تراجع أسعار النفط يعرض الجزائر لأزمة
تراجع أسعار النفط يعرض الجزائر لأزمةتراجع أسعار النفط يعرض الجزائر لأزمة

تراجع أسعار النفط يعرض الجزائر لأزمة

الجزائر ـ قال خبراء جزائريون إن تراجع السعر إلى أقل من 70 دولاراً من شأنه أن يهدد الاقتصاد الوطني بأزمة مالية حادة وركود اقتصادي، فضلاً عن أزمات اجتماعية تتجلى في ارتفاع نسبة البطالة كنتيجة طبيعية لتراجع الإنفاق الاستثماري وصعوبة تمويل مشاريع التنمية.



واعتراف وزير المالية محمد جلاب بأن الجزائر تعتمد على مداخيلها بتصدير النفط والغاز بنسبة 97%، إلا أنه أكد أن انهيار أسعار النفط لا يشكل خطراً على التوازنات المالية للبلد.

وأوضح الوزير بأن الموازنة الجزائرية مبنية على سعر مرجعي هو 37 دولار للبرميل، إلا أن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن سعر برميل النفط المطلوب لإحداث التعادل في موازنة الدولة العامة، هو 131 دولارا.

وتبرز أهمية وخطورة تراجع سعر البرميل، كون النفط وحده يمثل 70% من الميزانية العامة، و35% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 97% من إجمالي الصادرات، وقد فشلت محاولات عدة في السنوات السابقة لإحداث تنويع اقتصادي لصالح التقليل من الاعتماد على عائدات النفط، والتركيز على الإنتاج الزراعي والصناعي.

وتنتج الجزائر نحو 2.2 مليون برميل يومياً، وقد احتلت المرتبة 14 عالمياً من حيث الإنتاج، والتاسعة في التصدير بنحو 1.9 مليون برميل يوميا، ووفق التقرير السنوي لمنظمة أوبك، بلغت العائدات النفطية للجزائر 65.6 مليار دولار عام 2013.

وعلى الرغم من أن الجزائر تحتل المرتبة 49 عالمياً بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي من أصل 190 دولة، إلا أن نسبة البطالة مرتفعة وتزيد عن 10%، وترتفع إلى 26% بين الشباب ، وهي تحتل المرتبة 109 وفق تصنيف البنك الدولي.

ولذلك، فإن الجزائر ليست في معزل عن صدمة على مستوى التوازنات الاقتصادية الكلية، ويتوقع الخبراء أن تكون أخطر من صدمة الثمانينات عندما حصل الانهيار الكبير لأسعار النفط في العام 1986، وما نتج عنه من آثار سلبية على الاقتصاد الوطني، وتدهور في المستوى المعيشي وارتفاع نسبة البطالة، حتى إن تلك الصدمة كشفت عن هشاشة وضعف المنظومة الاقتصادية التي أصابتها اختلالات هيكليه سواء في الميزان التجاري أو في ميزان المدفوعات، ووصل حجم التضخم إلى 42%، وكذلك انخفض معدل النمو الاقتصادي في عامي 1986 ـ 1987 إلى 1%، بعدما كان 3.5% عام 1985 وانهارت عوائد الصادرات بأكثر من 42% إلى 7.4 مليار دولار عام 1986، وساهم كل ذلك بارتفاع حجم الدين العام بحيث قفزت خدمة هذا الدين من الناتج المحلي من 8.27% عام 1986 إلى 21.7% عام 1991، واضطرت الجزائر في ذلك الوقت إلى طلب قروض ومساعدات خارجية وتبني خيار الإصلاحات من المؤسسات الدولية والتي كانت تعتبر ورقة ضغط خارجية عليها.

مساعدة دول عربية وأفريقية

على الرغم من تحملها نتائج ذبذبة أسعار النفط صعوداً وهبوطاً في السنوات اللاحقة لأزمة الثمانينات، فقد تمكنت الجزائر من تأمين عائدات مالية، مستفيدة من فترات ارتفاع الأسعار، خصوصاً في العام 2008 عندما ارتفع سعر البرميل إلى 140 دولاراً، واستطاعت تسديد معظم ديونها التي كانت في العام 2000 نحو 20.4 مليار دولار، وانخفضت تدريجياً حتى أصبحت لا تزيد عن 375 مليون دولار بنهاية العام 2013.

وفي تلك السنوات التي سجلت ازدهاراً مالياً للجزائر أطلق عليها بعض خبراء الاقتصاد بأنها "دولة فقيرة ولكنها تتصرف كالأغنياء".

وبعدما كانت في التسعينات تسعى إلى تسوية ديونها مع دول "نادي باريس" قامت في العام 2010 بإلغاء ديون قيمتها نحو 1.6 مليار دولار مستحقة لها في ذمة دول عربية وأفريقية، منها العراق واليمن بمبلغ 500 مليون دولار وقبلهما فييتنام بـ 200 مليون دولار، أما الدول الأفريقية وعددها 15 دولة، فقد استفادت من الغاء ديون مستحقة عليها للحكومة الجزائرية بقيمة 900 مليون دولار، وهي البينن، بوركينا فاسو، الكونغو، اثيوبيا، غينيا، غينيابيساو، موريتانيا، مالي، موزمبيق، النيجر، ساوتومي، برانسيبي، السينغال، السيشل، وتنزانيا.

وقد تم تقديم المساعدات المالية لهذه الدول بشطب ديونها، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين لإنشاء منظمة الوحدة الأفريقية، وأدرجت في إطار التضامن الأفريقي، وهي حسب إعلان الحكومة الجزائرية تجسد الإرادة السياسية للحكومة الجزائرية في الوفاء كلياً بالتزاماتها من أجل تحقيق الترقية الاقتصادية والاجتماعية.

أكبر إنفاق عسكري

أعدت الجزائر موازنتها للعام 2015، وهي تفوق 109 مليارات دولار وتحمل عجزاً كبيراً مقداره 52 مليار دولار، على أساس تقدير الواردات بنحو 57 مليار دولار، وستضطر الحكومة إلى سد هذا العجز من صندوق ضبط الإيرادات الذي لديه حالياً أكثر من 55 مليار دولار، وكان هذا الصندوق يمول من الفارق بين السعر الحقيقي لبرميل النفط والسعر المقدر في موازنات السنوات الماضية، فضلا عن الاستفادة من احتياطي صرف كبير يقدر بنحو 194 مليار دولار.

ولكن اللافت في موازنة العام القادم، ضخامة موازنة الجيش والأمن والتي يصل حجمها إلى نحو 20 مليار دولار، أو ما يعادل 18% من الإنفاق العام، وهي موزعة بين 13 مليار دولار لوزارة الدفاع و 7 مليارات لوزارة الداخلية.

ووفق محضر الموازنة العامة لعام 2015 والتي أقرتها الحكومة، جاء ارتفاع موازنة الجيش في إطار تحديات الأمن والدفاع والتوترات الأمنية المحيطة بالجزائر، من دون أن تكشف طبيعة هذه المخاطر.

وقد أثارت ضخامة الموازنة العسكرية انتباه عدد من المراقبين الاقتصاديين الذين تعجبوا من اهتمام الدولة بالإنفاق العسكري والأمني، مع ضعف المخاطر القائمة والتي لا تتطلب كل هذا الإنفاق، مع العلم أن موازنة الجيش الجزائري الذي صنفه معهد البحث الاستراتيجي الدولي في المركز الثاني بعد مصر لجهة التسليح والتجهيز، وفي المركز العشرين عالمياً، تزيد أرقامها عن الموازنات العسكرية لسبع دول عربية مجتمعه لعام 2014، وذلك وفق تقرير لموقع " جلوبل فاير باور" المتخصص في تصنيف الجيوش، وهي : العراق 5.5 مليار دولار، مصر 4.1 مليار دولار، المغرب 3.3 مليار دولار، سوريا 2.5 مليار دولار، الاردن 1.3 مليار دولار، اليمن 1.2 مليار دولار، والجيش الليبي نحو 880 مليون دولار.

ويبدو أن ارتفاع موازنة الجيش الجزائري يعود إلى رغبة الجزائر في إجراء مراجعة شاملة للمنظومة الأمنية والدفاعية عبر تنفيذ برنامج أعلنه الرئيس عبد العزيز بو تفليقة منذ عام 2000، مع الإشارة إلى أن الجيش الجزائري ينشر أكثر من 8000 جندي على طول الحدود مع ليبيا وحدها، إضافة إلى الأعباء المتعلقة بمراقبة الحدود مع مالي وتونس، لمنع تسلل المسلحين وعناصر "القاعدة" في بلاد المغرب، وتنظيم " التوحيد والجهاد " في غرب أفريقيا والتي تنشط في منطقة الساحل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com