بعد 10 سنوات من الحصار.. اقتصاد غزة عند آخر نقطة قبل الانهيار  
بعد 10 سنوات من الحصار.. اقتصاد غزة عند آخر نقطة قبل الانهيار  بعد 10 سنوات من الحصار.. اقتصاد غزة عند آخر نقطة قبل الانهيار  

بعد 10 سنوات من الحصار.. اقتصاد غزة عند آخر نقطة قبل الانهيار  

يدخل اقتصاد قطاع غزة عامه الحادي عشر بمؤشرات لا تبدو فيها الحياة الاقتصادية والقوة الشرائية طبيعية كما كانت في السنوات السابقة؛ إذ تكاد المحال التجارية في أسواق القطاع تخلو من حركة المشترين، وسط مؤشرات على الاقتراب من بلوغ النقطة الأخيرة قبل الانهيار.

وقالت لجنة تنسيق البضائع على معبر كرم أبو سالم (المعبر التجاري الوحيد حاليًا بين إسرائيل وغزة) إن تراجعًا بنسبة 60% طرأ على عدد الشاحنات المحملة بالبضائع الداخلة إلى القطاع؛ بسبب تراجع القوة الشرائية.

وبحسب أرقام وردت في "نداء عاجل" وجهه ممثلو القطاع الخاص في غزة للرئيس محمود عباس، سجلت نسبة الفقر في غزة 65%، بينما ارتفعت نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في القطاع 50% في 2017.

تبعات الانقسام

وقضى أمر رئاسي فلسطيني، في إبريل/نيسان الماضي، بخصم 30% من رواتب الموظفين العموميين في قطاع غزة، تبعه تقاعد مبكر لأكثر من 7000 عنصر أمن؛ في محاولة للضغط على حماس لحل لجنة شكلتها لإدارة القطاع، التي استجابت للضغوطات في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويقول ماهر الطباع، وهو محلل اقتصادي، إن الخصومات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على موظفيها العام الماضي كان لها دور في تراجع الاقتصاد المحلي، حيث تخطت 30% لتصل إلى 50%، مشيرًا إلى أن "سوق غزة منذ إبريل/نيسان الماضي فقدت أكثر من 160 مليون دولار".

ويعتمد اقتصاد غزة وأسواقه بشكل رئيس على رواتب الموظفين العموميين البالغ عددهم حتى نهاية 2016، نحو 58 ألف موظف مدني وعسكري، يضاف لهم 40 ألف موظف عينتهم حماس بعد الانقسام.

وينتظر 40 ألف موظف كانت عينتهم "حماس" بعد الانقسام 2007، صرف رواتبهم من جانب الحكومة الفلسطينية منذ توقيع اتفاق المصالحة، لكن الحكومة أكدت مرارًا عبر رئيس الوزراء رامي الحمد الله، أن استيعابهم في المؤسسات سيكون وفق الحاجة.

عقوبات أمريكية

ويعتمد أكثر من مليون لاجئ فلسطيني في قطاع غزة على المساعدات الإغاثية التي تقدّمها "أونروا"، وسط تخوفات من انقطاع تلك المساعدات عنهم، عقب تهديد واشنطن بوقف تمويلها للوكالة الأممية.

ويعتقد الطباع أن التهديد الأمريكي بتقليص دعم واشنطن لـ "الأونروا" سينعكس بشكل سلبي على الوضع الاقتصادي الذي يعاني أصلًا من الانهيار.

ويأتي التهديد، في ظل أزمة مالية تعاني منها "أونروا" تسببت بعجز مالي في خزينتها وصل إلى 60 مليون دولار، ومن المتوقع أن تنخفض الخدمات التي تقدمها "أونروا" في قطاع غزة، في حال نفّذت واشنطن تهديدها.

تراجع الودائع والقروض

وبيّنت أرقام حديثة لسلطة النقد الفلسطينية تراجعًا في حجم ودائع الأفراد والشركات في قطاع غزة إلى 1.122 مليار دولار حتى نهاية الربع الثالث 2017.

وكانت قيمة الودائع بلغت 1.137 مليار دولار في الربع الثاني لذات العام، و1.125 مليار دولار في الربع الثالث 2016.

كذلك، انكمشت القروض البنكية للأفراد والشركات في الربع الثالث 2017 إلى 990.4 مليون دولار، وهو أدنى رقم منذ الربع الثالث 2016.

وكانت قيمة القروض المصرفية بلغت 993.5 مليون دولار في الربع الثاني لذات العام، 885.8 مليون دولار في الربع الثالث 2016.

حصار مستمر

وأوردت صحيفة "هآرتس" العبرية، الإثنين الماضي، أن الأمن الإسرائيلي يرى بأن الضغط والتدهور الاقتصادي في قطاع غزة، قد يمهد "إلى انفجار خارج عن السيطرة".

وتبلغ نسبة البطالة في غزة 45% بحسب الإحصاء الفلسطيني، وترتفع إلى 60% في صفوف الشباب، حتى نهاية الربع الثالث 2017، وتعد نسبة البطالة المسجلة في القطاع العام الماضي، الأسوأ منذ 2002.

وحتى إشعار آخر، يدخل إغلاق المعبر التجاري الوحيد بين إسرائيل وغزة (معبر كرم أبو سالم)، يومه الثالث على التوالي.

وتتحكم إسرائيل بالمعبر وحركة البضائع الصادرة أو الواردة، وتضع قيودًا على واردات السلع، بداعي "إمكانية الاستخدام المزدوج" (لأغراض مدنية وعسكرية) لها.

ونفذت إسرائيل خلال سنوات الحصار منذ 2007، ثلاث حروب على غزة، آخرها صيف 2014، التي أدت في جوانبها الاقتصادية لتدمير قرابة 150 ألف منشأة سكنية وتجارية.

الدولار المتراجع

ويفاقم الأوضاع الاقتصادية، انخفاض قيمة الدولار الأمريكي مقابل الشيكل الإسرائيلي، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 3.39 شيكل وهو الأدنى للعملة الأمريكية منذ 2011.

ويقول الطبّاع إن هذا الأمر يفاقم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية؛ حيث إن معظم إيرادات القطاع تكون بالعملة الأجنبية.

ويتقاضى موظفو المؤسسات الدولية والبنوك والشركات الخاصة الكبرى رواتبهم بـ"الدولار الأمريكي".

قضايا "ذمم مالية"

وتسبب انعدام مصادر الدخل لدى المواطنين من الموظفين أو التجار في قطاع غزة، بزيادة أعداد أوامر الحبس على خلفية قضايا مالية، خلال عام 2017، بحيث وصلت 50 - 60 ألف مواطن.

وقال أيمن البطنيجي، المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية: "نظرًا لتعثر الوضع الاقتصادي بشكل كبير والعسرة التي أصابت تجار غزة، شهدت أرقام أوامر الحبس على خلفية القضايا المالية، ارتفاعًا خلال العام الماضي".

ويرجع البطنيجي ذلك إلى "الظروف الاقتصادية المتدهورة من انعدام توفّر السيولة النقدية بين التجّار، إلى جانب عدم وجود طاقة شرائية لدى الناس".

ويضيف قائلًا: "الناس أصبحت تخشى الشراء، الأمر الذي يؤدي إلى وجود كم بضائع كبير، وقلة في حجم الشراء، بشكل يصعب على التجار أصحاب الشيكات التي استخدمت في شراء البضاعة تسديدها".

وبيّن البطنيجي أن معظم حالات "الذمم المالية هم ضحايا الوضع الاقتصادي الصعب من تجار ومواطنين لديهم التزامات مالية ويصعب عليهم تسديدها الذي يمرّ به قطاع غزة".

من جانب آخر، أطلق بعض التجّار الفلسطينيين بغزة حملة تحت اسم "سامح تؤجر"، لاقت رواجًا في السوق الفلسطينية وفي صفوف التجار، وتقضي بتنازل التاجر عن الديون المستحقة له من المواطنين المعسورين.

  مؤشرات الانهيار

ويقول "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، ومقره في جنيف، إن الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في قطاع غزة "بدأت في الانهيار".

وأرجع محمد صيام، الباحث القانوني في المرصد، ذلك الانهيار إلى الحصار الذي تفرضه إسرائيل لأكثر من 11 عامًا على القطاع، ووثّق المرصد ازدياد نسبة الفقر بغزة إلى ما يجاوز 65%، وسط ارتفاع نسب البطالة أيضًا.

ويرى صيام أنه في حال نفّذت واشنطن تهديداتها، فإن القطاع سيكون "أمام كارثة إنسانية حقيقية"، في ظلّ اعتماد حوالي 80% من سكان القطاع، على خدمات "الأونروا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com