حقل تمار الإسرائيلي
حقل تمار الإسرائيليرويترز

خبراء: مصر والأردن يواجهان تحديًا اقتصاديًا بعد توقف الغاز الإسرائيلي

تمتد التداعيات الاقتصادية لحرب غزة إلى الدول العربية التي ترتبط مع إسرائيل باتفاقات غاز، كما هو الحال مع مصر والأردن اللذين يستوردان الغاز الإسرائيلي.

وتوقع خبراء أن يؤدي توقف الغاز الإسرائيلي إلى ارتفاع الأسعار في مصر والأردن، وزيادة الأعباء المعيشية على المواطنين، وارتفاع تكاليف الإنتاج للشركات.

انعكست الأضرار على تقليص الغاز الموجه للصناعة في مصر، لأن قطاع الصناعة يستهلك 57% من احتياجات الغاز
الخبير الاقتصادي المصري محمد البهواشي

توقف التصدير

وفي هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي المصري محمد البهواشي، إن "الصادرات الإسرائيلية إلى مصر من الغاز توقفت منذ بدء الحرب على غزة، بعدما تأثر خط الشرق الذي يمر من عسقلان إلى العريش جرَّاء إغلاق حقل تمار في شرق البحر المتوسط".

وبسبب الصراع بين إسرائيل وحركة حماس، أغلقت شيفرون (شركة أمريكية متعددة الجنسيات، تعمل في مجال الطاقة)، في أكتوبر الماضي، حقل تمار الإسرائيلي للغاز الطبيعي، وعلَّقت التصدير من خلال خط أنابيب غاز شرق المتوسط "إي.إم.جي" الممتد من عسقلان في جنوب إسرائيل إلى مصر.

وتمتلك مصر خطينِ للغاز مع إسرائيل، الأول (عسقلان - العريش) والخط الآخر (خط الغاز العربي) الذي يمر من إسرائيل للأردن، ثم العقبة إلى العريش.

ورغم التأكيدات الإسرائيلية بتصدير الغاز من خلال خط أنابيب بديل عبر الأردن، لم تتمكن تل أبيب من تحويل الغاز عبر الخط الثاني، ما أدّى إلى توقف التصدير لمصر كاملًا، وفق البهواشي.

تأثُّر أوروبا

وأشار البهواشي، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى الأضرار المباشرة التي تلحق بإسرائيل ومصر بسبب توقف الغاز، قائلًا: "انعكست الأضرار على تقليص الغاز الموجه للصناعة، لأن قطاع الصناعة يستهلك 57% من احتياجات الغاز".

حرب غزة فاقمت الوضع الاقتصادي المتأزم في مصر، فقد أدَّت إلى ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة تكلفة الإنتاج
الخبير الاقتصادي المصري محمد البهواشي

وتورد إسرائيل حاليًّا الغاز إلى مصر عبر خط أنابيب شرق المتوسط الذي يمتد بين عسقلان والعريش، وتبلغ طاقته السنوية التقريبية 7 مليارات متر مكعب، وفق الخبير الاقتصادي الذي أشار إلى إعادة تسييل 5 مليارات متر مكعب لإعادة تصديرها، وضخ مليارين للسوق المحلية.

وكان جزء من إنتاج حقل تمار يصدر إلى مصر عبر خطوط الأنابيب، التي بدورها تصدره إلى أوروبا على شكل غاز مسال، ما أدَّى إلى توقف صادرات مصر من الغاز المسال إلى الدول الأوروبية منذ حرب غزة.

وأبرم الاتحاد الأوروبي في يونيو العام الماضي اتفاقًا إطاريًّا بين التكتل وإسرائيل ومصر، يسمح للقاهرة بمواصلة تسليم "كميات كبيرة نسبيًّا" من شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.

وفي 9 نوفمبر الحالي، أشار معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، في تقرير، إلى أنه "مع شح أرصدة الغاز وانخفاض الواردات من إسرائيل، فإن آفاق تلقي الاتحاد الأوروبي مزيدًا من الغاز الطبيعي المسال من مصر على المديين القصير والمتوسط، يبدو أمرًا بعيد المنال".

 تداعيات اقتصادية

وأشار محمد البهواشي إلى أن "حرب غزة فاقمت الوضع الاقتصادي المتأزم في مصر، فقد أدَّت إلى ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة تكلفة الإنتاج، بسبب توجيه جزء من السلع الأساسية إلى القطاع، بالإضافة إلى أزمة الطاقة المحلية".

من جهته قال الخبير الاقتصادي المصري، مصطفى بدرة، إن "التغيرات السياسية في المنطقة قبل الحرب أفرزت صفقات اقتصادية جديدة، مثل زيادة صادرات إسرائيل من الغاز إلى مصر لإعادة التسييل وتصديرها لأوروبا، جرَّاء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية".

وأضاف الخبير الاقتصادي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "هذا الاتفاق جاء برعاية أمريكية وأوروبية للابتعاد عن استيراد الغاز من روسيا، وإيجاد بديل من مناطق أخرى، مثل مصر وقطر والأردن وفلسطين".

تراجع كمية التصدير

وبحسب بدرة، "عندما توقف حقل تمار، ترك أثرًا كبيرًا في حركة واردات الغاز التي تأتي للأراضي المصرية، ما أدَّى إلى تراجع كمية التصدير التي توجهها الدولة لأوروبا، لذا سعت القاهرة لتوفير بديل لزيادة صادرات الغاز عن طريق استقطاع جزء من الحصص الداخلية، وتوجيهها للدول الأوروبية وفقًا للاتفاقيات المبرمة".

وأضاف: "أثّر توقف تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر في وارداتها، وأدَّى إلى زيادة تكلفتها، وفقًا لاتفاقيات مصر مع الاتحاد الأوروبي التي توفر لها العملة الصعبة لتخفيف التداعيات الاقتصادية للحرب على غزة".

الأردن سيعتمد على علاقاته بدول الخليج في توفير احتياجات الغاز، لتدارك الأزمات المحتملة بعد توقف الغاز الإسرائيلي
رئيس قسم الاقتصاد الأسبق بجامعة عين شمس المصرية يمن الحماقي

وقال بدرة إن "الحرب في المنطقة تسببت في تبعات اقتصادية كبيرة للدول المحيطة بها، بما في ذلك الهجرة، وإيقاف العلاقات التجارية والاتفاقيات، وتحوط حركة السياحة".

وأشار إلى أن "صندوق النقد الدولي حذَّر من تأثر سوريا ولبنان والأردن وفلسطين ومصر بالحرب في غزة، إذ تشمل الآثار الاقتصادية المحتملة تضرر قطاع السياحة، وحركة التجارة، واتفاقيات الغاز، والتداعيات المالية".

البحث عن بديل

أردنيًّا، ثمة مخاوف في عمان بعدما أوقفت إسرائيل ضخ الغاز من حقل تمار لقُربه من عسقلان وغزة، وهذا الحقل كان يزود مصر والأردن، وتحديدًا شركة "البوتاس" الأردنية، أما الحقل الآخر "ليفياثان"، فكان يزود الأردن بمعظم حاجته من الغاز تقريبًا.

ومنذ بدء الحرب، تتراجع الاستثمارات في الأردن وحوالات المغتربين، فضلًا عن تضرر قطاع السياحة، بسبب المخاوف الأمنية.

وفي هذا الشأن، قالت رئيسة قسم الاقتصاد السابقة بجامعة عين شمس المصرية، يمن الحماقي، إن "الأردن سيعتمد على علاقاته بدول الخليج في توفير احتياجات الغاز، لتدارك الأزمات المحتملة بعد توقف الغاز الإسرائيلي".

ويعتمد الأردن على الغاز الإسرائيلي بنسبة 95% لتغطية الاستهلاك اليومي، لذا ترى الحماقي، في حديثها لـ"إرم نيوز"، أن "المرحلة الحالية لن تكون سهلة على عمان في ظل تصاعد الصراع، لكن اتفاقية ربط الكهرباء بين مصر والأردن، سوف تكون حاضرة بقوة لمواجهة الأزمة".

تعويضات كبيرة

هناك احتمالية توقف تنفيذ اتفاقيات الغاز بين تل أبيب وعمان، كرد فعل إسرائيلي على مواقف الأردن السياسية ضد الحكومة الإسرائيلية

وفي السياق ذاته، أشار مصدر أردني -رفض ذكر اسمه- إلى أن توقف حقل تمار عن العمل، أثّر في الوضع الاقتصادي للأردن، وقال إن "الأزمات في الفترة المقبلة ستتفاقم، إذا طال أمد الحرب في غزة".

وعن بدائل الأردن، حال التأثر المباشر نتيجة انقطاع الغاز الإسرائيلي، قال المصدر، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن القيادة السياسية الأردنية تجري مباحثات مع مصر لمدها بالغاز.

وتنصّ الاتفاقيات المبرمة بين الأردن وإسرائيل على التزام الأخيرة بضخ الغاز إلى المملكة، وحال عدم التزامها، يمكن أن تضطر إلى دفع تعويضات كبيرة، وفق المصدر الأردني.

ضغط سياسي

ويشير الباحث في العلاقات الدولية بجامعة مؤتة الأردنية، إياد المجالي، إلى احتمالية توقف تنفيذ اتفاقيات الغاز بين تل أبيب وعمان، كرد فعل إسرائيلي على مواقف الأردن السياسية ضد الحكومة الإسرائيلية.

وقال في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "العلاقات الأردنية الإسرائيلية ترتبط باتفاقية السلام (وادي عربة) ومذكرات تفاهم اقتصادية تشمل محاور الطاقة والمياه والتجارة البينية"، وأشار إلى أن "صانع القرار السياسي الأردني يدرك أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خطر قائم على أمن المنطقة واستقرارها".

 حقل تمار الإسرائيلي
خسائر ضخمة.. حقول الغاز بإسرائيل في مرمى الصواريخ

وبشأن البدائل الأردنية للغاز الإسرائيلي، رأى المجالي أنها عديدة، قائلًا: "لا يمكن أن يمثّل توقف الغاز الإسرائيلي شكلًا من أشكال الضغط السياسي على الأردن، لعدم تصعيد مواقفه".

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com