إعصار النفط يجتاح الأسواق العالمية في 2015
إعصار النفط يجتاح الأسواق العالمية في 2015إعصار النفط يجتاح الأسواق العالمية في 2015

إعصار النفط يجتاح الأسواق العالمية في 2015

اجتاح إعصار النفط الاقتصاد العالمي خلال العام 2015، وأدى التراجع المتواصل في أسعار النفط إلى إرباك الاقتصاد العالمي، حيث تسببت موجة التذبذب الحادة في الأسعار إلى تغيير حسابات الكثير من الدول والاقتصادات العالمية، ومنها ما قام بإعادة النظر في سياستها الاقتصادية كون النفط يشكل العمود الفقري.

ومع بداية العام الجاري، تراجع سعر النفط إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل، مواصلاً انخفاضه طيلة أيام العام في أكبر سلسلة تراجع منذ حوالي 20 عاماً، ليستقر في نهاية المطاف عند أقل مستوى في 7 سنوات دون 40 دولاراً للبرميل.

الأسعار دون 50 دولاراً للبرميل

تراجع النفط في الأيام الأولى من يناير/ كانون الثاني 2015، إلى ما دون خمسين دولارا، ويُعزى هذا الهبوط إلى ما يسمى بـ "أساسيات السوق"، متمثلة في التفاعل بين العرض والطلب، فضلا عن قوة العملة الأميركية (الدولار) وتأثير نشاط المضاربين في الأسواق، لكن بعض المحللين يشكك في هذا الأمر ويربطه بعوامل سياسية، إلا أن أغلب التحليلات تربط بين تراجع سعر الخام ووفرة المعروض في أسواق النفط، لا سيما من خارج الدول المصدرة للنفط (أوبك).

وأسهمت عدة عوامل أخرى في التراجع الشديد لأسعار النفط في الأشهر الستة الماضية، منها ضعف النمو في منطقة اليورو وتباطؤه في الصين والبرازيل، وذلك على الرغم من التعافي القوي للاقتصاد الأمريكي -أكبر اقتصادات العالم- والذي استفاد بشكل كبير من هبوط سعر الخام، ليقلّص فاتورة الطاقة على المستهلكين الأميركيين، مما دعم الانفاق الذي يعد المحرك الأول للاقتصاد الأميركي.

وأشار صندوق النقد الدولي، إلى أن تراجع الطلب أسهم بنسبة تتراوح بين 20 و35% من تراجع أسعار البترول، ليتضافر هذا العامل مع الزيادة المفاجئة في إنتاج النفط في الفترة نفسها، والتي نتجت أساسا عن تعافي إنتاج ليبيا النفطي وبلوغ الصادرات النفطية لكل من روسيا والعراق في النصف الثاني من العام مستويات قياسية، وذلك رغم الاضطرابات التي يعيشها العراق.

"أوبك" ثابتة رغم الانتقادات

وفي ظل هذه التجاذبات الحادة والتطور الدراماتيكي في أسعار النفط، قامت "أوبك"، وهي المنظمة التي تجمع أكبر دول العالم المصدّرة للنفط، لتحقيق الاستقرار في الأسعار بالإبقاء على سياستها النفطية كما هي.

وأعلنت المنظمة عدم عزمها خفض حصتها من الإنتاج البالغ 30 مليون برميل يوميا، حتى لو انخفض سعر النفط إلى 20 دولارا أمريكيا للبرميل الواحد، وذلك رغم معارضة روسيا التي قاطعت آخر اجتماعات المنظمة وفنزويلا، التي رأت بأن استمرار أوبك بسياستها الحالية سيؤدي إلى تراجع كبير في أسعار النفط وايران التي لطالما قالت مرات عدة بأن نظام الحصص لم يعد منصفاً، والجزائر دعت إلى ضرورة خفض الإنتاج لإعادة التوزان في السوق.

النفط الصخري يخسر المعركة

وتجمع التحليلات؛ على أن العامل الرئيسي الذي دفع أسعار النفط للهبوط بشكل سريع، لا سيما منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2014 هو إصرار السعودية، أكبر مصدر للخام في العالم، على عدم تقليص إنتاجها؛ وبالتالي دفع الأسعار للصعود، وهو ما جعل منظمة "أوبك" - التي تمتلك فيها الرياض النفوذ الأكبر- تقرر الإبقاء على سقف إنتاجها المحدد بثلاثين مليون برميل يوميا رغم استمرار هبوط أسعار الخام، ويمثل إنتاج "أوبك" ثلثي الإمدادات العالمية، وقد اعتبر هذا القرار تحولا في سياسة "أوبك" التي كانت تتدخل لإحداث توازن في السوق عند هبوط الأسعار بشدة.

وزير النفط السعودي علي النعيمي، قال مراراً إن بلاده هدفها من تخفيض الأسعار إخراج المنتجين الهامشيين الذين أغرقوا الأسواق بالنفط، واستفادوا من ارتفاع الأسعار. في إشارة إلى النفط الصخري الأميركي.

وأشار إلى أن بلاده ستظل تنتج حصتها حتى لو وصل سعر النفط إلى عشرين دولاراً، واعتبر الوزير أنه من غير العادل مطالبة "أوبك" بتقليص إنتاجها إذا لم يقم المنتجون خارج المنظمة بالخطوة نفسها، وقد أضاف المنتجون المستقلون حوالي ستة ملايين برميل يوميا إلى المعروض.

ومنذ قرار "أوبك" تراجع سعر النفط، وكان هذا القرار محكوماً برغبة الدول الأعضاء المتنفذة فيها -لا سيما السعودية- في مواجهة إمدادات النفط الصخري في الولايات المتحدة وكندا، إذ أرادت عبر السماح بالمزيد من الهبوط في الأسعار بالأسواق العالمية، جعل منتجي النفط الصخري يتحملون خسائر هبوط الأسعار، لا سيما أن كلفة استخراج النفط الصخري أعلى بكثير من كلفة استخراج النفط التقليدي، فكلفة إنتاج النفط بالسعودية ودول الخليج - ما عدا العراق- تناهز خمسة دولارات للبرميل، في حين تصل في الولايات المتحدة إلى ما بين 70 و85 دولارا.

ورأى آخرون، أن ما يجري في أسواق النفط يعد "عقابا جماعيا"، إذ اتفق منتجو النفط الكبار في العالم والولايات المتحدة -رغم خسارتها من النفط الصخري- على خفض الأسعار من أجل معاقبة روسيا اقتصادياً والضغط عليها بسبب موقفها من الأزمة الأوكرانية، وكذلك معاقبة إيران التي تم تخفيف العقوبات المفروضة عليها، وأصبحت لديها قدرة أكبر على بيع نفطها في الخارج.

إجراءات تقشفية

وفي ظل هذه الأوضاع، شرعت الدول النفطية في إجراءات تقشف تشمل الحد من النفقات بهدف مواجهة انخفاض أسعار النفط، مرفقة إياها بخطوات لزيادة مداخيلها غير النفطية وخفض الدعم على المشتقات النفطية، وذلك بعدما وفرت أسعار النفط المرتفعة لهذه الدول فائضا في موازناتها السنوية طوال العقد الفائت.

وبحسب إحصاءات صندوق النقد، تراجع فائض موازنات دول المجلس (السعودية، الامارات، قطر، الكويت، البحرين وعمان). وفقد برميل النفط أكثر من 50% من سعره منذ منتصف 2014، ما حرم دول الخليج من مداخيل تقدر بـ 275 مليار دولار، بحسب صندوق النقد.

الشركات النفطية تقلص الإنفاق

الانخفاض الحاد والعنيد في النفط الخام، وعدم وجود نهاية في الأفق دفع كبرى شركات النفط العالمية خلال العام 2015 لإلغاء العديد من المشاريع في مختلف أنحاء العالم هذا العام، بسبب أسعار النفط المنخفضة، وقلصت الإنفاق الرأسمالي، بما يصل إلى 22 مليار دولار، وذلك بالتزامن مع موجات تسريح كبيرة في أعداد الموظفين لديها.

الحصة السوقية

قرارات "أوبك" الإبقاء على سقف إنتاجها دون تغيير، شجع دولاً من خارج "أوبك" على زيادة إنتاجها، وبالتالي السيطرة على حصص جديدة في السوق من خلال كسب عملاء مستهلكين جدد. وهذا بدوره أدى لخلق تنافس محموم بين الدول المنتجة سواء من داخل "أوبك" أو خارجها على الحصص، خاصة إذا رفعت العقوبات الاقتصادية عن إيران.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com