لماذا سيخسر قطاع النفط الروسي مليارات الدولارات؟
لماذا سيخسر قطاع النفط الروسي مليارات الدولارات؟لماذا سيخسر قطاع النفط الروسي مليارات الدولارات؟

لماذا سيخسر قطاع النفط الروسي مليارات الدولارات؟

توقّعت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، أن تعاني روسيا من أكبر خسائر في الإيرادات بسبب القوانين التي تفرض استخدام وقود بحري أكثر نظافة اعتبارًا من عام 2020، نظرًا لأن أكبر مصدّر للنفط المحتوي على الكبريت الذي يشغل السفن لا يبدو مستعدًا للتغيير.

وتستعد مصافي النفط في جميع أنحاء العالم للتحول النادر الذي يهدف إلى الحد من التلوث الناجم عن السفن، في حين أن المنشآت في أوروبا وساحل الخليج الأمريكي مستعدة للتحول لإنتاج النفط ذي النسب المنخفضة من الكبريت، إلا أن الشركات الروسية لم تفعل الكثير للاستعداد للتحول، بحسب ما ذكرته الوكالة.

وقال الكسندر شيرباكوف كبير محللي الأبحاث في شركة "آي اتش اس ماركيت ليمتد" البحثية أنه "يبدو أن قطاع النفط في روسيا سيكون من بين أكبر الخاسرين ماليًا، إذ لا توجد فرصة لأن يكون القطاع جاهزًا بنسبة 100٪" عند بدء العمل بالقواعد الجديدة، لذا سيباع وقود النفط الروسي الغني بالكبريت بسعر مخفض".

تفاقم الخسائر

وأكدت "بلومبيرغ" أن روسيا ستبقى مهيمنة على سوق زيت وقود السفن العالمي إلى أن يتم البدء بتطبيق المنظمة البحرية الدولية (IMO) التنظيمات التي تخطط لها على الوقود في عام 2020.

ويمكن أن يصل إجمالي الإيرادات المفقودة إلى 3.5 مليار دولار في عام 2020، وفقًا لـ"وود أند كو للخدمات المالية سيرفيسز"، وهو بنك استثماري يركز على أوروبا الناشئة، وهذا يشكل أكثر من ثلث العائدات البالغة تقريبًا 9 مليار دولار التي حصل عليها المزودون الروسيون من صادرات زيت الوقود في العام الماضي، وفقًا لحسابات "بلومبيرغ" واستنادًا إلى بيانات الجمارك الروسية.

وأوضحت الوكالة أن الأنظمة التي أعدتها المنظمة البحرية الدولية، المعروفة اختصارًا بـ" آي إم أو 2020"، تعني أن السفن يجب عليها إما شراء وقود ذي نسبة كبريت منخفض أو تركيب أجهزة تنقية تعمل على إزالة الملوث من غازات العوادم.

وستفرض الأنظمة الجديدة حظر استخدام الوقود الذي يحتوي على كبريت بنسبة تتجاوز 0.05%، بعد أن كانت النسبة الأعلى المعمول بها في معظم أنحاء العالم اليوم تبلغ 3.5%. وهذه أخبار سيئة لشركات النفط الروسية الكبرى التي تنتج وتصنّع خام الأورال ذا المحتوى الكبريتي العالي.

متأخرة للغاية

"بلومبيرغ" أكدت أن روسيا قد لا تكون مستعدة للأنظمة الجديدة إذ لا يزال معظم نفطها غني بالكبريت، وفي حين أن البلاد تعتزم تطوير مصافيها الموجودة منذ الحقبة السوفيتية، إلا أنها ركزت جهودها على رفع إنتاج وجودة البنزين والديزل.

وبحسب بيانات وزارة الطاقة الروسية، لم تكن البلاد تنتج أي زيوت وقود متوافق مع أنظمة المنظمة الدولية البحرية لعام 2020 في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر المنصرم، وكان أكثر من ثلثي إنتاجها يحتوي على نسبة الكبريت تبلغ 2.5 % أو أكثر.

وقال المحلل إلدار دافالتشين، في شركة "وود أند كو": "إذا حافظت شركات التكرير الروسية على هيكل إنتاجها الحالي، ولم تجد طلبًا إضافيًا محليًا"، فإنها ستخسر المبيعات.

وبيّنت "بلومبيرغ" أن روسيا زوّدت زيوت الوقود الخاصة بها لأكثر من 120 دولة في العام الماضي، من هولندا إلى فيجي.

وفي مركز تجارة النفط والشحن في أوروبا " روتردام"، تذكر عقود توريد زيت الوقود في كانون الأول/ ديسمبر 2019 بيع برميل الوقود بسعر يقل بنحو 19.60 دولار عن سعر خام برنت، وهو خصم يزيد 3 أضعاف عن ذلك المقدم لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.

وأوضح شيرباكوف من شركة "آي اتش اس ماركيت، أن الشركات الروسية لا تستطيع خفض إنتاج زيت الوقود ذي النسبة العالية من الكبريت بشكل كبير في الوقت المناسب لبدء تطبيق المعايير الجديدة.

وأضاف أنه من غير المرجح أن تكتمل عمليات التحديث للتوافق مع معايير المنظمة البحرية الدولية في المرافق التابعة لشركة "روس نفط" وشركة "سورغوت نفط غاز" قبل العام 2020.

ومن جانبها، رفضت وزارة الطاقة الروسية طلب بلومبيرغ الحديث عن خطط البلاد لمعايير "آي إم أو 2020"، كما رفضت "سورغوت نفط غاز" التعليق أيضًا، بينما لم تستجب "روس نفط" لطلبات خطية من بلومبيرغ للتعليق على المسألة.

ويذكر الموقع الإلكتروني لمصفاة كيريشي التابعة لشركة "سورغوت نفط غاز" أنها تخطط لمواصلة تطوير وحدات معالجة الرواسب دون إعطاء ي موعد لذلك.

وذكرت الوكالة أن شركة "روس نفط" أشارت في تقريرها السنوي لعام 2017 أن القيام بتحديثات عميقة لمصافي "طوابس"، و"نوفوكويبشيفسك"، و"أتشينسك"، و"كومسومولسك" هي من الأولويات للفترة بين عامي 2018-2020.

وعلى الرغم من أن شراء المعدات والبناء في المرافق جارٍ، إلا أنه من الصعب أن يتم إطلاق هذه الوحدات في الوقت المناسب للأنظمة الجديدة، وفقًا لشيرباكوف  .

وقال المحلل رامين لاكاني في شركة "ميوز، ستانسيل أند كو" الاستشارية، "إنه سيكون هناك ضغط تجاري كبير على المصافي الروسية، بغض النظر عن السيناريو المتبع".

وأكدت "بلومبيرغ" أن المصافي الروسية تملك خيارات أخرى لتسويق زيت الوقود عالي الكبريت، ولا يمكن لأي منها أن يعوّض عائداتها المفقودة بالكامل من سوق الشحن. فيما يلي بعض هذه الخيارات:

الاستمرار في التصدير 

أشار لاكاني أن المنشآت في الدول الأخرى قادرة على تحويل النفط الروسي عالي الكبريت إلى وقود يمكن تسويقه. وذكر أن " الأماكن الأكثر احتمالًا لذلك هي أمريكا الشمالية؛ وخاصة ساحل الخليج الأمريكي بالإضافة إلى مصافي التكرير القريبة من أنتويرب وروتردام".

لكن شيرباكوف  أشار إلى أنهم يتوقعون خصمًا كبيرًا. كما أن هناك أيضًا خطر فرض الولايات المتحدة عقوبات على واردات النفط الروسي.

مزجه بالديزل وتوليد الكهرباء 

وذكرت "بلومبيرغ أنه من الممكن تقنيًا صنع زيت وقود ذي محتوى كبريتي منخفض عن طريق مزجه بالديزل، لكن الخيار بالكاد يكون اقتصاديًا.

وقال شيرباكوف: "ستحتاج إلى جزء واحد من زيت الوقود عالي الكبريت مقابل سبعة أو ثمانية أجزاء من الديزل. وقد يكون من المربح أكثر بيع الديزل وحده".

ويمكن لمحطات الطاقة المحلية أن تحرق المزيد من زيت الوقود عالي الكبريت، ولكن بزيادة قليل فقط على حد تعبير الوكالة التي ذكرت أن نحو 70% من محطات التوليد الحارقة للوقود الأحفوري في روسيا تستخدم الغاز الطبيعي.

وينتج فقط نحو 1% أو حوالي 3 ملايين طن في السنة، من زيت الوقود، إذ قال لاكاني إن التبديل على نطاق واسع "لن يكون سهلًا أو واسع الانتشار".

بناء الطرق

ولفتت "بلومبيرغ" إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهد بمضاعفة الإنفاق على الطرق الروسية المهملة منذ فترة طويلة خلال السنوات الست المقبلة.

وهذا يمكن أن يوسع سوق الإسفلت "القار" المنتج من زيت الوقود عالي الكبريت. قال شيرباكوف "يبلغ حجم سوق القار الكلي في روسيا 6 ملايين طن سنويًا.

وحتى في حالة تضاعفها لا يمكنك التخلص من كل زيت الوقود الروسي عالي الكبريت بهذه الطريقة."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com