صناعة النفط الأمريكية تنتظر تحطيم رقم قياسي خلال أيام
صناعة النفط الأمريكية تنتظر تحطيم رقم قياسي خلال أيامصناعة النفط الأمريكية تنتظر تحطيم رقم قياسي خلال أيام

صناعة النفط الأمريكية تنتظر تحطيم رقم قياسي خلال أيام

من المنتظر أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي متجاوزاً 10 ملايين برميل يومياً، بفضل زيادة إنتاج النفط الصخري؛ ليحطم الرقم القياسي الذي سجل في العام 1970 ويعبر عتبة جديدة لم يكن أحد يتصورها قبل 10 سنوات.

بل إن هذا الرقم القياسي الجديد المتوقع أن يتحقق خلال أيام، لن يستمر طويلاً على الأرجح.

فالحكومة الأمريكية تتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى 11 مليون برميل يومياً في أواخر العام 2019 ليناطح إنتاج روسيا التي تتصدر قائمة منتجي النفط على مستوى العالم.

والآثار الاقتصادية والسياسية لارتفاع الإنتاج الأمريكي مذهلة، إذ تمثلت في خفض واردات البلاد من النفط بمقدار الخُمس على مدار 10 سنوات، وإتاحة وظائف بمرتبات كبيرة في المجتمعات الريفية، وتقليص أسعار البنزين للاستهلاك المحلي بنسبة 37 % من الذروة التي بلغتها في العام 2008.

واختفت المخاوف التي تملكت الولايات المتحدة خلال السبعينيات من حدوث أزمات حادة في الطاقة، وحلت محلها سياسة رئاسية تقوم على تحقيق الهيمنة عالمياً في مجال الطاقة.

وقال رئيس قسم الطاقة والموارد الأمريكية، بشركة "ديلويت" الاستشارية، جون إنغلاند:" كان لذلك آثار إيجابية لا تصدق على الاقتصاد الأمريكي وعلى قوة العمل، بل وعلى خفض بصمتنا الكربونية"، إذ حل الغاز الصخري محل الفحم في محطات توليد الكهرباء.

وأصبحت صادرات الطاقة الأمريكية تنافس نفط الشرق الأوسط على المشترين في آسيا.

وقفز حجم التجارة اليومية في التعاقدات الآجلة على النفط الأمريكي لأكثر من مثليه في السنوات العشر الأخيرة، فتجاوز متوسطه 1.2 مليار برميل يومياً خلال 2017 وذلك وفقًا لمجموعة "سي.إم.إي" لإدارة البورصات.

كما أصبح سعر خام القياس الأمريكي، غرب تكساس الوسيط، يحظى بمتابعة دقيقة في مختلف أنحاء العالم من جانب المتعاقدين الأجانب على شراء البنزين ووقود الديزل والنفط الخام الأمريكي.

ولا تزال مسألة ما إذا كان من الممكن أن يستمر الإنتاج الصخري بهذه الوتيرة سؤالاً مفتوحاً.

فقد أثار النمو السريع مخاوف من اقتراب هذه الصناعة من ذروتها، ومن أن تكون توقعات الإنتاج مفرطة في التفاؤل.

وقد سجلت تكاليف الأيدي العاملة والخدمات المتعاقد عليها ارتفاعاً حاداً في الآونة الأخيرة في أكثر حقول النفط نشاطاً، وارتفعت بشدة أسعار الأراضي التي يمكن الحفر فيها، كما أن بعض المستثمرين الذين يمولون الإنتاج الصخري يطالبون شركات الإنتاج بالتركيز على تحسين العوائد في الأجل القصير بدلاً من التوسع في الحفر.

غير أن المنتجين الأمريكيين خالفوا بالفعل التوقعات، وتغلبوا على تحديات خطيرة بما في ذلك الجهود الأخيرة التي بذلتها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لكي تخسف الأرض بشركات الإنتاج الصخري، وذلك بإغراق الأسواق العالمية بالنفط.

وتراجعت (أوبك) في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2016 وطبقت تخفيضات في الإنتاج وسط ضغوط من أعضائها بسبب تدني الأسعار التي هوت إلى ما دون 27 دولاراً للبرميل في وقت سابق من ذلك العام، بعد أن كانت تتجاوز 100 دولار في 2014.

وانتصر أصحاب الإنتاج الصخري في حرب الأسعار من خلال تخفيضات كبيرة في التكاليف والتطور السريع في تكنولوجيا الحفر.

وأصبح سعر النفط الآن أعلى من 64 دولاراً للبرميل، أي ما يكفي لدى كثير من المنتجين الأمريكيين لتغطية نفقات التوسع في الحفر، وتوزيع أرباح على المساهمين في آن واحد.

انتعاش صادرات النفط

ساعدت كفاءات التشغيل التي حفزتها المعركة مع (أوبك) الشركات الأمريكية على إنتاج ما يكفي من النفط، للمطالبة بإلغاء حظر فرض على الصادرات ونجحت في ذلك.

فقد ألغى الكونغرس الأمريكي في أواخر العام 2015 الحظر الذي فرض في أعقاب الحظر النفطي الذي فرضته (أوبك) في العام 1973.

ومن تلك الكفاءات التي تحققت، الحفر بمعدلات أسرع وتحسين تصميمات الآبار وزيادة عمليات التكسير.

وتصدر الولايات المتحدة الآن ما يصل إلى 1.7 مليون برميل يومياً من النفط الخام، وستصل القدرة التصديرية هذا العام إلى 3.8 مليار قدم مكعبة يومياً من الغاز الطبيعي. وتم تعديل المرافئ التي بنيت من أجل استيراد الغاز الطبيعي المسال بما يسمح لها بالتصدير.

وأدى هذا الطلب على الصادرات مع ارتفاع الإنتاج في مواقع نائية مثل: غرب تكساس، ونورث داكوتا، إلى طفرة في إنشاءات خطوط الأنابيب بالولايات المتحدة.

وتوضح بيانات إدارة سلامة خطوط الأنابيب والمواد الخطرة، أن الشركات ومنها "كيندر مورجان وانتربرايز برودكتس بارتنرز" أضافت 26 ألف ميل من خطوط الأنابيب لنقل السوائل في السنوات الخمس من 2012 إلى 2016.

كما أنه يجري التخطيط لمشروعات أخرى بمليارات الدولارات لمد خطوط الأنابيب.

وتقول شركات الحفر الأمريكية، إن بوسعها زيادة الإنتاج.

وقال ماتياس شليشت، نائب رئيس قطاع التكنولوجيا بشركة "بيكر هيوز" وحدة خدمات حقول النفط التابعة لجنرال إلكتريك: "نحن مستمرون في تحقيق التحسينات وحفزها".

وأضاف أن "من الممكن الآن حفر الآبار خلال فترة لا تتجاوز الأسبوع، بعد أن كانت عملية الحفر تستغرق ما يصل إلى الشهر قبل بضعة أعوام".

حقول جديدة

تتوقف المرحلة المقبلة من نمو الإنتاج الصخري على أساليب استخراج المزيد من النفط من كل بئر.

وتقوم الشركات -الآن- بتثبيت مجسات على رؤوس الحفر لتحقيق مزيد من الدقة في الوصول إلى المكامن النفطية، مستخدمة في ذلك الذكاء الصناعي، والتشغيل عن بعد؛ لتحقيق أقصى استفادة من المعدات والمهندسين المدربين.

وقالت كيت ريتشارد، الرئيسة التنفيذية لمجموعة "وارويك إنرجي" التي تمتلك حصصاً في أكثر من 5 آلاف بئر بالولايات المتحدة، إن التكنولوجيا ستساعد في تحقيق المزيد من الأرباح مع التوسع في الاستثمارات الذي يدفع أعداداً أكبر من المنتجين لحفر آبار في المناطق الأقل إنتاجية.

وقدرت في مقابلة، أن حوالي ثلث الأموال القادمة من الاستثمارات المباشرة في الإنتاج الصخري ستستغل في استخراج كميات أكبر من النفط من مناطق أغفلها المستثمرون.

كما أن ارتفاع الأسعار، الذي بلغ نحو 10 دولارات للبرميل في الشهرين الأخيرين، قد يشجع الصناعة على استكمال العمل في عمليات الحفر المتأخرة في حوالي 7300 بئر صخرية لم تستكمل، وتراكمت بسبب نقص أطقم العاملين والمعدات.

ودفع ارتفاع الأسعار، شركات موردة تقدم خدمات التكسير الهيدروليكي مثل: "كين جروب وليبرتي أويل فيلد سيرفيسز" إلى شراء معدات جديدة باهظة التكلفة توقعاً لزيادة نشاطها.

ومن المتوقع أن تنمو ايرادات خدمات التكسير في الولايات المتحدة بنسبة 20 % هذا العام؛ لتقترب من المستوى القياسي الذي سجل في العام 2014 وبلغ 29 مليار دولار وفقاً لشركة "سبيرز آند أسوشيتس" لأبحاث حقول النفط.

الشركات الكبرى تواكب مسيرة الصخور

في البداية قلبت ثورة الإنتاج الصخري النظام في الصناعة، فحققت المليارات للمغامرين الذين جازفوا بالحفر مثل: هارولد هام، الذي أسس شركة "كونتيننتال ريسورسز" والراحل أوبري ماكليندون، مؤسس شركة "تشيزابيك إنرجي".

وقبل نحو 10 سنوات، كان جانب كبير من اهتمام شركات النفط الأمريكية الكبرى مثل: "إكسون موبيل، وشيفرون" ينصب على الحقول في دول أخرى، فتركت تطوير الصناعة الصخرية في الولايات المتحدة للشركات الصغرى.

أما الآن، فقد عادت واتجهت إلى شراء شركات الإنتاج الصخري والأراضي، وحولت المزيد من الاستثمارات من الخارج إلى الولايات المتحدة.

ويعمل هذا التحول في اهتمام الشركات الكبرى على رفع تكاليف الأيدي العاملة، وأراضي الحفر في المنطقة؛ فيما يمثل دفعة أخرى للأجور، والثروة في المناطق الريفية.

وقال ويلي تيلور، المدير التنفيذي لمجلس تطوير قوة العمل بحوض بيرميان الذي يساعد الشركات في جلب العاملين:" إن معدل البطالة انخفض إلى 2.6 % فحسب في مركز الصناعة الصخرية في ميدلاند بولاية تكساس".

وأضاف، أن الشركات تعرض -الآن- دفع منح توقيع لجذب العاملين إلى غرب تكساس. وتتولى إحدى الشركات نقل العاملين جواً إلى ميدلاند من هيوستون أسبوعياً لسد ثغرة في العمالة المحلية.

وقال:"كانت السوق سوقاً لأرباب الأعمال، أما الآن فقد أصبحت سوقاً للباحثين عن الوظائف".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com