع الاقتصاد الأمريكي وتراجع معدل التضخم إلى نسبة لا تتجاوز 1%، بينما يصل معدل التضخم في تونس إلى 6% وهو ما يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للعملة بشكل واضح.

وأضاف "الحطاب"، أن الأسباب الأخرى تتمثل في العجز الكبير في الميزان التجاري التونسي، حيث وصل بنهاية 2014 إلى أكثر من 13 مليار دينار وهو رقم قياسي، لأنّ متوسط العجز بين عامي 2007 و2010 لم يتجاوز 6 مليار دينار.

وأوضح أن هناك عوامل أخرى تساهم في زيادة العجز التجاري، من بينها الاستيراد العشوائي، والتهريب، والتجارة غير المنظمة، ووجود كميات كبيرة من السلع في السوق لا يعرف مصدرها، هذا بجانب تراجع الصادرات التونسية حوالي 8% خلال الـ 8 شهور الأولى من عام 2014، إضافة إلى انخفاض حجم التدفقات المالية إلى تونس، وخاصة الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي انخفضت 5.8% في 2014 لتصل إلى 1.718 مليار دولار، مقارنة بـ 1.814 مليار دولار في عام 2013، حسب بيانات وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، على حدّ تعبيره.

وأضاف "الحطاب" أنّ تراجع قيمة الدينار، تتدخل فيها عوامل مثل استنزاف موارد تونس من العملة الأجنبية وذلك بسبب ارتفاع خدمة الدين العام (الفوائد) التونسي والتي تصل إلى نحو 4275 مليون دينار هذا بخلاف تراجع المدخرات بالنقد الأجنبي، مشيرا إلى أن كل هذه العوامل أثرت على حجم احتياطي النقد الأجنبي الذى وصل في الفترة بين عامي 2011 و2014 إلى حوالى 12.064 مليار دولار، يكفي لتغطية الواردات لمدة 111 يوم وذلك مقارنة بنحو 13.064 مليار دينار في الفترة بين عامي 2007 و2010 مما يكفي لتغطية الواردات لمدة 174 يوم.

وقال إن غالبية مكونات الاحتياطي هي عبارة عن قروض وديون على الحكومة التونسية، وليست من مصادر إيرادية مثل الصادرات والسياحة وغيرها والتي تراجعت خلال الفترة الأخيرة.

وتوقع "الحطاب" أن يتحسن سعر صرف الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، مع المؤشرات الإيجابية التي تحققها البلاد تدريجيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وخاصة مع حالة الاستقرار السياسي، وسعي السلطات المنتخبة حديثا في البلاد لجذب استثمارات من قبل صناديق استثمارية عالمية ومستثمرين أجانب أعلنوا عن استعدادهم للتعاون مع السلطة الجديدة.

وقال "الحطاب" إن تراجع سعر الدينار أمام العملات الأجنبية بشكل عام يؤدي للتأثير بالطبع على معدلات التضخم والأسعار، مشيرا إلى أنّ التأثير يبرز في ارتفاع تكلفة الواردات، وتكلفة الإنتاج مما قد يؤدي إلى تراجع معدلات الاستهلاك، بسبب ضعف القدرة الشرائية، مشيرا إلى أن هذه مجرد افتراضات خاصة وأنه يتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تغير المعطيات إلى منحى إيجابي مع وضوح الرؤية الاقتصادية نتيجة الاستقرار السياسي للبلاد، وإقبال المستثمرين على الاستثمار في تونس.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com