العراق يضيق الخناق على العمالة الأجنبية لمواجهة البطالة المستشرية

العراق يضيق الخناق على العمالة الأجنبية لمواجهة البطالة المستشرية

تضيق الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، الخناق على العمالة الأجنبية الوافدة إلى البلاد من دول آسيوية، في مسعى لمواجهة البطالة المتفشية في صفوف الشباب العراقي.

وأوقفت وزارة العمل العراقية ترويج طلبات جديدة للشركات المرخصة بتشغيل العمالة الأجنبية، فيما أشار وزير العمل أحمد الأسدي، إلى أن الوزارة تعتزم إصدار آليات جديدة لضمان تشغيل العاطلين عن العمل من العراقيين.

وتنتشر العمالة الأجنبية في العراق بشكل كبير في المطاعم والكازينوهات والملاهي، بالإضافة إلى قطاع التحميل والتفريغ والحقول النفطية والخدمات اللوجستية، إذ يحتل العمال البنغاليون المرتبة الأولى بين العمالة الأجنبية، فضلا عن العمالة القادمة من سوريا ولبنان، في ظل الأزمات الاقتصادية التي طالت البلدين.

وتغيب الإحصائيات الرسمية، عن عدد الشباب العراقيين العاطلين عن العمل، لكن تعليقات من مسؤولين تتحدث عن وجود أكثر من مليون عاطل عن العمل، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وارتفاع مستويات التضخم.

أصحاب الأعمال يفضلون العمالة الأجنبية

يفضل أصحاب الشركات والمصانع عادة العمالة الأجنبية لعدة أسباب، منها القبول بأجور زهيدة والعمل في مهن شاقة يرفضها بعض العمال المحليين، مثل التنظيف والخدمات وغير ذلك، فضلا عن توفير الوقت بسبب قلة الإجازات بالنسبة للعامل الأجنبي وإمكانية مبيته في مقرات الشركة، فيما يذهب العمال المحليون إلى منازلهم، ومن ثم يعودون إلى مواقع العمل، في ظل الازدحامات المرورية الخانقة.

ويشكل ملف البطالة تحديا كبيرا أمام حكومة السوداني، إذ غالبا ما تخلو الشوارع الواقعة أمام الوزارات والهيئات الحكومة من تظاهرات للعاطلين عن العمل من حملة الشهادات بهدف توظيفهم على الملاك الدائم.

وتغلب الفوضى على القطاع الخاص في العراق بسبب غياب القوانين الحاكمة والامتيازات ومسائل العقود وعدم تحديد الأجور بشكل فعلي، ما يجعل هذا القطاع غير مفعل، وبعيدا عن رغبة الخريجين الجامعيين، الأمر الذي يعني زيادة الضغط على المؤسسات الحكومية.

كما أن الامتيازات التي تمنح للموظفين، مثل القروض السكنية والأجور الثابتة والكفالات لأشخاص آخرين، وهي تتم أيضا بمبالغ مالية عالية، فضلا عن العطل مدفوعة الأجر، والبالغة نحو 150 يوما سنويا، كلها تجعل خيار العمل ضمن القطاع الخاص مستبعدا بشكل كلي، بالنسبة للخريجين الجدد.

معالجة البطالة

وفي هذا السياق، رأت النائبة السابقة في لجنة الاقتصاد والاستثمار، ندى جودت، أن "من الواجب على الحكومة الحالية البدء بالمسائل الاقتصادية، ومعالجة البطالة في صفوف الشباب وضخ المزيد من الأموال في القطاع الخاص، بما يسهم في تشغيل اليد العاملة وامتصاص البطالة التي بدأت في التضخم خلال الفترة الأخيرة، بسبب الركود الاقتصادي وتفشي وباء كورونا".

وأضافت جودت لـ"إرم نيوز"، أن "الأوضاع الاقتصادية في العراق بحاجة إلى معالجة سريعة، خاصة فيما يتعلق بواقع الشباب وضرورة تشغيلهم في المصانع، ما يعزز وضع الحكومة الحالية ويساهم في خلق فرص تعود على الجميع بالنفع"، مشيرة إلى "ضرورة استثمار الوفرة المالية جراء زيادة مبيعات النفط، والعمل على تحسين الواقع المعيشي ومكافحة البطالة".

ورغم اتخاذ الحكومات العراقية المتعاقبة إجراءات فيما يخص تقليل اليد العاملة الأجنبية لدعم العامل المحلي، إلا أن تلك الإجراءات كانت تصطدم بوجود شبكات تهريب لهذه العمالة، التي تدخل البلاد عادة عن طريق سمات سياحية، لكنها تبقى في الداخل.

ولمواجهة هذه الظاهرة تقوم وزارة الداخلية العراقية بتسفير العمال الأجانب إلى بلدانهم بعد ثبوت عدم شرعية وجودهم داخل العراق، كما تحيل شركات في القطاع الخاص إلى القضاء لعدم التزامها بقرار تشغيل نسبة من العمالة المحلية.

وتستخدم مكاتب التوظيف عادة العمالة الأجنبية بناء على إجازات الاستثمار التي تجيز للشركات والمستثمرين دخول 50% من العمالة المطلوبة المقدرة لمشاريعهم، لكن سجلت حالات استغلال لتلك الإجازات باستقدام عمالة أجنبية دون الحاجة إليها، وإنما لزجها في السوق العراقي، مقابل مبالغ ضخمة من الشركات.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية اليوم الأربعاء القبض على 75 أجنبيا مخالفا لقوانين الإقامة في العاصمة بغداد، وتسفيرهم إلى خارج البلاد، وقالت الوزارة في بيان إن "مفارز مديرية شؤون الإقامة في مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة ألقت القبض على 75 أجنبيا مخالفا لقانون الإقامة، في مناطق الكرخ والرصافة في بغداد، وتم تسفيرهم خارج البلاد".

ولا يبدي مراقبون للشأن الاقتصادي تفاؤلا كبيرا بقدرة الحكومة الحالية على إنجاز هذا الملف الشائك، بسبب التعقيدات التي تحيط به وعدم اتخاذ إجراءات رادعة بشكل كبير، يمكن أن تحقق تقدما واضحا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com