الصراع على خطوط الغاز بين إيطاليا وألمانيا على أشده.. وروسيا الرابح الأكبر (إنفوغرافيك)
الصراع على خطوط الغاز بين إيطاليا وألمانيا على أشده.. وروسيا الرابح الأكبر (إنفوغرافيك)الصراع على خطوط الغاز بين إيطاليا وألمانيا على أشده.. وروسيا الرابح الأكبر (إنفوغرافيك)

الصراع على خطوط الغاز بين إيطاليا وألمانيا على أشده.. وروسيا الرابح الأكبر (إنفوغرافيك)

تسعى إيطاليا بشكل مكثف وحثيث، هذه الأيام، لمواجهة الانعكاسات السياسية والاقتصادية المتوقعة لمشروع "نورد ستريم 2"، الذي سيقوم بضخ كميات كبيرة من الغاز الروسي إلى ألمانيا، معززًا من قبضة برلين على الاتحاد الأوروبي سياسيًا واقتصاديًا، على حساب روما بالدرجة الأولى، وكذلك من اعتمادية أوروبا على الغاز الروسي.

وترى دراسة حديثة نشرها معهد "بروكنغز" الأمريكي للدراسات السياسية، بأن الصراع تتجاوز تأثيراته حدود القارة الأوروبية، ليؤثر على سياسات كلٍّ من روسيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي وإيطاليا تجاه عدد من الملفات الملتهبة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ووسط وشرق أوروبا، حيث توجد مصادر بديلة للغاز الروسي، أو دول عبورٍ أو أسواق كبيرة له.

وبدأ الصراع بين ألمانيا وإيطاليا بأخذ منحى تصاعدي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتزايد تركز السيطرة السياسية والاقتصادية على الاتحاد في برلين، الأمر الذي ترى الدراسة بأنه سيمنح موسكو أريحية أكبر في ممارسة سياساتها، فلا يقف الأمر عند انشغال أوروبا بصراعاتها الداخلية عن تقديم مواقف موحدة وقوية، بل قد يجرُّ الصراع الدائر بين إيطاليا وألمانيا البلدين نحو المنافسة على التقرب لموسكو.

نورد ستريم 2

وقعت شركة غازبروم الروسية، في 4 سبتمبر/أيلول 2015، مع شركائها في مشروع "نورد ستريم"، اتفاقية لمضاعفة صادرات الغاز الروسي لألمانيا عبر "نورد ستريم"، من خلال إنشاء خطوط أنابيب جديدة، وأطلق على المشروع اسم "نورد ستريم 2".

يتجاوز "نورد ستريم" دول وسط أوروبا وأوكرانيا، ويمر عبر بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا مباشرة، حيث يعتبر أطول خط أنابيب بحري في العالم، ويقوم منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2012 بضخ 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا إلى ألمانيا، يتم استهلاك أكثر من 65% منها في ألمانيا (أي 39% من احتياجات ألمانيا إلى الغاز)، بينما تقوم ألمانيا بضخ الكميات المتبقية إلى دول أوروبية أخرى.

وسيقوم "نورد ستريم 2" بمضاعفة كمية الغاز الروسي المصدرة إلى ألمانيا، لتصبح 110 مليارات متر مكعب سنويًا، حال الانتهاء من أعمال الإنشاء والتشغيل المخطط لها أن تكون أواخر عام 2019، الأمر الذي سيحول من ألمانيا إلى محطة رئيسة لتوزيع الغاز في القارة الأوروبية، بينما ستقوم موسكو بإيقاف الضخ عبر أوكرانيا.

وتكمن أهمية المشروع بالنسبة لموسكو في إنهاء الاعتماد على خطوط التصدير المارة بأوكرانيا، فقد كانت روسيا تضخ 80% من غازها المصدر إلى أوروبا عبر أوكرانيا، إلا أن تلك الصادرات أخذت تشهد حالةً من عدم الاستقرار بعد تفاقم الأزمة بين الطرفين، حيث استخدم الغاز كورقة ضغط من كلا الطرفين، ما أثر على الاقتصاد الروسي، وأثار خشية الروس من فقدان السوق الأوروبية.

يضاف إلى ذلك، رغبة الروس بتعزيز موقعهم في سوق الطاقة الألماني، الأكبر في أوروبا، وتعزيز قدرة الغاز الروسي على منافسة غريمه النرويجي، الذي يمتلك حصة تبلغ 30% من السوق الألماني، حيث تأمل موسكو بأن يمكنها المشروع من مضاعفة الكميات والتقليل من تكاليف التصدير، وبالتالي خفض الأسعار ورفع قدرتها التنافسية.

كما تشير الدراسة إلى وجود اعتمادية كبيرة لدى دول  شرق ووسط أوروبا (هي التشيك، المجر، بولندا، سلوفاكيا، رومانيا، إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا، وكرواتيا) على الغاز الروسي، حيث ستزيد تلك الاعتمادية بعد أن تتمكن موسكو من تغطية الطلب في السوق بأسعار أفضل من ذي قبل، ولكنه من ناحية أخرى، سيزيد من مخاطر تمكن روسيا من قطع الغاز عن تلك الدول دون أن تتأذى صادراتها إلى الأسواق الأكبر غرب أوروبا، وخصوصًا ألمانيا.

الاعتراض الإيطالي

اتهمت روما البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية بـ"ازدواجية المعايير"، بعد أن مارس الاتحاد، العام 2014، ضغوطًا لإيقاف المشروع الإيطالي الروسي "ساوث ستريم" -  "South Stream" - لنقل الغاز من البحر الأسود مرورًا ببلغاريا واليونان، وصولًا إلى إيطاليا، بحجة تأثيره السلبي على الملف الأوكراني لصالح موسكو، في حين لم يتخذ الاتحاد ذات الموقف تجاه المشروع الألماني.

وقد قامت روسيا بالفعل بالانسحاب من المشروع بعد توقف أعمال الإنشاء من الجانب الأوروبي، وحمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب مسؤولية انهيار المشروع، وذلك أثناء زيارته لتركيا في 1 كانون الأول/ديسمبر 2014، معلنًا إطلاق مباحثات حول خط بديل يمر بتركيا.

بالرغم من أن الشركاء الإيطاليين في مشروع الخط الجنوبي لم يتضرروا ماليًا بقدر تضرر غازبروم الروسية جراء توقيف المشروع، إلا أن مستقبل إيطاليا كمحطة للطاقة في حوض المتوسط، وما يعني ذلك بالنسبة لها اقتصاديًا وسياسيًا، قد أصبح على المحك، مع العلم بأن أغلب واردات روما من الغاز الروسي، الذي تعتبر ثاني أكبر مستورد له في أوروبا، تمر بالخط الأوكراني المزمع إيقافه لحساب الخط الألماني.

يكمن البعد الاقتصادي في المشروع الألماني في تعزيز موقع ألمانيا في التحكم بأسعار الطاقة في القارة الأوروبية، واستخدامها كورقة ضغط على دول الاتحاد، حيث ينتهي الخط الروسي الألماني على السواحل الألمانية، بينما تتولى ألمانيا توزيعه من خلال شبكتها الخاصة التي تشغلها شركات ألمانية، أما الخط الأوكراني فقد كان يمتد في أوروبا وصولاً إلى عدد من نقاط التجميع أهمها إيطاليا، التي كانت توزعه بعد ذلك على دول أوروبية أخرى عبر شركات إيطالية، أو على شكل طاقة كهربائية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com