لماذا تفرض البنوك اللبنانية إجراءات لتخفيض السحوبات المالية؟
لماذا تفرض البنوك اللبنانية إجراءات لتخفيض السحوبات المالية؟لماذا تفرض البنوك اللبنانية إجراءات لتخفيض السحوبات المالية؟

لماذا تفرض البنوك اللبنانية إجراءات لتخفيض السحوبات المالية؟

أصيبت المصارف اللبنانية، عندما شعرت بأن هناك هجمة كبيرة من قبل المودعين لسحب أموالهم خلال الأزمة التي تعصف بلبنان، بالخوف الشديد؛ ما دفعها إلى اتخاذ إجراءات دفاعية عاجلة لوقف استنزاف الودائع التي تشكل شريان الحياة للبنوك والحكومة على السواء.

وشملت الإجراءات وضع سقف على السحوبات وخاصة بالدولار، ووقف التحويلات المالية للخارج كليا مجازفة بردود فعل عنيفة من قبل بعض المودعين الذين قاموا باحتلال عدة فروع مصرفية للاحتجاج، في الوقت الذي استمرت فيه البنوك بالتعرض لانتقادات حادة لدرجة أن البعض وصفها بأنها مافيا.

ووفقا لمصادر مصرفية، تشكل الودائع عصب الحياة للمصارف اللبنانية؛ لأنها تتيح لها الاستثمار في الأسهم والسندات الحكومية وإقراض الدولة، وهو ما مكنها من تحقيق أرباح كبيرة في الفترة الأخيرة على الرغم من سياستها المتشددة بالنسبة لإقراض الأفراد والقطاع الخاص.

ووصلت الودائع في المصارف اللبنانية التي يزيد عددها على 70 مصرفا إلى ما يقارب من 182 مليار دولار، بنهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، أي ما يزيد على 300% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أن لبنان يمتلك ثالث أكبر جهاز مصرفي في العالم بنسبة الودائع للناتج بعد هونغ كونغ ولوكسمبرغ، وفقا لجمعية المصارف اللبنانية.

وقال مصرفي لبناني في بيروت، إن "المصارف لديها الحق باتخاذ الإجراءات اللازمة التي تحمي نفسها وتحمي المودعين في نفس الوقت، وأعتقد أن أي نظام مصرفي في أي دولة سيتخذ إجراءات مماثلة في حال حدوث أزمة، فالمصارف هنا لديها مخاوف مشروعة لكنها تسعى أيضا لحماية عملائها".

وقبل اندلاع الاحتجاجات الحالية ضد الفساد، في منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وصلت الميزانية المجمعة للمصارف اللبنانية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، وهو 264 مليار دولار.

ويعتبر القطاع المصرفي في لبنان الدائن الرئيسي للحكومة اللبنانية، من خلال شرائه سندات خزينة وسندات بالدولار الأمريكي وإقراضها مباشرة، وهو ما أتاح لمعظم المصارف تحقيق أرباح كبيرة، في الوقت الذي واصل فيه الدين العام الحكومي بالارتفاع نتيجة تراكم عجوزات الميزانية.

حجم الدين

وبلغ الدين العام حوالي 87 مليار دولار قبل نهاية العام الحالي، ويمثل أكثر من 150% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تتوقع مؤسسة "ستاتستا" الألمانية للمعلومات الاقتصادية أن يرتفع الدين إلى نحو 97 مليار دولار بنهاية العام المقبل، و105 مليارات دولار بنهاية عام 2021، ثم يواصل ارتفاعه ليصل إلى أعلى مستوى له وهو 135 مليار دولار بنهاية عام 2024.

وأشارت آخر بيانات لوزارة المالية اللبنانية، إلى أن الدين العام يشمل نحو 82 مليار ليرة (54.6 مليار دولار) ديونا للنظام المصرفي المحلي، والباقي ديونا خارجية من دول ومؤسسات تمويل دولية.

وفي دراسة نشرتها مؤسسة "ديسشن باونداريز" الأمريكية للاستشارات المالية، قالت إن "البنوك اللبنانية تفضل إقراض الحكومة؛ لأن ذلك يدعم عملياتها بشكل كبير، لذلك تراها حذرة في تقديم قروض للأفراد، كما تحبذ البنوك الاستثمار في البنك المركزي اللبناني من خلال الاحتفاظ  بسيولة زائدة على شكل احتياطات فائضة مودعة بالبنك".

تراجع الودائع

ورأت المؤسسة بأنه في حال حدوث تراجع كبير في الودائع لدى البنوك اللبنانية، فإن ذلك يشكل خطرا عليها وقد يؤدي إلى انهيار بعضها، مشيرة إلى أنه حتى في حال حدوث سحوبات جماعية متوسطة فإنها ستؤدي إلى تراجع قدرة الجهاز المصرفي على الاستمرار في إقراض الحكومة، ما يعني أنه في حال أوشكت الحكومة على السقوط فإنها ستأخذ المصارف معها أيضا".

وأعربت المؤسسة عن اعتقادها بأن قوة النظام المصرفي اللبناني تشكل الدعامة الرئيسية للحكومة في سعيها لمعالجة عجز الميزانية والسيطرة على الدين، مشيرة إلى أن البنك المركزي يمكنه أن يلعب دورا رئيسيا في عملية الإنقاذ المالي والاقتصادي لهذا البلد العربي.

وأفادت بأن "ما سيفيد لبنان في هذه المرحلة هو براعة مصرفه المركزي وقدرته على الابتكار والتنويع، إذ إنه أثبت دائما بأنه غني في مجالات الإبداع والمزايا الفكرية والمادية، والحقيقة أن البنك لا يزال يملك بعض الأوراق القوية عندما تدرك الحكومة أن تنفيذ إصلاحات هيكلية مؤلمة ستكون أقل تكلفة من تأخرها عن السداد وانهيارها وما يصاحبه ذلك من انهيار النظام المصرفي".

ووفقا لاتحاد المصارف العربية، فإن لبنان حل بالمركز الثالث في عدد المصارف ضمن لائحة أكبر 100 بنك عربي، فيما برز بنك عودة أكبر مصرف في لبنان وجاء في المركز 17 بين البنوك العربية بإجمالي أصول بلغت حوالي 47.5 مليار دولار بنهاية النصف الأول من العام الجاري.

وجاء بنك لبنان والمهجر في المرتبة 24 بين البنوك العربية بأصول بلغت نحو38.5 مليار دولار، فيما حل بنك سوسيتيه جنرال في المركز 38 بأصول بلغت 25.7 مليار دولار تلاه بنك بيبلوس بالمركز 39 وأصول بمقدار 25.6 مليار دولار.

وأشار الاتحاد في تقرير إلى أن تلك الأصول تزيد على ضعفي الموجودات قبل 10 سنوات، وخاصة أصول بنك عودة التي بلغت نحو 17.5 مليار دولار بنهاية عام 2009.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com