مخاوف من تأثير أزمة السودان على أسعار الأضاحي عربيًّا
بدأت مخاوف تطفو على السطح في الأسواق العربية إزاء المستوردات من اللحوم الحمراء السودانية، جراء استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، وتأثيرها على الأسعار مع قرب عيد الأضحى المبارك.
ويرى مختصون أن تراجع حجم إمدادات اللحوم السودانية إلى الأسواق العربية، سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام في المنطقة، خاصة مع تزايد الطلب من قبل تجار الماشية مع قرب عيد "الأضحى".
ويعتبر السودان من أغنى الدول العربية بالثروة الحيوانية، وتقدر أعداد حيوانات الغذاء فيه من أبقار وأغنام وماعز وإبل، بأكثر من 103 ملايين رأس، منها 30 مليون رأس من الأبقار، و37 مليون رأس من الأغنام، و33 مليون رأس من الماعز و4.5 مليون رأس من الإبل، إضافة إلى 4 ملايين رأس من الخيول.

تخوف أردني.. وتهدئة رسمية
وأبدى رئيس جمعية مربي المواشي الأردنية زعل الكواليت، تخوفه من استمرار معارك السودان وتأثيرها سلبًا على أسعار الأضاحي في الأردن.
وقال الكواليت، في تصريحات صحفية، إن "السوق المحلي والخليجي يعتمد نسبيًّا على اللحوم المستوردة المجمدة والحية، حيث تعد السعودية من أكبر مستوردي المواشي من السودان؛ ما سيدفع دول الخليج والأردن إلى التوجه لأسواق أخرى، مثل: رومانيا، وإسبانيا، وجورجيا، وأستراليا، وتركيا، لتعويض النقص؛ ما يدفع لارتفاع الطلب عليها وبالتالي احتمال ارتفاع أسعارها".
وبين الكواليت، أن "بعض أصناف اللحوم المستوردة باتت تشهد ارتفاعًا نسبيًّا في السوق المحلي، حيث ارتفع سعر كيلو الروماني 35 قرشًا والخروف نحو 10 دنانير تقريبًا".
ولفت الكواليت، إلى أن "وزارة الزراعة تسمح بالاستيراد من 18 دولة؛ ما مِن شأنه ضمان استقرار الأسعار، إضافة إلى مراعاة القُدرة الشرائية لدى المواطنين نتيجة توفر مصادر وخيارات متعددة".

من جهته، قال الناطق الإعلامي لوزارة الزاعة الأردنية لورانس المجالي، لـ"إرم نيوز" إنه "لن تكون هنالك أي تأثيرات تذكر (مباشرة أو غير مباشرة) للأحداث الدائرة في السودان على أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق الأردنية".
وأضاف: "لا داعي لأي تخوف من أرتفاع الأسعار، فمن المعروف أن كميات اللحوم المستوردة من السودان الشقيق، للسوق المحلي ليست بتلك الكميات الكبيرة؛ ما يؤكد عدم وجود أي تأثيرات على أسعارها محليًّا خاصة مع قرب الأقبال على الأضاحي في المملكة".
وتابع: "وزارة الزراعة فتحت أكثر من سوق عالمية للاستيراد خاصة مع جائحة كورونا؛ ما أدى لاستقرار واضح بالكميات والأسعار بسوق اللحوم الحمراء بالأردن، وعليه لن يكون هنالك أي نقص بالمعروض أو ارتفاع للأسعار".
وكان أمين عام وزارة الزراعة الأردنية لشؤون التسويق حازم الصمادي، أكد أن "السودان بشكل عام لا يعتبر موردًا أساسيًّا للحوم الحمراء في السوق الأردنية، إذ إن اللحوم الحية المستوردة منها هي 1800 رأس خروف من أصل مليون ونصف المليون تستوردها الأردن، في حين أن اللحوم المبردة تشكل 750 طنًّا من أصل 5 آلاف طن".
وقال: "معظم مستوردات اللحوم الموجودة في السوق الأردنية هي من رومانيا"، نافيًا أي شائعات من قبل أشخاص يدّعون ارتفاع أسعار مستوردات اللحوم السودانية جراء الأحداث السياسية التي يشهدها السودان.
واستورد الأردن 10 آلاف رأس من العجول الحيّة من السودان خلال العام الماضي، من أصل 100 ألف رأس وصلت المملكة من الخارج وبنسبة تصل لـ 10%، وفق وزارة الزراعة.

مصر.. عين على أسواق أخرى
وفي مصر التي تعتبر المصدر الثاني لصادرات السودان من المواشي وفق وكالة "رويترز"، أكدت وزارة التموين المصرية، أنها تجري دراسة استيراد اللحوم من تشاد والصومال لتنويع مصادر الاستيراد، ولتعويض أي نقص في توريد المنتج من أي مصدر آخر.
ويتم استقدام الماشية الحية من السودان إلى محافظة أسوان (جنوبي مصر) لذبحها ثم إرسالها للمحافظات المصرية المختلفة من خلال شركة حكومية تابعة لوزارة التموين.
وطالبت الوزارة عبر وسائل إعلام محلية، ضرورة تكثيف الحملات الرقابية على الأسواق منعًا لاستغلال الأزمة السودانية ورفع أسعار اللحوم من قبل بعض التجار، خاصة وأن موسم الأضاحي على الأبواب.
من جهتها، أعلنت المجمعات الاستهلاكية المصرية قبل أيام، رفع أسعار اللحوم السودانية بنحو 30 جنيهًا ليصل سعرها 195 جنيهًا بدلًا من 165، وذلك داخل 1350 مجمعًا استهلاكيًّا على مستوى الجمهورية، أثر تأثر إمدادات اللحوم من السودان.
ووصل سعر كيلو اللحوم المذبوحة من اللحم البقري في مصر لـ 300 جنيه، أي نحو 9.71 دولار، بينما يصل أقل سعر لكيلو اللحم الجملي إلى 240 جنيهًا أي نحو 7.77 دولار.

ويرجح أن تتأثر مصر التي تستورد أصنافًا متنوعة من اللحوم السودانية، من بينها الحية والمبردة إضافة إلى اللحم الجملي، خلال الفترة المقبلة بارتفاع أعلى للأسعار خاصة "اللحم الجملي"، حيث يتم الاعتماد بشكل كبير على استيراد الجمال من السودان، بينما الأنواع الأخرى يمكن إيجاد أسواق بديلة لها مثل تشاد والصومال، حيث سيتم أضافة تكاليف أكثر مثل تكاليف (النقل والشحن).
وتجمع مصر والسودان علاقة اقتصادية لا يستهان بها، فحسب تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2022 بنسبة 18.2%، بمقدار 1.434 مليار دولار.
السعودية.. ضغوط متوقعة على الأسعار
وفي السعودية، التي تستورد أكثر من 70% من واردات الماشية من السودان، يتوقع التجار أنه سيكون للأحداث الجارية في السودان نوعًا من الضغط على الأسواق المحلية، خاصة من بدء الأقبال على "الأضاحي".
وقال عضو لجنة تجار المواشي في غرفة تجارة جدة، سلطان العتيبي، لصحيفة "الرياض" السعودية، إن "تأثير الأحداث الجارية في السودان على حركة موردي المواشي وعلى الأسواق المحلية بدأ في الظهور بشكل فعلي إذ زاد سعر الخروف السواكني المستورد حديثًا من 800 ريال بمعدل يتراوح بين 150 و200 ريال".
وأضاف: "ستستمر تلك الزيادة في حال طال أمد الأحداث الجارية في السودان خصوصًا وأننا مقبلون على فترة أعياد يزداد فيها الطلب على الماشية وتعد الماشية السودانية الأكثر طلبًا من المستهلك بعد المواشي التي يتم تربيتها محليًّا".
وأشار العتيبي، إلى أن تأثير تراجع واردات الماشية من السودان لن يكون ذا ضرر كبير على موسم الحج والهدي والأضاحي في ظل وفرة المواشي الحية التي يتم توريدها من الصومال.
وتستورد السعودية الماشية من بضع دول مثل باكستان ورومانيا وجورجيا وإثيوبيا، إضافة إلى السودان والصومال، حيث استوردت خلال العام الماضي 7.8 مليون رأس من الأغنام والأبقار والإبل.

الجزائر.. قلق من وقف الاستيراد
وفي الجزائر، وبعد أن فتحت أبواب استيراد "الضأن السوداني" وبعض الدول الأخرى أواخر آذار/مارس للسوق المحلية؛ ما أدى إلى استقرار ملحوظ بأسعار اللحوم الحمراء، تتخوف الأوساط التجارية من تأثر الأزمة في السودان على الأسعار، خاصة مع قرب موسم "الأضاحي".
وكانت السودان بدأت بتصدير اللحوم الحمراء عبر النقل الجوي إلى الجزائر في الـ 25 من أذار/مارس الماضي، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السودانية.
وقال وزير الثروة الحيوانية والسمكية السوداني حافظ إبراهيم عبد النبي، أن عملية التصدير للجزائر تأتي تنفيذًا لما تم في القمة العربية الأخيرة والتى تم خلالها إقرار مبادرة الأمن الغذائي العربي".
وكان المدير العام للجزائرية للحوم الحمراء لمين دراجي، أكد في تصريحات صحفية الشهر الماضي، أن "الدولة قررت استيراد اللحوم من السودان لكسر الأسعار في السوق وتوفيرها بالكميات اللازمة"، خاصة بعد وصول سعر كيلو اللحم في العاصمة الجزائر بداية شهر رمضان الفائت إلى 15 دولارًا أمريكيًّا.
يذكر أن الثروة الحيوانية في الجزائر تقدر بـ "28 مليون رأس من الأغنام ومليون رأس بقر"، وفق إحصاءات حكومية صدرت عام 2020، وهو لا يكفي لتغطية نصف احتياجات السوق المحلية؛ ما دفع الحكومة إلى فتح باب الاستيراد اللحوم من السودان والبرازيل.