إنتاج قطاع غزة من البرتقال لا يغطي احتياجات السوق المحلي
إنتاج قطاع غزة من البرتقال لا يغطي احتياجات السوق المحليإنتاج قطاع غزة من البرتقال لا يغطي احتياجات السوق المحلي

إنتاج قطاع غزة من البرتقال لا يغطي احتياجات السوق المحلي

غزة - يتوسط حبات البرتقال التي تباع في الأسواق المحلية بقطاع غزة، ملصقاً أبيض، وقد كتب عليه باللغة العبرية (في إشارة إلى البرتقال المستورد من إسرائيل).

بدوي، الذي يملك مزرعة برتقال في أحد حقول غزة الآيلة إلى تراجع مساحتها، وقد بدت ثمارها غير ناضجة بعد، يقول، "عشتُ أيام شبابي مزارعاً في غزة، التي كانت على مدى العقود الماضية، أكثر المدن في فلسطين تصديراً للبرتقال إلى أوروبا الشرقية، نظراً لكونها من أكثر المناطق إنتاجاً لهذا الصنف من الثمار إبان عهد الإدارة المصرية للقطاع".

وخضع قطاع غزة للإدارة المصرية عام 1948، واستمر ذلك حتى ما سمي بـ"العدوان الثلاثي" على مصرعام 1956، عندما سيطرت إسرائيل على قطاع غزة لمدة 6 أشهر، ومن ثم عادت السيطرة المصرية على القطاع حتى عام 1967.

يتابع بدوي، "كانت الإدارة المصرية في ذلك الوقت، تدعم القطاع الزراعي في غزة، لاسيّما الحمضيات، وتمدنا بالسماد المناسب، والأدوات اللازمة لنقل المياه إلى مزارع البرتقال".

بدوي أشار إلى أن قطاع غزة، في الفترة التي امتدت من عام 1950 وحتّى منتصف عام 1970، كان يلقب بـ "أرض البرتقال"، إذ كانت الأراضي الزراعية تعجّ بأشجار البرتقال، كما كانت مهنتي زراعة البرتقال وجني ثماره، تشكّلان فرصة عمل لآلاف الفلسطينيين في ذلك الوقت.

ويعبّر بدوي عن "خيبة الأمل" التي تصيبه في كل مرة يسمع فيها خبرا مفاده، أن إنتاج قطاع غزة من البرتقال لا يغطّي احتياجات السوق المحلي، الأمر الذي يؤدي إلى استيراد الكميات الناقصة من الأسواق الإسرائيلية، على حدّ قوله.

ويتابع قائلاً: "الأرض التي كانت تصدّر البرتقال للخارج، باتت اليوم تستورده بكميات كبيرة".

ويُرجع الفلسطيني بدوي انخفاض كميات البرتقال المنتجة في قطاع غزة إلى التغيّرات التي طرأت على التربة خلال سبعينيات القرن الماضي، وحتّى هذه اللحظة، بالإضافة إلى زيادة ملوحة المياه، مشيراً إلى أن هذه التغييرات "بيئياً" لا تواتي نمو ثمرة البرتقال.

وتقول تقارير بحثية متخصصة صادرة عن سلطة المياه الفلسطينية، أن 95% من المياه الجوفية لقطاع غزة غير صالحة للشرب، بسبب ملوحتها وانخفاض جودتها وزيادة نسبة الكلورايد والنترات فيها.

وبحسب نزار الوحيدي، مدير عام التربة والري في وزارة الزراعة الفلسطينية بغزة، فإن "ثمر البرتقال، يصنف على أنه من المحاصيل الاستوائية (أي تنمو في مناطق استوائية)، لكن صادف المناخ تحت الاستوائي (مناخ حوض البحر الأبيض المتوسط) الذي تتمتع به فلسطين، أن تنمو أشجار البرتقال في تربته".

وتابع، "نموّها في بيئة غير استوائية، غير متعارف عليه، وهو أمر غير طبيعي بيئياً، لكنها نجحت في بيئة فلسطين تحت الاستوائية، خاصة في المناطق الساحلية كقطاع غزة ويافا".

ويرجع الوحيدي بالزمن إلى عهد الخلافة العثمانية (1520-1923) قائلاً، "كان للشركات الألمانية التي حفرت آبار المياه، ونصبت المضخات في المزارع خلال عهد العثمانيين، دور بارز في إحراز قطاع الحمضيات بفلسطين بشكل عام، وغزة بشكل خاص، صفة أكبر مصدّر للبرتقال إلى الدول الأوروبية الشرقية".

وفي عام 1967 ومع وجود البنى التحتية الأساسية لزراعة البرتقال بغزة، وافق الحاكم المصري آنذاك على إنشاء مشروعين زراعيين لإنتاج البرتقال، بمساحة (70) ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، وإنتاج ما يصل إلى (350) ألف طن من البرتقال سنوياً، حسب الوحيدي.

ومع بداية عام 1980 تقريباً، بدأت مياه البحر المالحة، تتداخل مع مياه الآبار الجوفية، الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة الملوحة في الآبار التي كانت تستخدم في ريّ الأراضي الزراعية.

وفي تلك الفترة، حاولت إسرائيل أن تجعل من قطاع غزة المنطقة "الأكبر" في فلسطين، تصديراً للحمضيات، لكنها وبالتزامن مع تداخل مياه البحر بالمياه الجوفية، أعدّت إسرائيل دراسات حول نضوب المياه العذبة في القطاع خلال المستقبل القريب في ذلك الوقت، مما أدى إلى تراجعها وإصدارها قراراً يقضي بوقف زراعة البرتقال بغزة، وفق الوحيدي.

وأكد الوحيدي أن قطاع غزة، مع بداية عام 1980، "لم يعد موجوداً على خارطة تصدير البرتقال إلى الدول الأوروبية".

وأشار إلى اختفاء شاحنات تصدير البرتقال الغزّي، عن الجسور الأردنية، والموانئ الإسرائيلية، مع اندلاع "الانتفاضة الفلسطينية الأولى" عام 1987.

ويرى الوحيدي أنه "لا مستقبل لزراعة الحمضيات في قطاع غزة، بسبب التحولات البيئية الكبيرة التي حدثت لتربتها، ابتداءً من ملوحة التربة والمياه، وانتهاءً بشح كميات المياه بغزة والحصار الإسرائيلي".

ويضيف أنه إلى جانب تلك الأسباب، فإن استخدام الجيش الإسرائيلي قنابل مشعة في الأراضي الزراعية خلال حروبه التي شنّها على قطاع غزة، أدى إلى تدمير بنية التربة في الأراضي الزراعية المستهدفة.

ويقول الوحيدي، إن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من تسع سنوات، ألغى أي احتمال لتصدير ثمر البرتقال المنتج محلياً، إلى الخارج.

ويوضح أن الأراضي المزروعة بأشجار البرتقال في قطاع غزة حالياً تبلغ مساحتها حوالي "ألفي" دونم، وتنتج حوالي (3) آلاف طن سنوياً فقط بعد أن كانت الكمية المنتجة 350 ألف طن.

ويذكر أن نصيب الفرد الواحد في قطاع غزة من البرتقال المحلي حوالي (1.5) كيلو جرام فقط سنوياً، فيما يبلغ متوسط احتياجه السنوي حوالي (5) كيلو جرامات، وذلك العجز يتم استيراده من الخارج بشكل عام، ومن الجانب الإسرائيلي بشكل خاص.

وفي الأعوام السابقة كانت غـزة تستقبل ثمار البرتقال وسائر الحمضيات المهربة عن طريق الأنفاق الممتدة أسفل الحدود المصرية مع القطاع، لكن مع هدم الجانب المصري للأنفاق، منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي (أول رئيس منتخب ديمقراطياً) في الثالث من يوليو/ تموز 2013، غابت تلك المنتجات عن أسواق القطاع، لتحل محلها منتجات إسرائيلية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com