تقرير: الاقتصاد اللبناني نزيف من دون توقف وملامح انهيار وشيك
تقرير: الاقتصاد اللبناني نزيف من دون توقف وملامح انهيار وشيكتقرير: الاقتصاد اللبناني نزيف من دون توقف وملامح انهيار وشيك

تقرير: الاقتصاد اللبناني نزيف من دون توقف وملامح انهيار وشيك

يحاول الاقتصاديون في لبنان التعلق بأي أمل يبقي الوضع الاقتصادي "مكانك راوح" من دون أن يشهد المزيد من التدهور والركود في ظل عدم وجود أي بصيص نور يمكّن هذا الاقتصاد من إعادة تفعيل قطاعاته المختلفة مع انسداد أي أفق سياسي يعيد الأمور إلى نصابها بدءا من انتخاب رئيس للجمهورية والضغط الذي يعانيه لبنان من جراء تصاعد عدد النازحين السوريين والكلفة العالية المترتبة على وجودهم ولا سيما أنهم بدأوا يحلون مكان العمالة اللبنانية التي ارتفعت إلى 25% بحسب قول وزير العمل سجعان قزي و37% بحسب بيان الاتحاد العمالي العام.

وإذا كانت الدولة لا يمكنها أن تسير أعمالها من دون وجود رأس لها هو رئيس الجمهورية بما يمكنها من انتظام المؤسسات الدستورية والادارية فإن عدم وجود موازنة عامة منذ عام 2005 والعمل على أساس القاعدة الاثني عشرية يتسببان باستمرار العجز في المالية العامة وتراكم الدين العام الذي تجاوز 72 مليار دولار وعدم الانضباط في الانفاق العام.

وبموجب تقرير نشرته وكالة وام الإماراتية، فإن مصرف لبنان وحده ما زال مبادرا ويقدم الرزم التحفيزية التي تبقي نسبة النمو الاقتصادي فوق الصفر، بينما كان هذا النمو 9% عام 2010 وهذا ما يبين بوضوح تأثير الشغور الرئاسي في لبنان من جهة والتداعيات الإقليمية عليه من جهة أخرى خصوصا بالنسبة إلى الأوضاع في سوريا.

وقد وصل التراجع الاقتصادي في لبنان إلى حدود خطرة في ظل تنامي الدين العام وتوقع اقترابه من 75 مليار دولار ونسبة 140% من الناتج المحلي وفي ظل تراجع حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتضرر مختلف القطاعات الاقتصادية التي باتت تعاني الركود بعد إقفال الحدود البرية بين الأردن وسوريا وانعكاس ذلك على حركة التصدير اللبناني وتراجعها بنسبة 30% وعدم القدرة على المنافسة مع ارتفاع الكلفة، كما أن القطاع العقاري ما زال يشهد ركودا وتباطؤا؛ ما دفع مصرف لبنان إلى القيام بعملية انقاذية لهذا القطاع شملت البيع والشراء لآلاف الشقق في لبنان مع تراجع أسعارها بنسبة وصلت إلى 20%، كما أن القطاع السياحي ورغم استمرار تحسنه بنسبة متفاوتة، إلا أن حركة الانفاق فيه قد استمرت في التراجع إلى حدود 35 مليار دولار بعدما وصلت عام 2010 الى 7 مليارات دولار بسبب استمرار المقاطعة الخليجية القادرة على الانفاق، كما أن نسبة التشغيل في القطاع الفندقي بقيت بين 60,55% مع تراجع في أسعارها.

ويؤكد التقرير أن القطاع التجاري يتجه من "سيئ إلى أسوأ" وقد عمدت الجمعيات التجارية إلى عقد خلوة خلصت إلى ضرورة التواصل مع المسؤولين وخصوصا مصرف لبنان وجميعة المصارف التي تتعامل مباشرة مع القطاع التجاري من أجل معالجة أي تأخير في دفع المستحقات بسبب الظروف الراهنة.

وبحسب التقرير فإن القطاع المصرفي وحده ما زال يشكل الرافعة لمختلف القطاعات الاقتصادية إذ استمر النمو فيه بعدما تخطى نسبة 6% على الرغم من تعرض هذا القطاع لأزمات عدة، أبرزها تراجع حركة النمو مع تراجع حركة التمويل من اللبنانيين العاملين من الخارج وهذا ما أدى الى تراجع أرباح القطاع بنسبة 10% عن السنة الماضية.

علاقة عضوية بين السياسة والاقتصاد

وبموجب التقرير، يعتبر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس أن العام 2016 لم يكن سهلا على الاقتصاد الوطني، ولا يمكن أن يكون هناك أي تغيير إيجابي ما لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية ليبعث الأمل في قلوب المواطنين وينمي التوقعات الإيجابية لدى المستثمر ورجل الأعمال.

ويندرج ذلك في محور العلاقة العضوية بين السياسة والاقتصاد، إلا أن علم الاقتصاد يطرح إشكالية مختلفة هي ما الذي يمكن عمله في ظل الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة محليا واقليميا، أي اعتبار الأوضاع السياسية معطيات يجب التعامل معها وقد تعود مسؤولية تحسينها إلى الجميع وعدم انتظار تبدلها لاتخاذ الإجراءات المفيدة، ويعود للإدارة ومؤسسات رجال الأعمال والجامعة ورجال الفكر استبناط الحلول لمعالجة الأزمة الاقتصادية وتخفيف وطأتها على المواطن، وهذا ما يقوم به نسناس عن طريق كتابه الثاني "نهوض لبنان 2016" والذي شارك فيه أكثر من 18 خبيرا اقتصاديا طرحوا المشاكل الاقتصادية التي يعانيها البلد وأوجدوا الحلول لها، وفق التقرير الذي نشرته وكالة وام الإماراتية.

وانطلق نسناس من أن الحاجة باتت ضرورة للانطلاق ليس للخروج من الماضي فحسب بل لكي نبني الغد بما يجسد دور لبنان في القرن الحادي والعشرين طارحا أسئلة عدة منها "أي اقتصاد واجتماع لأي دولة" و"هل النهوض بالاقتصاد اللبناني هو مسألة محض داخلية أو أنه ثمرة عمل داخلي وخارجي متداخل" و"إلى أي مدى يصلح لنهوض بلدنا ما صح لنهوض بلدان أخرى؟" و" يحتاج لبنان إلى مشروع معلب أم يحتاج إلى نبض رؤية تنموية شمولية ومتكاملة؟ تفتح فرص العمل وتدعم المبادرة اللبنانية وتسهم في تجسيد دور لبنان في المنطقة والعالم".

واعتبر نسناس أن "طريق النهوض يتمثل بالتكامل الانمائي والتكافل الاجتماعي كما أن الاستقرار الاقتصادي تطلب أمانا اجتماعيا والأمان الاجتماعي لا يكون على حساب النهوض الاقتصادي".

أزمة دستورية وصورة قاتمة

أما الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني فيعتبر أن "الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان ما زال قاتما وضبابيا نتيجة استمرار الأزمة الدستورية وتعقد الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، وضعف المساعدات الدولية للنازحين السوريين إضافة إلى تأثيرات تراجع مداخيل الدول النفطية في المنطقة على الاقتصاد اللبناني".

ويضيف بموجب التقرير، " في هذا الإطار تظهر المؤشرات الاقتصادية والمالية في العام الحالي على الشكل التالي: النمو الاقتصادي ضعيف ويقل عن 1,5 % مقابل 3% لدول المنطقة نتيجة أجواء عدم اليقين الذي يبعد المستثمر الأجنبي ويجعل المستثمر المحلي متريثا وأجواء عدم الاستقرار السياسي والأمني الداخلي الذي يخفف من مجيء السياح الأوروبيين ويحظر من مجيء السياح العرب ويضعف الاستهلاك الداخلي وأيضا نتيجة إقفال الطرقات والمعابر البرية بين لبنان ودول المنطقة الذي يتسبب بنقص حجم المبادرات.

وتوقع وزني أن يبقى إنفاق الدولة على القاعدة الاثني عشرية، أي من دون موازنة عامة للسنة الاثنتي عشرة ما قد يتسبب باتساع العجز في المالية العامة إلى 8,5 % من الناتج المحلي نتيجة الضغوط على النفقات العامة التي تطال الرواتب والأجور والنفقات الأمنية وكلفة النازحين السوريين وخدمة الدين العام ونتيجة عدم إدراج الحكومة إجراءات ضريبية جديدة تزيد من حجم الايرادات العامة لتغطية الإنفاق الاضافي.

أما الدين العام فيتوقع بموجب وزني أن يصل في نهاية العام الحالي إلى حوالى 75 مليار دولار ونسبته 140% من الناتج المحلي.

وبلغت خسارة الناتح المحلي كما يرى وزني في الفترة مابين 2011 - 2015 حوالي 15 مليار دولار وتصل إلى 20 مليار دولار في نهاية العام الحالي بسبب "الازمة السورية".

وتتوقع المؤشرات أن تتراجع تحويلات اللبنانيين في العام الحالي إلى أقل من 7 مليارات دولار ونسبته 15% من الناتج المحلي مقابل 7,2 مليار دولار في العام 2015 بفعل تراجع مداخيل الدول النفطية الخليجية 58% من إجمالي التحويلات.

ويتوقع أن يسجل القطاع المصرفي بحسب التقرير نموا مقبولا لودائعه يقارب 5% متاثرا بتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتقلص النفقات المالية، كما يتوقع أن يحافظ على معدل نمو تسليفاته البالغ حوالي 4,9%.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com