اليمن.. آلية صرف المرتبات الجديدة تثير سخط الموظفين الحكوميين
تتواصل ردود أفعال موظفي بعض القطاعات الحكومية في المناطق اليمنية المحررة من ميليشيات الحوثيين، الرافضة لآلية صرف المرتبات الجديدة التي أعلنتها الحكومة الشرعية، مؤخرًا، ضمن خطة "إصلاحات شاملة في الجوانب المالية والاقتصادية والإدارية".
وأصدرت وزارة المالية اليمنية، مطلع أغسطس/ آب الجاري، تعميمًا بشأن صرف مرتبات موظفي الجهاز الحكومي ومؤسسات الدولة عبر بنكين حكوميين وعدد من البنوك التجارية الخاصة، ما أثار غضب موظفي بعض المرافق الحكومية في محافظات عدن وأبين ولحج، وسط تهديدات من نقابة المعلمين الجنوبيين بتنفيذ الإضراب والبدء بوقفات احتجاجية مع بداية العام الدراسي، ما لم تتراجع الحكومة عن قرارها الذي قالت إنه "يناسب بعض مرافق الدولة ولا يناسب بعضها الآخر".
وقالت المالية، في تصريح على لسان مصدر مسؤول في الوزارة، نشرته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، أمس الإثنين، إن هذا القرار "يندرج ضمن توجيهات مجلس القيادة الرئاسي، وجهود الحكومة، والتفاهمات مع المانحين لبلادنا؛ من أجل تنفيذ إصلاحات شاملة في الجوانب المالية والاقتصادية والإدارية ومحاربة الفساد".
وأكد المصدر مضي الحكومة ووزارة المالية قدمًا في مواجهة الفساد المالي والإداري، وتجفيف منابعه في مؤسسات الدولة، وتصحيح الاختلالات في ملف مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين والأمنيين، من خلال تطبيق قرار صرف المرتبات عبر البنوك المؤهلة، "الذي سيساهم بشكل كبير في ضبط أي تلاعب أو صرف مرتبات للأسماء الوهمية والمزدوجة والمنقطعة عن العمل في مؤسسات الدولة".
ويرى رئيس مركز "الدراسات والإعلام الاقتصادي" المحلي، مصطفى نصر، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن هذا القرار يأتي وفق متطلبات الإصلاحات المطلوبة من الحكومة اليمنية، سواء خارجيًا أو من قبل البنك المركزي اليمني، "وهي اشتراطات أساسية لتعزيز الشفافية ووصول هذه المبالغ إلى مستحقيها، لأن هناك فسادا كبيرا في قطاع المرتبات".
واعتبر نصر تلك الخطوة "إيجابية لتفعيل وإعادة الدورة النقدية والمالية للبنوك"، موضحًا أن "تحويل المرتبات عبر القطاع البنكي أمر في غاية الأهمية، وسيخفف من حجم الفساد الجاري، واستلام عدد محدود من الأشخاص مبالغ كبيرة جدًا دون وصولها إلى مستحقيها، خاصة مبالغ المتغيبين منهم، كما سيحد هذا الإجراء من عملية الازدواج الوظيفي وغيرها".
وقال إن هناك أنباء بأن هذا الإجراء لن يشمل القطاع العسكري، "وهذا القطاع هو مكمن الفساد الأساسي"، وفق تعبيره.
وأضاف: "يفترض أن تعمم هذه الخطوة على القطاعين المدني والعسكري، بل إن الأولى أن تطبق على القطاع العسكري، لأن هناك ازدواجًا وظيفيًا كبيرًا فيه، وهدرا للإنفاق بشكل مبالغ فيه، وبالتالي فإن هذا الإجراء في هذا القطاع سيحد كثيرًا من حجم الفساد تحت مسمى المرتبات، فيما يذهب جزء كبير منها إلى الفاسدين والمتنفذين".
في المقابل، يعتقد المحلل الاقتصادي ماجد الداعري أن آلية صرف المرتبات الجديدة ستؤثر سلبًا على الروح المعنوية لدى موظفي قطاعات الدولة بشكل عام، وأيضًا على الأداء الوظيفي الحكومي إجمالًا.
وقال إن "هذا يعني أن هنالك صعوبات ستترتب على صرف الرواتب عبر البنوك، بسبب محدودية فروعها، وعدم وجود تقنية وصرافات وإمكانيات لتسهيل مهمة الصرف، لأن هذا القرار حدد أن تكون عملية الصرف عبر هذه البنوك فقط، دون شركات الصرافة".
وأشار الداعري، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أن المهمة معقدة، وهذا سيتسبب في استياء الموظفين، ولا يمكن أبدًا التخفيف من حدة غضبهم، إلا إذا ما اتخذ أكثر من إجراء للصرف، "كإعادة الصرف عبر مكاتب البريد، وإعادة الطرق القديمة التي كانت تصرف خلالها المرتبات عبر شركات الصرافة، لأنها تسهل المهمة، وإعادة البنوك الأكثر انتشارًا بشكل عام".
وقال إن تجربة البنوك في صرف المرتبات ليست سابقة، بل تعمل وفقها أغلب دول العالم، "لكن الفرق والمشكلة تكمن في عدم أهلية وجاهزية البنوك لدينا، اليوم، لصرف المرتبات؛ لأسباب كثيرة متعلقة بالحرب وتداعياتها".