إيران تكافح لاحتواء تجارة الدولار غير المشروعة
إيران تكافح لاحتواء تجارة الدولار غير المشروعةإيران تكافح لاحتواء تجارة الدولار غير المشروعة

إيران تكافح لاحتواء تجارة الدولار غير المشروعة

بعد أقل من 3 ساعات من طلب الدولارات عبر تطبيق "تلغرام" للمراسلة المشفرة، وصل عامل توصيل الطلبات للمنزل إلى وسط طهران وهو يحمل علبة من الورق المقوى بها بيتزا جبنة ساخنة و3 آلاف دولار أمريكي، واستلم مقابل البيتزا وتغيير العملة بالريال الإيراني عن طريق بطاقة مصرفية.

وقال "نيما"، تاجر العملة في السوق السوداء، الذي نسَّق الصفقة وطلب عدم كشف اسمه خوفًا من الاعتقال:"لست تاجر مخدرات، لكن حكومتنا قادتنا إلى حرب عصابات".

وحصلت السوق السوداء للدولار الأمريكي على دفعة كبيرة في إيران، بينما يواجه النظام في طهران ضغوطًا متزايدة بسبب تشديد العقوبات الأمريكية، والاقتصاد المحلي المتعثر.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أدى الانخفاض الحاد في قيمة العملة الإيرانية إلى ارتفاع الطلب على الدولار خلال الأشهر الأخيرة من قِبل الإيرانيين الباحثين عن أصول أكثر أمانًا.

وفي الوقت الذي تحاول فيه مواجهة تراجع الريال، تسعى إيران إلى تقييد سوق الدولار من خلال تضييق الخناق على التجارة غير المشروعة، ما أدى إلى لعب السلطات لعبة "القط والفأر" مع تجار العملة الذين يعملون في الغرف الخلفية من المحلات التجارية، وعبر تطبيقات المراسلة.

السياسة والعملة

وترى الصحيفة أن مصير العملة مرتبط بمصير أبرز السياسيين في البلاد، حيث تعرّض الرئيس البراغماتي الإيراني حسن روحاني لضغوط متزايدة من خصوم متشددين بسبب ضعف الاقتصاد، ما أدى إلى إقالة محافظ البنك المركزي في يوليو، وإقالة وزيري العمل والاقتصاد هذا الشهر.

كما واجه روحاني نفسه أسئلة في البرلمان الإيراني، يوم الثلاثاء، وأشارت أصوات الأعضاء إلى أنهم غير مقتنعين بأدائه الاقتصادي، بما في ذلك ضعف الريال الإيراني.

كما ساهم انخفاض الريال الإيراني في الاضطرابات الشعبية، ورفع تكاليف السفر إلى الخارج، وضاعف تكلفة الواردات، ما دفع بزيادة التضخم، وساهم في نشوب الاحتجاجات المرتجلة خلال الأشهر الأخيرة.

تسلسل زمني

واشتد الاضطراب منذ ديسمبر / كانون الأول، عندما انتشرت أكبر المظاهرات في غضون العقد الماضي في جميع أنحاء إيران، قبل أن تنهيها حملة أمنية، ولكن الاحتجاجات المتفرقة على الاقتصاد، وحقوق العمال، وحقوق المرأة استمرت.

وفي فبراير، بعد أن بدأ الانخفاض الأخير للريال، ألقت السلطات القبض على عشرات من تجار العملة، وفي أبريل / نيسان، منعت الحكومة التداول بما يخالف الأسعار الحكومية المصطنعة، ما دفع الكثير من تجارة العملات إلى السوق السوداء.

وساهم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في مايو / أيار في انحدار سعر الريال إلى أرقام قياسية مقابل الدولار، وكان اتفاق 2015 قد حرر إيران من العديد من العقوبات الدولية في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، لكن الرئيس دونالد ترامب قال إن الاتفاق لم يؤدِ إلى تغيير في جهود الجيش الإيراني لنشر نفوذه عبر الشرق الأوسط.

وأعاد ترامب هذا الشهر العقوبات الأمريكية على إجراء أي معاملات كبيرة بالريال الإيراني، وعلى تجارة إيران في المعادن النفيسة، من بين مجالات أخرى. ومن المقرر إصدار جولة أخرى من العقوبات في شهر نوفمبر تشمل النفط والبنوك، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى انكماش الاقتصاد الإيراني في العام المقبل.

وخففت طهران مؤخّرًا القيود على سوق العملات الأجنبية قليلًا في محاولة لجذب الأعمال بعيدًا عن السوق السوداء، وفي شهر يوليو تم افتتاح سوق عملات ثانوية جديد للمستوردين والمصدرين الصغار الذين يرغبون في المتاجرة بالعملات بأسعار السوق.

وفي أغسطس /آب، أزالت السلطات الحظر المفروض على التداول في أسواق العملات خارج الأسعار الرسمية.

ومع ذلك لا تزال هناك بعض القيود، بما في ذلك القيود المفروضة على مقدار الدولارات التي يمكن أن يقدمها تجار العملة للعملاء، وشرط إجراء المعاملات الأكبر في السوق الثانوية المعتمدة رسميًا، ما أبقى جزءًا من تجارة العملة في السوق السوداء، ولكن بحسب ما قال أحد المطلعين، يرجع تباطؤ معاملات السوق السوداء خلال الأسابيع الأخيرة إلى ارتفاع سعر الدولار، وتأثيره على الطلب فقط.

ومن جانبهم ألقى بعض الاقتصاديين اللوم في مشكلة الدولار الإيراني على نقص العملة في البنك المركزي، أو رفضهم لاستخدام الاحتياطيات الرسمية لدعم الريال، الأمر الذي تجاهله المسؤولون الإيرانيون.

وقال روحاني في يناير / كانون الثاني إن إيران لديها احتياطي كافٍ من العملات الأجنبية لتحقيق الاستقرار في العملة، وهو ما أكد عليه محافظ البنك المركزي السابق، فالي الله سيف في أبريل/ نيسان.

حملة حكومية

واصلت الحكومة الإيرانية حملتها على معاملات السوق السوداء، وأعلنت السلطات اعتقال 5 من تجار العملة الأجنبية بتهم مالية غير محددة في 5 أغسطس / آب، وبعد أسبوع أعلنت مرة أخرى اعتقال 67 متهمًا بجرائم اقتصادية لم يتم الإفصاح عنها.

وقال شاهنام غولشاني تاجر العملات والذهب إنه بالإضافة إلى تحركاتهم الرسمية، مارست السلطات الإيرانية في الماضي الضغط على أشخاص بارزين في السوق غير الرسمية للمساعدة في التلاعب في الأسعار، وفرَّ غولشاني إلى تركيا قبل ثلاث سنوات بعد أن قضى عدة سنوات في سجن إيفين في طهران بسبب إدارته لموقع على الإنترنت ينشر أسعار الصرف غير الرسمية.

وأضاف:"قالوا لي في السجن إنني إذا تعاونت في تحديد الأسعار، فإنهم سيطلقون سراحي، فقد أرادوا إدارة السوق من وراء الكواليس".

ويظل العديد من تجار العملات مختبئين خوفًا من القبض عليهم، وقال مالك موقع "Bonbast.com"، وهو موقع يتتبع وينشر أسعار العملات غير الرسمية، إن الخط الأحمر الذي يفصل بين المقبول وغير المقبول رسميًا في سوق العملات في إيران دائم التغير.

وقال مالك الموقع الذي طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب التداعيات القانونية المحتملة له ولموظفيه:"في بعض الأيام، تكون تجارة العملة عملًا شريفًا، وفي أيام أخرى تصبح انتهاكًا للأمن القومي، ويمكن اعتقال كبار المتاجرين والحكم عليهم بالإعدام".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com