قطاع الطاقة المصري.. بين تداعيات حرب غزة وتراجع إنتاج الغاز

مع زيادة وزارة الكهرباء المصرية مدة انقطاع التيار إلى ما بين ساعتين و 4 ساعات في معظم أنحاء الجمهورية، توجهت الأنظار إلى تداعيات الحرب الجارية في غزة على الاقتصاد المصري، إذ جاء القرار بعد أسبوعين من وقف ضخ الغاز من إسرائيل إلى مصر عبر خط بحري.

وتستورد مصر الغاز الإسرائيلي لتسييله بمحطات الإسالة على البحر المتوسط بغرض تصديره إلى أوروبا. وسجلت القاهرة رقمًا قياسيًّا في حجم صادرات الغاز بلغ 8 ملايين طن بقيمة 8.3 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 7 ملايين طن بقيمة 3.5 مليار دولار خلال عام 2021، بنسبة زيادة سنوية 171% بقيمة صادرات الغاز، وفقًا لبيانات حكومية.

وقرَّرت شركة "شيفرون" الأمريكية في الـ10 من تشرين الأول/ أكتوبر تحويل توجيه شحنات الغاز الطبيعي المنتج من حقل "ليفياثان" الإسرائيلي إلى خط يمر عبر الأردن بدلًا من خط أنابيب غاز شرق المتوسط الذي يربط بين مصر وإسرائيل، كما أوقفت الإنتاج بحقل "تمارا" بناء على طلب من السلطات الإسرائيلية.

ويمتد خط أنابيب غاز شرق المتوسط من مدينة عسقلان بجنوب إسرائيل، على بعد نحو 10 كيلومترات شمالي غزة، إلى العريش في مصر حيث يتصل هناك بخط أنابيب بري.

وتستمر الحكومة المصرية منذ بداية الصيف في اتباع سياسة تخفيف أحمال الكهرباء، في إجراء ربطته بدرجات الحرارة المرتفعة وكذلك الرغبة في توفير بعض كميات الغاز الطبيعي لتصديره.

وقال المستشار سامح الخشن، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، إن زيادة فترة انقطاع الكهرباء التي بدأت اعتبارًا من يوم الأحد الماضي، جاءت نتيجة الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة عن مثيلاتها في الفترة ذاتها من العام السابق؛ ما أدى بدوره إلى زيادة استهلاك الكهرباء بصورة مرتفعة.

وقال مصدر بقطاع البترول المصري، طلب عدم ذكر اسمه، إن الأحداث في قطاع غزة ستؤدي إلى مزيد من الارتفاعات في أسعار الطاقة العالمية، وهو ما يدفع لجنة تسعير المحروقات إلى تحريك الأسعار في حدود النسبة المقررة بألا تزيد على 10%، ومن المتوقع أن يتم إقرار زيادة سعر البنزين في حدود 50 قرشًا للتر، والمازوت في حدود 300 جنيه للطن، وذلك خلال الفترة القادمة التي من الممكن أن تكون في يناير المقبل أو قبل ذلك.

وأشار المصدر إلى أن إنتاج مصر من الغاز تأثر خلال الفترة الماضية، نتيجة تراجع الإنتاج من حقل ظهر، وهو ما يفسر ظاهرة عودة انقطاع التيار الكهربائي في البلاد.

ومن جانبه أكد د. جمال القليوبي، الخبير البترولي وأستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية، في تصريحات لـ "إرم نيوز"، أن استيراد مصر للغاز الإسرائيلي وصل إلى الصفر بعدما كان ٨٠٠ مليون قدم مكعبة يوميًّا، وهذا نتيجة خوف الجانب الإسرائيلي من تفجير خطوط الغاز أو استهداف الحقل نفسه الذي يبعد نحو ٧٧٠ كم من ميناء أشدود، حيث كان يتم نقل الغاز من خلال محور عسقلان العريش وتستقر به الحال في دمياط والتي يتم في مصانعها عمليات الإسالة ومن ثم تصديره للدول الأوروبية.

وأرجع القليوبي انقطاع الكهرباء في مصر إلى زيادة الأحمال عن 36 ألف كيلووات، ودرجات الحرارة العالية، وليس قرار قطع الغاز الإسرائيلي.

وأشار أستاذ هندسة الطاقة بالجامعة الأمريكية إلى أنه من المتوقع إعلان الحكومة عن رفع أسعار بعض المحروقات من الوقود نتيجة لارتفاع أسعار البترول عالميًّا، إذ قامت الحكومة في موازنتها للعام الجاري بتسعير برميل النفط بـ 72 دولارًا للبرميل، وفي حال زيادة سعره بدولار واحد فإن ذلك يحمّل الموازنة عبئًا يبلغ نحو ٣ مليارات و٤٠٠ مليون جنيه مصري كعجز للدولة في الميزانية.

وتوقع أن تجتمع لجنة تسعير المواد البترولية خلال الأيام القادمة والإعلان عن زيادة في أسعار البنزين والمازوت، كما توقع استقرار سعر السولار لأنه سيسهم في زيادة أسعار السلع كلها، التي يعاني المصريون من ارتفاع أسعارها نتيجة عدة عوامل اقتصادية أخرى.

وقال الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول، إن أسعار الغاز في أوروبا ارتفعت بنسبة وصلت إلى 30% منذ بداية الأحداث في غزة، بعدما أوقفت إسرائيل إمداد مصر بالغاز الطبيعي الذي تقوم مصر بعملية "إسالته" ومن ثم يتم تصديره لأوروبا، فضلًا عن المخاوف من امتداد الصراع ليشمل دولًا أخرى، لافتًا إلى أن أوروبا تستورد الغاز الإسرائيلي بعد تسييله في مصر وفقًا لاتفاقية ثلاثية لتعويض القارة الأوروبية عن الغاز الروسي، في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.

وأوضح أن الأحداث المأساوية في غزة كانت سببًا في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في العالم كله، وذلك نتيجة لِما فقدته أوروبا من مصدر بديل للغاز الروسي.

وأشار أبو العلا في تصريحات لـ "إرم نيوز" إلى أن أوروبا هي الأكثر تضررًا من انقطاع الغاز الإسرائيلي عنها، وهو ما ستظهر آثاره خلال فصل الشتاء الذي ستتفاقم فيه أزمة التدفئة، لافتًا إلى أنه من المتوقع ارتفاع أسعار الطاقة وخاصة الغاز الطبيعي بنسب كبيرة إذا ما استمرت الحرب الدائرة في غزة خلال الفترة القادمة.

وبيَّن أن تأمين احتياجات مصر المحلية من الغاز الطبيعي ليس له علاقة بالغاز الوارد من إسرائيل، الذي يتم تصديره بعد إسالته، ولكن الاحتياجات المحلية تأثرت بانخفاض إنتاج مصر من الغاز المنتج من حقل ظهر، حيث انخفض الإنتاج بنسبة أكبر من 800 مليون قدم مكعبة وذلك لأسباب فنية تتعلق بهذا الحقل.

أخبار ذات صلة

تراجع إنتاج الغاز الطبيعي في مصر وسط معاناة من انقطاع الكهرباء

وتراجع إنتاج الغاز في مصر خلال أول 8 أشهر من 2023، بنسبة 10%، ما يعادل 560 مليون متر مكعب، مقارنة بالمدّة نفسها من 2022، إذ بلغ متوسط الإنتاج 5.06 مليار متر مكعب خلال المدة من كانون الثاني/ يناير حتى نهاية آب/ أغسطس الماضي، مقابل 5.62 مليار متر مكعب في المدة المقابلة من 2022.