رواج "تجارة الشيكات" بالسودان إثر قرار حكومي بتحجيم الكتلة النقدية
رواج "تجارة الشيكات" بالسودان إثر قرار حكومي بتحجيم الكتلة النقديةرواج "تجارة الشيكات" بالسودان إثر قرار حكومي بتحجيم الكتلة النقدية

رواج "تجارة الشيكات" بالسودان إثر قرار حكومي بتحجيم الكتلة النقدية

ظهرت بعض الظواهر الاقتصادية والمالية في السوق السودانية مؤخرًا كأحد نتائج خفض معروض النقد المحلي في السوق السودانية. حيث انتشرت في الأسواق السودانية ما عرف بـ "تجارة الشيكات"، بعد إقرار السودان لإجراءات غير معلنة لتحجيم الكتلة النقدية، وتجفيف السيولة من المصارف.

وتعرف "تجارة الشيكات" بأنها بيع الشيكات بقيمة أعلى من المبالغ التي تحتويها (تسييل أو تكييش)، لتوفير السيولة للراغبين.

ظاهرة تتوسع

وبدأت الظاهرة في بداية فبراير/شباط الماضي، بعد أن أصدر المركزي السوداني قرارًا للمصارف التجارية، بتحجيم الكتلة النقدية بالعملة المحلية وسحب السيولة من عملاء المصارف، كأحد الإجراءات الهادفة لضبط سعر صرف الجنيه السوداني أمام الدولار.

وشمل القرار تحديد سقوف سحب الودائع المصرفية بالمصارف التجارية، وتجفيف الصرافات الآلية من النقد المحلي.

وجاء القرار، بعد تدهور مريع للعملة السودانية أمام الدولار، إذ وصل لأول مرة سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني 45 جنيهًا كحد أعلى لم يسبق أن وصلته العملة السودانية في تاريخها.

وأرجع المركزي السوداني قراره، نتيجة للجوء عملاء المصارف سحب مدخراتهم، وشراء النقد الأجنبي، ما أدى إلى رفع وتيرة الطلب عليه وارتفاع أسعاره.

امتصاص السيولة

ووجه الرئيس السوداني عمر البشير، الشهر الماضي، بضرورة الاستمرار في إجراءات امتصاص السيولة لتحجيم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، حتى يتم توظيفها في المشروعات الانتاجية.

وعلى إثر هذا الإجراء انتشرت ظاهرة بيع الشيكات مقابل توفير السيولة، لمقابلة بعض الحالات الطارئة، وتسيير بعض مشروعات القطاع الخاص المرهونة بمواقيت معينة.

وقال مدير مشروع عقاري استثماري عربي في السودان- فضل عدم ذكر اسمه - إن "عرض بيع الشيكات المؤجلة على عدد من رجال الأعمال، لتسيير بعض المصروفات من بينها أجور العاملين".

وأشار أن الوضع الذي تعيشه الأسواق السودانية ينذر بالخطر في ظل الانعدام شبه الكامل للسيولة في المصارف. موضحًا أن المصارف، عملت على تحديد سقف للسحوبات اليومية لا تتجاوز 10 آلاف جنيه (333 دولارًا)، وهي مبالغ بسيطة أمام مصروفات المشروعات الكبيرة.

حاجة واستغلال

في المقابل، أكد رجل الأعمال السوداني، عاصم إبراهيم، انتشار ظاهرة بيع الشيكات مقابل توفير (الكاش)، للحاجة إلى السيولة لدى البعض، عقب قرارات المركزي السوداني الأخيرة بتحجيمها.

وقال، إن "الظاهرة بدأت في مستوى محدود، إلا أنها توسعت بعد استمرار تحجيم الكتلة النقدية لفترة قاربت الشهرين منذ بداية تطبيقها".

ولفت إبراهيم، إلى وجود ظاهرة مصاحبة لبيع الشيكات، تتمثل في وجود سعرين لسلعة واحدة مثل (مواد البناء، والذهب، السيارات)، أولها سعر للبيع النقدي (كاش) وهو أقل، وسعر آخر أعلى للبيع بالشيكات المؤجلة.

في غضون ذلك، حذر الخبير الاقتصادي السوداني محمد الناير، من انتشار ظاهرة بيع الشيكات، وعدّها نوعًا من الفساد، التي تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد القومي.

وانتقد إجراءات الحكومة السودانية بتحجيم الكتلة النقدية، قائلًا: إن "سياسية تحجيم السيولة، ليست هي المثلى لتصحيح أوضاع سعر الصرف، لارتباطها بعدد من الظواهر التي ترقى لجرائم الفساد، بما يحتم على الدولة مكافحتها".

ويرى الناير، أن الأسلوب الناجع يتمثل في تفعيل منظومة الدفع الإلكتروني عبر استخدام الدفع عبر الهواتف، وذلك يضمن وصول الكتلة النقدية إلى الجهاز المصرفي، دون أن يؤثر على المواطن.

ظاهرة مؤقتة

إلا أن الصحفي المهتم بالشان الاقتصادي، أبو القاسم إبراهيم، يقلل من انتشار ظاهرة بيع الشيكات، باعتبار أنها ظاهرة وقتية ستنتهي، بمجرد ضخ السيولة في المصارف.

وكان وزير الدولة بوزارة المالية عبدالرحمن ضرار، قال في 13 فبراير/شباط الماضي: إن" قرار تحجيم السيولة بالمصارف سيستمر لفترة أسبوع واحد"، لكنها ما زالت مستمرة.

واعتبر الصحفي إبراهيم، أن قرار تحجيم الكتلة النقدية عبارة عن مسكن للأوضاع الاقتصادية المتأزمة في السودان، ولن يجدي على المدى الطويل في تحسين الاقتصاد.

وأكد محافظ البنك المركزي، حازم عبدالقادر أهمية"التركيز في الفترة القادمة على توفير السيولة المحلية بالنبوك التجارية والصرافات الآلية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com