لماذا أوقفت السعودية شحنات النفط عبر مضيق باب المندب؟
لماذا أوقفت السعودية شحنات النفط عبر مضيق باب المندب؟لماذا أوقفت السعودية شحنات النفط عبر مضيق باب المندب؟

لماذا أوقفت السعودية شحنات النفط عبر مضيق باب المندب؟

ثارت تساؤلات عديدة مؤخرًا بشأن الموقف الغربي، الذي يمثل الدول الداعمة للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، في حربه ضد ميليشيات الحوثي، خاصة وأن تلك الدول الغربية لم تصدر أي موقف واضح أو تعلن قرارًا بشأن إجراءات تأمين مضيق باب المندب بعد تعرض ناقلتي نفط سعوديتين لاعتداء من قبل الميليشيات.

وعبّر الحلفاء الغربيون للتحالف عن قلقهم بشأن هجمات الميليشيات، في وقت يتصاعد فيه التهديد للملاحة في باب المندب منذ فترة مع استهداف الحوثيين ناقلات نفط سعودية في هجومين آخرين على الأقل هذا العام.

وأعلنت السعودية، الأسبوع الماضي، تعليق مرور شحنات النفط في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر بعد أن هاجم الحوثيون المتحالفون مع إيران سفينتين في الممر المائي، في الوقت الذي لم تحذ حذوها أي من الدول الأخرى المصدرة للنفط حتى الآن.

ومن شأن إغلاق كامل للممر المائي الاستراتيجي أن يؤدي فعليًا إلى وقف شحنات تبلغ نحو 4.8 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة إلى أوروبا والولايات المتحدة، بحسب المراقبين.

وقال سداد الحسيني وهو مسؤول تنفيذي سابق في "أرامكو" السعودية ومستشار للطاقة حاليًا: "بدلًا من السماح لهذه التحركات العدائية بأن تمر دون أن يلاحظها العالم، فإن وزير الطاقة السعودي يضع ما تقوم به إيران من تخريب للاقتصاد العالمي بأسره تحت أعين الجميع".

وأضاف فيما نقلته عنه وكالة "رويترز" للأنباء: "السيطرة على ميناء الحديدة لن تضع نهاية لهذه العراقيل إلا بعد وقت طويل".

والحديدة هي الميناء الرئيس لليمن والهدف لهجوم بدأه التحالف في 12 يونيو/ حزيران في محاولة لقطع خط الإمدادات الرئيس للحوثيين، وأوقف التحالف العمليات في الأول من يوليو/ تموز لإعطاء الأمم المتحدة فرصة لحل الموقف.

وتعليق الشحنات السعودية، مع التهديد الضمني بارتفاع أسعار النفط، ربما يهدف أيضًا إلى الضغط على الحلفاء الغربيين الذين ما زالوا يدعمون الاتفاق النووي مع إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في مايو/ آيار، لاتخاذ موقف أقوى ضد برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ودعم جماعات مسلحة في أرجاء المنطقة.

زيادة المخاطر

وقال جيمس دورسي من معهد "إس.راجارتنام" للدراسات الدولية: "الحوثيون يحاولون تصعيد الوضع حتى يتم بذل المزيد من الجهد للتفاوض لإنهاء الحرب في اليمن".

و"يتمثل الخطر في أن يخطئ أحد الجانبين التقدير، وهو ما قد يثير ردًّا أقوى من المتوقع"، حسب قول الخبير.

وقالت حليمة كروفت الرئيس العالمي لاستراتيجية السلع الأولية بشركة "آر.بي.سي كابيتال ماركتس": "نحن على بعد مسافة قصيرة من الدخول في مواجهة مباشرة على نحو أكبر".

خيارات السعودية

ويرى مراقبون أن المملكة العربية السعودية ليست في عجلة من أمرها بخصوص التوقيت الذي ستصبح فيه الملاحة في باب المندب آمنة، لأن لديها وسائل أخرى لنقل الخام إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية.

ومن الممكن أن يؤدي تغيير مسار السفن للالتفاف حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية إلى تكلفة كبيرة في الوقت والمال وهو ما يجعله خيارًا غير مرجح.

وبدلًا من ذلك، ستتجه المملكة على الأرجح إلى خط أنابيب الشرق - الغرب (بترولاين) الذي ينقل الخام من حقول النفط في المنطقة الشرقية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، ومنه إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.

وتقول مصادر بالقطاع النفطي إن المملكة قد تستأجر أيضًا سفنًا غير سعودية لنقل النفط عبر باب المندب.

الحاجة لحل سياسي

وحتى قبل حادث الأسبوع الماضي، اتخذت شركات الشحن إجراءات احترازية إضافية منها الاستعانة بحراسات مسلحة والمزيد من المراقبة والإبحار بسرعات أكبر وتكثيف الاتصالات مع القوات البحرية الدولية.

وكان تقرير للأمم المتحدة في يناير/ كانون الثاني ذكر أن الإجراءات الحالية لن تحمي السفن من هجمات تتضمن عبوات ناسفة بدائية محمولة بحرًا، وصواريخ مضادة للسفن، وصواريخ موجهة مضادة للدبابات متمركزة على البر، وألغامًا بحرية.

ويقول خبراء إن الولايات المتحدة وشركاء آخرين يمكنهم تقديم حراسات بحرية للناقلات واتخاذ المزيد من الخطوات لتقليل قدرة الحوثيين على استهداف الملاحة، بما في ذلك إمدادات أسلحة والمساعدة في المجال اللوجستي والمعلومات.

وساعد تكثيف الدوريات البحرية في كبح هجمات القراصنة في خليج عدن القريب قبل 10 أعوام، لكن من المستبعد، برأي المراقبين، أن ينخرط الحلفاء الغربيون بشكل مباشر هذه المرة تفاديًا للدخول إلى حرب اليمن.

ورغم أن النهج العسكري قد يواجه التهديد الماثل أمام حركة الشحن إلا أن إليزابيث ديكنسون من مجموعة الأزمات الدولية تقول إن "الحل الحقيقي الوحيد هو تسوية الحرب في اليمن وهو هدف لا يزال بعيدًا".

الرد الإيراني المحتمل

وتضغط واشنطن بعد انسحابها من الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية المبرم في عام 2015، على الدول الأخرى حاليًا من أجل وقف وارداتها من النفط الإيراني اعتبارًا من نوفمبر/ تشرين الثاني.

يأتي ذلك في وقت حذرت فيه طهران من أنها ستتخذ إجراءات مضادة، وهددت بمنع مرور سفن نقل الخام من الخليج إذا تم إيقاف صادراتها.

ورغم تهديدات عدائية متبادلة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإيران، إلا أن عددًا من المسؤولين الإيرانيين يعتبرون احتمال مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة "منخفضًا للغاية".

وإلى جانب تعطيل تدفق النفط في الخليج، تقول مصادر مطلعة إنه إذا نشبت مواجهة مباشرة فإن من المحتمل أن تستهدف إيران المصالح الأمريكية الممتدة من الأردن إلى أفغانستان، بما في ذلك القوات الأمريكية في سوريا والعراق.

استبعاد حرب الناقلات

وانتشرت في مياه الخليج أثناء "حرب الناقلات" في منتصف الثمانينات، ألغام، مع قيام إيران والعراق بمهاجمة شحنات النفط.

وقامت الولايات المتحدة وبريطانيا وقوى أجنبية أخرى بحراسة ناقلات لدول أخرى، وغيًرت بعض السفن الكويتية راياتها ورفعت العلم الأمريكي، ونفذت ضربات محدودة ضد أهداف بحرية إيرانية.

ورغم قدرة السعوديين على تسيير السفن بأعلام دول أخرى لتفادي هجمات الحوثيين، إلا أن محللين يقولون إن ذلك سيقوض جهود السعودية لإظهار نفوذها في المنطقة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com