‫السودان يدفع ثمن عزلته السياسية
‫السودان يدفع ثمن عزلته السياسية‫السودان يدفع ثمن عزلته السياسية

‫السودان يدفع ثمن عزلته السياسية

الخرطوم- حاز السودان الذي يعاني من عزلة سياسية واقتصادية منذ نحو 31 سنة، على رضى صندوق النقد الدولي بعدما اعتمد سياسة تقشف والغاء الدعم على ثلاث مراحل، كانت الأولى في يونيو/ حزيران 2012، والثانية في سبتمبر/ أيلول 2013، وستكون الثالثة بنهاية العام 2014 أو مطلع العام 2015.

وتبلغ قيمة الدعم نحو 13 مليار جنيه سوداني موزعة بين 5 مليارات جنيه للمحروقات، و نحو 1.5 مليار جنيه للقمح ، ونحو 6.5 مليار جنيه لدعم السلع الاستراتيجية ، وتبرز خطورة هذا الدعم كونه يشكل اكثر من 22 % من نفقات الموازنة العامة للدولة، التي تعاني من عجز مستمر بسبب زيادة النفقات ( المصروفات) على الايرادات، ومتوقع أن يبلغ العام الحالي 12 مليار جنيه، حيثت تصل المصروفات إلي 58.2 مليارا، فيما تصل الإيرادات إلي 46.2 مليار جنيه.

وتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل اقتصاد السودان نموا بنسبة 2.5 % خلال العام الحالي، مؤكداً أن الآفاق المستقبلية للاقتصاد لا تزال مواتية، ولكن يبدو أن حساباته للتضخم مناقضه للواقع، حيث أشار إلى تراجعه نحو معدل 18%، وهو رقم (رغم خطورته المرتفعة) قريب من الرقم المستهدف في موازنة العام 2014، والمقدر بـ 20.9%، غير أن الأرقام الحقيقية والتي تعكس الواقع هي ضعف هذا الرقم.

وأعلن الجهاز المركزي للإحصاء في الخرطوم أن معدل التضخم السنوي في البلاد ارتفع إلى 46.8 % في يوليو/ تموز الماضي، ما يعكس زيادة شهرية 10% في أسعار السلع الاستهلاكية، ويعود السبب إلى إجراءات التقشف وخطط الحكم لخفض دعم الوقود والخبز والسلع الاستراتيجية، مع التأكيد على أن الأسعار بدأت ترتفع منذ انفصال الجنوب في يوليو/ تموز2011، ما حرم الخرطوم 46 % من ايرادات الخزينة العامة، و 80 % من عائدات النقد الاجنبي الذي يحتاج اليه السودان لدعم الجنيه ودفع فاتورة الاستيراد المتزايدة.

ويعيش السودان منذ نحو 31 سنة، وبالتحديد منذ سبتمبر/ أيلول 1983، في عزلة سياسية واقتصادية، بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية عقب إعلان الرئيس السوداني الأسبق جعفر محمد نميري ما أطلق عليه النظام إنذاك "قوانين الشريعة الاسلاميه"، وفي 30 يونيو /حزيران 1989، زادت وتيرة الحصار بعد قيام ثورة الإنقاذ، ثم زادت مرة أخرى في العام 1990، أثر موقف الخرطوم من غزو العراق لدولة الكويت، ودفع السودانيون ثمن هذا الحصار كبيراً، خصوصاً بعد انضمام دول الخليج وبعض الدول الغربية اليه، وتراجعت جراء ذلك تحويلات السودانيين العاملين في الخارج والتي كانت مقدرة بنحو ثلاثة مليارات دولار سنويا.

وفي عام 1997، اشتد الحصار الاقتصادي الاميركي على السودان، وفي سبتمبر/ أيلول 2001، وضعت الولايات المتحدة الأمريكية حكومة الخرطوم على قائمة الدول التي يجب محاصرتها اقتصاديا.

وإذا كان النفط هو السبب الرئيسي للحصار الاقتصادي، فقد خسر السودان نتيجة تأخر استغلاله لأكثر من 15 عاما نحو 100 مليار دولار، حتى توج هذا الحصار بانفصال الجنوب في يوليو/ تموز2011، وانفصلت معه عائدات نفطية تزيد عن سبعة مليارات دولار سنويا، وبدل من أن يرفع الحصار الاقتصادي، بعد الانفصال، فقد شهد البلد تأجيجا للصراع في جنوب كردفان والنيل الازرق فضلاً عن منطقة دارفور.

وقد أدى الحصار الاقتصادي إلى عدة مؤشرات سلبية منها:

1-هروب الاستثمارات بعدما كانت السودان بين أكثر ثلاث دول جاذبة للاستثمار.

2- انخفاض تحويلات السودانيين العاملين في الخارج، من نحو ثلاثة مليارات دولار سنويا إلى أقل من 100 مليون دولار.

3- تراجع متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي إلى نحو 1943 دولار ، مقارنة مع 7682 دولار للدول العربية، ما أدى إلى أرتفاع نسبة الفقر التي وصلت إلى 46.5%.

4- تأثرت الصناعة بشكل كبيروتوقفت بعض المصانع نهائيا عن الإنتاج بسبب عجزها عن استيراد قطع الغيار من الخارج.

5- تأثر القطاع الزراعي الذي يعتمد عليه أغلب السودانيين، وارتفعت أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي وذلك بسبب انخفاض قيمة الجنيه السوداني، من جانب ومن جانب آخر بسبب شراء المدخلات عبر الوسطاء ومن السوق السوداء وبسبب تخوف البنوك من التعامل مع السودان وتم رفع أسعار التأمين، ما أدى إلى زيادة التكلفة وعجز السودان عن سد النقص الناتج عن التكنولوجيا الغربية في مجال الزراعة والري والثروة الحيوانية.

6- حرم السودان من القروض والمنح والهبات، مع العلم أن الديون المترتبة عليه بلغت نحو 43 مليار دولار، ولكن اللافت أن أصل الدين يبلغ فقط نحو 15 مليار دولار، بينما يشكل باقي المبلغ الفوائد المترتبة عليه.

7- خسارة القطاع المصرفي، وقدرت خسارته خلال 16 سنة، بين عامي 1997 إلى 2014 نحو تسعة مليارات دولار، وبدلاً من أن يتعامل هذا القطاع عبر النظام المالي الدولي، اضطر للتعامل مع السماسرة وتجار الشنطة والعملة في السوق السوداء، ما أدى إلى انخفاض احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، وتدهور سعر صرف الجنيه السوداني الذي وصل اخيراً الى 8 جنيهات مقابل الدولار الاميركي، ويخشى أن يصل إلى عشرة جنيهات بنهاية العام 2014.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com