مع انخفاض أسعار النفط.. السعودية تتكيف مع وضعها الحالي
مع انخفاض أسعار النفط.. السعودية تتكيف مع وضعها الحاليمع انخفاض أسعار النفط.. السعودية تتكيف مع وضعها الحالي

مع انخفاض أسعار النفط.. السعودية تتكيف مع وضعها الحالي

دبي - جاء أداء الشركات السعودية أفضل -في زمن التقشف- مما كان الكثير من المستثمرين يخشونه، لكن هذه الشركات قد تواجه المزيد من المتاعب في الأشهر المقبلة مع تزايد صعوبة تحقيق مكاسب من خفض التكاليف وجهود تحسين كفاءة العمل.

وتمر السعودية أكبر دول العالم تصديرا للنفط بفترة تكيف مطولة مع انخفاض أسعار النفط الذي تسبب في عجز يبلغ نحو 100 مليار دولار في ميزانية الدولة وأرغم الحكومة على إجراء تخفيضات في الإنتاج.

وعلى مدى عشرات السنين اعتمد كل وجه من أوجه الاقتصاد على تدفق أموال النفط، ومن ثم فالتقشف يعد خبرا سيئا لأرباح الشركات السعودية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي أعلنت الحكومة السعودية مجموعة من التدابير التي لم يسبق أن اتخذت ما يماثلها في الصرامة، وذلك في شكل تخفيضات في الدعم أدت لارتفاع الأسعار المحلية للبنزين والكهرباء والماء وكذلك الغاز الطبيعي المستخدم كمادة خام في صناعة البتروكيماويات.

وتبين أرباح الربع الأول التي أعلنتها الشركات السعودية المدرجة في البورصة خلال الأسابيع القليلة الماضية أن الكثير منها استطاع تجنب حدوث انخفاض حاد في الأرباح.

وتوضح حسابات رويترز أن صافي الأرباح المجمعة لأكبر 50 شركة سعودية من حيث قيمة رأس المال - والتي تمثل النسبة الأكبر من كل أرباح شركات سوق الأسهم - انخفضت بنسبة 3.0 في المئة فقط عما كانت عليه قبل عام لتصل إلى 19.88 مليار ريال (5.4 مليار دولار).

وكان هذا أفضل كثيرا من توقعات كثير من المحللين الذي اعتقدوا أن الأرباح قد تهبط بالحدة التي هبطت بها الأرباح السنوية لعام 2015 والتي بلغ انكماشها 13.9 %.

ومع ذلك كانت هناك فروق كبيرة في أداء الربع الأول بين القطاعات وكانت أشد الصناعات تضررا هي الأكثر عرضة بشكل مباشر لطلب المستهلكين مثل تجارة التجزئة.

وعزت البيانات التي أصدرتها الشركات جانبا كبيرا من أرباحها التي جاءت أفضل من المتوقع إلى خفض التكاليف ومكاسب في كفاءة التشغيل وهي تدابير لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى إذا كانت هذه الشركات تريد أن تنمو، ويشير ذلك إلى أن هبوط الأرباح قد تتسارع وتيرته في وقت لاحق من العام الجاري أو العام المقبل.

وقال جاسم الجبران المحلل لدى "الجزيرة كابيتال" في الرياض "الشركات تمكنت من الاستفادة من المكاسب السهلة لخفض الإنفاق الزائد هذه المرة".

وأضاف الجبران "لكن الأرباع العديدة التالية ستبرهن على أن الشركات ستبحث عن أي فتات تضيف لنمو الأرباح وتمر بإعادة هيكلة ضخمة وهي تواجه المزيد من الضغوط جراء التقشف."

البنوك والبتروكيماويات

أغلب بنوك السعودية الاثنى عشر المدرجة في البورصة سجل نتائج تفوق توقعات المحللين في الربع الأول إذ زادت أرباحها مجتمعة بنسبة 0.6 % إلى 10.01 مليار ريال بالمقارنة مع نموها 7.2 % في العام الماضي كله.

ولم تكن مخصصات القروض المتعثرة بالضخامة التي كان المحللون يخشونها وذلك رغم أنها جاءت عموما أكبر قليلا مما كانت عليه قبل عام.

ومع ذلك يعتقد كثير من المحللين أن المخصصات قد ترتفع في الأرباع المقبلة مع استمرار تداعيات التقشف على الاقتصاد. فعلى سبيل المثال عمدت مجموعة بن لادن وهي من كبرى شركات البناء في السعودية إلى الاستغناء عن آلاف العمال ويعتقد المصرفيون أنه من المحتمل إعادة هيكلة بعض ديونها.

ومن عوامل القلق الأخرى للبنوك تباطؤ نمو الودائع بسبب انكماش التدفقات من أموال النفط. وقد انكمش إجمالي الودائع المصرفية بنسبة 0.6 %عما كان عليه قبل عام في مارس آذار الماضي بعد أن كانت تنمو بمعدل يفوق 10 % حتى العام الماضي.

وقال اقتصادي سعودي يعمل مع الحكومة طلب عدم نشر اسمه لأنه ليس مخولا سلطة الحديث مع وسائل الإعلام "يعتقد كثيرون أن نتائج البنوك بصفة خاصة في الربع الأول من العام الجاري مؤشر متأخر وليس استشرافيا أي أن النتائج تعكس أيام ما قبل تغيير الدعم أكثر مما تعكس شيئا آخر."

وأضاف "في الأرباع المقبلة ستبدأ في رؤية تزايد التخلف عن السداد ودخول البنوك في حالة من البلبلة ولذلك ستتدهور النتائج."

وقد انخفضت أرباح الشركات العشر الكبرى في قطاع البتروكيماويات بنسبة 8.9 % في الربع الأول إلى 4.33 مليار ريال لكن هذا الانكماش جاء أفضل كثيرا منه في 2015 عندما أدى انخفاض أسعار المنتجات بسبب رخص النفط إلى تقليص الأرباح بنسبة 36.9 في المئة.

وأعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) إحدى أكبر شركات البتروكيماويات في العالم انخفاضا بنسبة 13.2 % أرباح الربع الأول لتصل إلى 3.41 مليار ريال لكن هذا الرقم جاء أعلى من متوسط توقعات المحللين الذي بلغ 2.84 مليار ريال.

وقال الجبران "عموما استطاعت الهوامش الاجمالية أن تتفوق على التوقعات لأن المنتجين تمكنوا من السيطرة على التكاليف سواء التشغيلية أو العامة."

وأضاف أن أثر تخفيضات الدعم على هوامش شركات البتروكيماويات حتى الآن كان أقل مما توقعه المحللون بل والشركات نفسها. لكنه حذر من أن بعض الشركات مازالت تتمتع بأسعار مخفضة لمستلزمات الانتاج وهذه الأسعار سترتفع في نهاية المطاف في بيئة التقشف.

وقال الجبران "قد يثبت أن جزءا من الاستراتيجية الحالية التي تبنتها الشركات لتحسين كفاءة الأداء وخفض التكاليف غير قابلة للاستمرار لأن الهوامش ستنكمش في الأرباع المقبلة إذا زادت أسعار خام اللقيم الحالية والتي مازال بعض اللاعبين يستخدمونه بأسعار مخفضة."

وتكشف أرباح شركات تجارة التجزئة أثر التقشف على الطلب الاستهلاكي في المملكة حيث تم الاستغناء عن بعض من العمال الوافدين البالغ عددهم عشرة ملايين وأعيدوا إلى بلادهم.

ورغم أنه لم يحدث الاستغناء عن مواطنين سعوديين على نطاق كبير حتى الان فقد حد من قدرتهم الشرائية انخفاض ما يحصلون عليه من مكافآت سخية ومقابل ساعات العمل الإضافية في حين أن الغموض الذي يكتنف الاقتصاد جعلهم أكثر حذرا في الإنفاق.

وبصعوبة استطاعت شركة فواز الحكير لتجارة التجزئة -التي تملك حقوق استغلال العلامات التجارية لشركات من بينها مانجو وزارا وبنانا ريبابليك- تحقيق التعادل بين الايرادات والمصروفات في الربع الأول من العام وانخفض صافي أرباحها 98 في المئة.

وكان من أسباب هذا الانخفاض قوة المبيعات على غير المعتاد في الربع المقابل من العام السابق الذي حصل فيه موظفو القطاع العام على منحة تعادل مرتب شهرين بمناسبة تولي الملك سلمان الحكم لكنها عكست أيضا تدهور معنويات المستهلكين.

وقال محمد الشماسي رئيس إدارة الأصول بشركة دراية المالية إن الشركات السعودية التي يتركز نشاطها على السوق المحلي ستواجه ضغوطا أكبر على هوامشها مع تزايد حساسية المستهلكين للأسعار وعرض الشركات تخفيضات لجذب المشترين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com