"رمضان كريم".. عبارة سحرية لابتزاز السوريين في الشهر الفضيل
"رمضان كريم".. عبارة سحرية لابتزاز السوريين في الشهر الفضيل"رمضان كريم".. عبارة سحرية لابتزاز السوريين في الشهر الفضيل

"رمضان كريم".. عبارة سحرية لابتزاز السوريين في الشهر الفضيل

يبدو أن إجراءات مصرف سوريا المركزي الأخيرة، لم تأت أكلها على الأقل فيما يتعلق بوقف الازدياد الجنوني لأسعار المواد الاستهلاكية وعلى رأسها المواد الغذائية، رغم ارتفاع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي نحو 30% في أقل من 10 أيام.

وعند سؤال أي بائع للمواد الغذائية في قلب العاصمة دمشق عن الأسباب التي تكمن وراء ارتفاع الأسعار رغم استعادة الليرة السورية بعضا من عافيتها، تكون الإجابة باختصار: "رمضان كريم".

التبرير الاستهلاكي أو بمعنى أدق الدعائي لارتفاع الأسعار، لم يقنع "دون حيلة" أصحاب الدخل المحدود والمتوسط، فمع ارتفاع تجاوز 70% من أسعار الخضار والفواكه، بات لزاما على أولئك إعادة صياغة عاداتهم الاستهلاكية لتتناسب مع دخولهم الشحيحة، ليتخلوا عن الكثير من الأطعمة التي كانت تعتبر أساسية بالنسبة لهم في الشهر الكريم.

فقدان التسعيرة الاستهلاكية

وافتتحت صحيفة تشرين الموالية للنظام السوري أحد مواضيعها "التجار شطبوا الخسارة من أجندتهم الاقتصادية واستبدلوها بالربح فقط، مدعومين بأنظمة وقوانين وآليات عديدة أثبتت فشلها الذريع في القدرة على ضبط الأسواق".

ونقلت الصحيفة عن مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك باسل صالح قوله إن "إلزام التجار بوضع تسعيرة ممكن، لكن نجاح هذا الأمر مرهون باستقرار سعر الصرف".

ويعود بنا المطاف -بحسب الصحيفة السورية- مرة أخرى إلى أسعار الصرف، لتضيف تناقضا جديدا مبهما حول أساسيات الاقتصاد السوري، الذي يعاني أصلا من ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع عام في مستوى الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للسوق، ومحاولات لاتبدو أنها مجدية من قبل حكومة النظام في تقديم مسوغات لتخفيض الأسعار أو على الأقل تحديدها، وبات الواقع يفصح عن هوة سحيقة بين تصريحات مسؤولي النظام وبين معطيات السوق على الأرض.

وتشير إحصاءات آخر مسح أعده المكتب المركزي للإحصاء في دمشق العام 2010 بحسب مانشره موقع اقتصادي يتبع النظام، إلى أن متوسط إنفاق الأسرة السورية شهريا قدر في ذلك الوقت بـ "30.900" ألف ليرة سورية، منها نسبة "38%" قيمة الإنفاق شهرياً على المواد الغذائية اللازمة لأسرة مكونة من 5 أشخاص وتعادل نحو "11700" ليرة سورية، ويعد هذا الرقم في سورية من أخفض الدول مقارنة مع دول العالم العام 2010، وبمقاربة مع أسعار اليوم وما تعيشه البلاد من حالة تضخم نجد أن نسبة إنفاق الأسرة المكونة من 5 أشخاص في الوقت الحالي يجب أن تزيد على "100" ألف ليرة سورية للإنفاق فقط على الغذاء، دون التطرق إلى الاحتياجات الأساسية الأخرى، أي بمعدل "625" ليرة سورية للفرد الواحد لكل وجبة غذائية واحدة.

استقرار محموم

ويبدو أن حكومة النظام لم تعر أهمية تذكر للارتفاع الجنوني للأسعار وإن تناثرت بعض التصريحات لمسؤوليها بين حين وآخر إما بتطمينات أن الأسعار في طريقها للهبوط، أو أن الأمر خارج عن إرداة الحكومة مشيرة بشكل ضمني إلى أسعار الصرف أمام الدولار الأمريكي.

ونقل في هذا الصدد موقع الاقتصادي السوري، عن معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب قوله، "إن أسعار معظم المواد والسلع مستقرة في الأسواق". مشيرا إلى أن نسبة المخالفات والتجاوزات التي تم رصدها في السوق كانت قليلة.

المسؤول السوري لم يعر أهمية لجنون أسعار المواد الغذائية أو ربما لم يلحظ وجود خلل في مقتضيات العرض والطلب بين الدخول والاحتياجات، ولتأتي تصريحاته المتلاحقة نافية لوجود حالات احتكار أو تلاعب في الأسعار أو عدم التقييد بالتعرفة الرسمية في السوق لأي منتج.

وأورد الموقع الاقتصادي أيضا، تصريحا آخر لمدير فرع "المؤسسة العامة الاستهلاكية" بدمشق وسام حمامة، والذي أكد فيه أن مبيعات الفرع ارتفعت خلال الأيام الأولى لشهر رمضان بأكثر من 70% عن معدل المبيعات العام، متجاوزة عتبة 70 مليون ليرة يوميا، بعد أن كانت تتراوح بين 30 إلى 35 مليون ليرة يوميا.

وأوضح مدير "مؤسسة الخزن والتسويق لفرع دمشق" فاروق عطوان، أن صالات المؤسسة شهدت خلال الأيام الأولى لرمضان، إقبالاً واسعاً على صالات المؤسسة وسياراتها الجوالة، حيث تطوّرت حركة المبيعات وارتفعت بما لا يقل عن 50% عما كانت عليه ما قبل رمضان.

نشرة الأسعار

وتعكس النشرة الأخيرة لأسعار الخضار والفواكه لمديرية تجارة دمشق الحال في السوق، حيث قامت هي الأخرى برفع الأسعار في نشرتها بما يتماشى مع المشهد الحقيقي، وجاء فيها: "كيلو طماطم 175 ليرة، وكيلو الخيار 220 ليرة، كوسا 130 ليرة، فليفلة 240 ليرة، بطاطا 130 ليرة، التفاح 270 ليرة، بطيخ 90 ليرة".

مع العلم أن نشرتها السابقة في يوم 6 من ذات الشهر، كانت بالشكل التالي: "طماطم 115 ليرة، خيار 160 ليرة، بطاطا 120، فليفلة 150 ليرة، التفاح 270 ليرة، بطيخ 60 ليرة.

مساعدات أممية للبيع

ونشر موقع "الحل" السوري رصدا لحركة الأسعار في مدينة دير الزور خلال شهر رمضان، حيث أكد ارتفاع الأسعار بشكل جنوني عم كان عليه قبل الشهر الكريم.

وذكر الموقع: "مناطق سيطرة النظام في مدينة دير الزور شهدت ارتفاعاً كبيرا بأسعار المواد الغذائية مع دخول شهر رمضان وفقدان بعضها أو إخفائها من قبل تجار النظام ليتم طرحها فيما بعد وبيعها بأسعار مرتفعة على الأهالي.الرغم من إلقاء المساعدات الأممية بشكل شبه يومي خلال الأيام القليلة الماضية”.

ولفت موقع الحل السوري إلى أن المساعدات الأممية التي تلقى بشكل شبه يومي على مناطق سيطرة النظام في مدينة دير الزور، تباع من قبل عناصر النظام بأسعار مرتفعة جداً، عن طريق بعض التجار، حيث تم بيع ربطة الخبز على أهالي الأحياء المحاصرة والتي تحتوي 6 أرغفة بـ "1500" ليرة سورية، فيما تُباع ربطة الخبز عادة بـ "900" ليرة سورية.

ولم يتوقف الأمر على ارتفاع الأسعار في مدينة دير الزور كمثال على تلك الحالة، وإنما تعدى ذلك فقدان بعض أهم السلع الغذائية مثل الطحين والبرغل من السوق خاصة في الأحياء المحاصرة.

مناطق سيطرة المعارضة

ولايختلف حال الأسواق كثيرا في مناطق سيطرة قوات المعارضة السورية، حيث تتساوى بعض السلع في الأسعار مع مناطق سيطرة النظام، أو تختلف بمقدار ليس بالكبير إلا من بعض السلع كالمحروقات التي تباع في مناطق سيطرة النظام بأسعار أدنى، لقدرة الأخير على توفيرها بشكل أسهل من قوات المعارضة السورية.

وبطبيعة الحال، لايسع المواطن السوري في شهر رمضان إلا أن يتبع طرق المناورة التي اعتادها في تقديم أو تأخير الأولويات لتتناسب مع الارتفاع الجنوني للأسعار، علها تأتي أكلها في سد رمق جياع عصفت بهم حرب شارفت مدتها على 6 سنوات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com