لبنان: الأزمة المالية تعزز نشاط محلات الصرافة
لبنان: الأزمة المالية تعزز نشاط محلات الصرافةلبنان: الأزمة المالية تعزز نشاط محلات الصرافة

لبنان: الأزمة المالية تعزز نشاط محلات الصرافة

عندما جاء مصطفى القطب إلى محل الصرافة الذي يملكه في مدينة صيدا الجنوبية ليفتح أبوابه في الصباح، وجد طابورا كبيرا في انتظاره كالعادة، وهو مشهد بات مألوفا في معظم محلات الصرافة في لبنان، منذ اندلاع الأزمة المالية قبل نحو 4 شهور.

ولم يتفاجأ صاحب المحل بهذا الطابور؛ لأنه كان يتوقعه قبل أن يستيقظ صباحا ويتوجه إلى محله على مسافة نحو 500 متر من منزله، في تلك المدينة الفنيقية التي يزيد عدد سكانها على 200 ألف نسمة ويعود تاريخها إلى نحو 6 آلاف سنة.

وقال القطب: "كما ترى أصبحت الأعمال مزدهرة إلى حد كبير؛ لأن الناس أصبحت تتاجر بالدولار بعد أن سمح بنك لبنان بسعر صرف أقل بكثير من السعر الرسمي".

وأشار إلى أن "حجم الأعمال في سوق الصرافة في مدينة صيدا قفز إلى أكثر من ثلاثة أضعاف منذ بداية الأزمة، وأن معظم الزبائن يقومون بالحصول على دولارات من حساباتهم في البنوك لاستبدالها بسعر الصرف غير الرسمي الذي يقل بأكثر من 50% عن السعر الرسمي".

ولا تزال بنوك لبنان البالغ عددها نحو 70 مصرفا، تتعامل بالسعر الرسمي للدولار وهو 1507 ليرات، في حين يبلغ هذا السعر أكثر من 2300 في محلات الصرافة.

وقال ناصر زنتوت، وهو صاحب محل خضروات في المدينة: "الحقيقة أن الأزمة أضرت بكثير من الناس والمحلات والقطاعات لكن بعضهم استفاد مثلي أنا".

وأضاف: "على سبيل المثال أحصل على ما يقارب من 800 دولار أسبوعيا من حسابي في البنك بسعر الصرف الرسمي، أي أنها توازي حوالي 1.2 مليون ليرة، إلا أنني استبدلها في محلات الصرافة بسعر 2350 للدولار، أي أن أحصل على 1.88 مليون ليرة. الكثير من أصحاب الحسابات في البنوك أصبحوا يفعلون هذا".

وما عزز أعمال محلات الصرافة أيضا هو قرار البنوك فرض قيود على السحوبات بالدولار وعلى التحويلات المالية للخارج؛ ما دفع بكثير من الناس إلى اللجوء لمحلات الصرافة لتحويل الأموال إلى ذويهم أو أبنائهم الذين يدرسون في المدارس والجامعات في الخارج.

وعلى عكس هؤلاء الذين يتاجرون بالدولار ويحققون ربحا كبيرا، فإن التحويلات للخارج كبدت الكثير من اللبنانيين خسائر كبيرة، خاصة هؤلاء الذين لا يمتلكون حسابات بالدولار في البنوك التي تسمح بسحوبات محدودة بالدولار فقط لأصحاب الحسابات بالدولار.

وقال باسم شريتح، وهو تاجر من بلدة عبرا شرق صيدا: "كنت أحول لابني الذي يدرس في الجامعة باستراليا حوالي 1500 دولار شهريا، أي نحو 2.2 مليون ليرة... الآن أنا أحول له أكثر من 3.5 مليون ليرة بسعر صرف الدولار في محلات الصرافة".

ويوجد في لبنان أكثر من 600 محل صرافة، معظمها يخضع لقوانين البنك المركزي، في حين لا يتقيد بعضها بتلك القوانين؛ نظرا لأنها غير مسجلة في بنك لبنان وتمارس أعمالها بطريقة غير شرعية؛ ما أثار مخاوف في الآونة الأخيرة من تصاعد نشاط غسيل الأموال خلال الأزمة.

وحدد بنك لبنان أخيرا سعر صرف غير رسمي عند 2000 ليرة للدولار في محلات الصرافة، إلا أن معظمها لا يتقيد بذلك السعر، ويقدم أسعارا مرتفعة من أجل الحصول على دولارات.

وقال صاحب محل صرافة في وسط المدينة: "هناك الكثير من الناس يجيئون لشراء الدولار لأنهم لا يستطيعون الحصول على كمية كافية من البنوك؛ بسبب القيود المفروضة من قبل البنوك نفسها بدون أي قرار من بنك لبنان".

وتابع: "نحن نسعى بكل جهدنا لمواجهة الطلب المرتفع على الدولار، لكن المشكلة أننا أنفسنا لا نستطيع الحصول على كميات كافية من البنوك والبنك المركزي، ونقدم سعر صرف مرتفع للزبائن حتى نحصّل دولارات منهم".

ووفقا لبيانات بنك لبنان، فإن عمليات استبدال العملة في محلات الصرافة لم تتجاوز 5% من إجمالي العمليات في سوق المال في لبنان قبل اندلاع الأزمة، إلا أن تلك المحلات أصبحت الآن مركز النشاط الرئيسي لسوق العملات في هذا البلد العربي البالغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة.

وكشف بعض أصحاب محلات الصرافة، أن الأزمة في لبنان أدت إلى تجاوزات كثير من المحلات، وخاصة بعد التقيد بقرار لجنة تنظيم القطاع المالي في لبنان، والتي تشترط على محلات الصرافة الاحتفاظ بسجل وصورة عن هوية العملاء الذين يقومون بإجراء صفقات عملة تزيد قيمتها على 10 آلاف دولار.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com