موازنة 2023 الأضخم في تاريخ العراق.. أرقام انفجارية ومخاوف من "المقايضات السياسية"

موازنة 2023 الأضخم في تاريخ العراق.. أرقام انفجارية ومخاوف من "المقايضات السياسية"

تترقب الأوساط الشعبية والاقتصادية والسياسية في العراق، وصول موازنة عام 2023 إلى مجلس النواب تمهيدًا للتصويت عليها، وسط توقعات بأن تكون الموازنة الأضخم في تاريخ البلاد.

وتعكف وزيرة المالية، طيف سامي، وهي مسؤولة دائرة الموازنة سابقًا، على إعداد مشروع الموازنة، فيما وجّهت موظفي الدوائر المختصة بذلك، بالعمل يومي العطلة الجمعة والسبت.

وتتوقع أوساط برلمانية عراقية وصول الموازنة خلال الأيام القليلة المقبلة وسط تحذيرات من تأخيرها، لما يعنيه ذلك من انعكاسات على مرتبات الموظفين للعام المقبل.

توقعات بركود عالمي

ولم تتمكن الحكومة العراقية السابقة من تقديم موازنة عام 2022، بسبب تحولها إلى "تصريف أعمال" وعدم اختيار حكومة جديدة إثر الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد، ما سيجعل موازنة العام المقبل هي الأكبر في تاريخ البلاد.  

وأكد الخبير الاقتصادي، ماجد الصوري، خلال حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "الأفضل احتساب سعر برميل النفط في الموازنة بـ 60 – 65 دولاراً للبرميل الواحد، وهذا يعود إلى التوقعات بحدوث تقلبات كبيرة في السوق، مثل الركود الذي سيؤدي إلى قلة الطلب وانخفاض سعر النفط"، مشيراً إلى أن "الوضع العالمي يتجه نحو ذلك، خاصة الدول الكبرى المستهلكة للنفط، مثل الهند والصين والولايات المتحدة، فضلاً عن دول أوروبية".

وأضاف الصوري، أن "عدم إقرار الموازنة لعام 2022، سيوفر مبالغ إضافية لتعزيز موازنة العام المقبل، وربما نكون أمام أضخم موازنة يقرّها العراق، لكن ذلك ليس الأهم، وإنما من الأفضل الالتفات إلى كيفية استثمار تلك الموازنة، وتوجيهها".

وشهد العامان الماضيان ركوداً اقتصادياً في العراق بسبب تفشي وباء كورونا وغياب الموازنة المالية للعام الحالي، ما ساهم في ارتفاع نسب الفقر والبطالة، فضلاً عن رفع سعر صرف الدولار أمام الدينار، في بلد يعتمد بشكل تام على المنتجات المستوردة.

وتشير تقديرات الخبراء إلى إمكانية أن تراوح موازنة 2023 بين 120 – 125 مليار دولار، وهي الأضخم على الإطلاق، مستفيدة من الوفرة المالية الحالية جرّاء مبيعات النفط.  

صراعات سياسية

وتتخوف أوساط عراقية من سيطرة مسؤولين وبرلمانيين على الموازنة، بما يوجّهها نحو أبواب صرف محددة، ومعدة سلفاً تحقيقاً لمآرب شخصية وحزبية ومناطقية، دون الالتفات إلى الشرائح المتضررة.

وفي هذا السياق، ذكر برلماني في اللجنة المالية بمجلس النواب العراقي، أن "التدخلات السياسية حاضرة في كل موازنات العراق السابقة، وبالفعل هناك ضغط على المسؤولين التنفيذيين بشأن صرف الأموال لمناطق محددة، أو مشروعات بعينها، لكن الأخطر من ذلك هو إدراج مشاريع استثمارية دون الاكتراث بالجدوى الاقتصادية، وهو ما يستهلك بنود الموازنة".

وقال البرلماني، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"إرم نيوز"، إن "موسم تشريع الموازنة يتحول إلى مقايضة، إذ تقل الاعتراضات وتكثر طلبات إدراج المشروعات من بعض الكتل، ليجد الجميع في النهاية أنفسهم بحاجة إلى الآخرين للتصويت على فقرات الموازنة".

ولفت إلى أن "فئات الموازنة أصبحت أيضاً تخضع للمحاصصة السياسية والحزبية، لكن في النهاية سيتم التصويت عليها، ومن الأفضل أن يكون تدخل رئيس الوزراء فيها كبيراً، لتحجيم تلك التدخلات، أو إنهائها".

ولم تتضح حتى الآن ملامح الموازنة المقبلة، باعتبارها ما زالت لدى الجهات المختصة التي ستنقلها إلى رئاسة مجلس الوزراء، للتصويت عليها ثم إرسالها إلى البرلمان.

نحو تأهيل الصناعات المحلية

وبلغ إجمالي موازنات السنوات العشر الأولى التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق، نحو ألف مليار دولار، كانت أعلاها إنفاقاً خلال حكومتَي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي 2006 ولغاية 2014، وهي الأكثر من جهة ملفات الفساد التي رافقت أداء الحكومتين أيضاً.

وتشدد عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان السابق، ندى شاكر، على "ضرورة استثمار الوفرة المالية الحالية ضمن الموازنة، وتوجيهها نحو إعادة تأهيل الصناعات العراقية، بما يحقق تقدماً ملموساً وسريعاً في توفير فرص العمل، خاصة وأن الكثير من المصانع جاهزة، وتحتاج إلى إجراءات سريعة لتشغيلها".

وأوضحت شاكر في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الوضع الحالي يتطلب من الحكومة عدم التوسع في النفقات التشغيلية، وتوجيه دفّة الإنفاق نحو الفئات الهشّة، ولا يعني ذلك صرف الأموال عليها، وإنما تنشيط القطاع الخاص والمعامل بما يسهم في امتصاص البطالة، ويشغل الأيدي العاملة".

وشددت على "ضرورة رفع المستوى المعيشي للسكان، بما يعنيه ذلك من انعكاسات إيجابية على المجتمع بشكل عام".

يذكر أن العراق يعتمد على النفط بنحو 95 %، لتغذية الموازنات المالية.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com