اللاجئون يضخون دماء شابة في اقتصاد القارة العجوز
اللاجئون يضخون دماء شابة في اقتصاد القارة العجوزاللاجئون يضخون دماء شابة في اقتصاد القارة العجوز

اللاجئون يضخون دماء شابة في اقتصاد القارة العجوز

لندن- يرى خبراء اقتصاديون، في أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، مصدراً لدماء جديدة يمكن لها إنقاذ الاقتصاد الأوربي المسن، حتى وإن كانت الضبابية الشديدة بشأن حجم الهجرة في المستقبل وكيفية دمج المهاجرين تخيم على أي توقعات للمدى الطويل.

ورغم المحاذير والتحفظات، سارع معظم أصحاب التوقعات إلى إظهار التأثير الإيجابي للهجرة على العمالة المتضائلة بسبب زيادة أعداد كبار السن وعلى انحسار معدلات "النمو المحتمل" أي الوتيرة المستدامة الممكنة بدون تأجيج التضخم.

وهبطت توقعات النمو المحتمل لمنطقة اليورو إلى أقل من 1% منذ الأزمة المالية قبل سبعة أعوام. ومع تراكم الديون والعوامل السكانية غير المواتية، يرى قليلون فقط أن التعافي يمكن أن يحدث بدون زيادة الهجرة أو رفع سن التقاعد.

من ينقذ من؟

وقال بنك كريدي سويس السويسري إنه "يعمل الآن بناء على تقديرات بأن الهجرة الصافية على مدى السنوات الخمس القادمة ستزيد عدد سكان منطقة اليورو نحو خمسة ملايين أو 1.5% من الإجمالي الحالي البالغ 340 مليون نسمة، وستضيف 0.2-0.3 نقطة مئوية إلى نمو المنطقة في العام القادم".

وفي الأجل الطويل فإن النمو المحتمل لناتج منطقة اليورو سيزيد 0.2 نقطة فوق التقديرات الرسمية إلى 1.3% في المتوسط على مدى ثماني سنوات حتى 2023 بحسب تقرير كريدي سويس في حين سيتجاوز النمو هذا العام تقديرات المفوضية الأوروبية بما يصل إلى نصف نقطة مئوية.

وقال تقرير: "من المرجح أن تظهر الآثار الإيجابية مستقبلاً نظراً للحاجة إلى توفير السكن والميل الضعيف للاستهلاك من أناس وصلوا وليس لديهم شيء تقريباً.. (لكن) من المنتظر أن يستفيد النمو الاقتصادي في الأعوام القادمة مع اندماج المهاجرين من الشباب في سوق العمل."

وأشارت تقديرات خبراء الاقتصاد لدى اتش.اس.بي.سي إلى زيادة مماثلة عند 0.2% للنمو المحتمل. وقالوا: "ربما يكون الناتج المحلي الإجمالي المحتمل بحلول عام 2025 أعلى بمقدار 300 مليار يورو عما كان سيكون عليه."

وتشير حسابات بناء على متوسط إنفاق للمهاجر الواحد بنحو 12 ألف يورو سنويا إلى أن الإنفاق الإضافي للحكومة الاتحادية في ألمانيا وحكومات الولايات والحكومات المحلية بمفرده ربما يبلغ عشرة مليارات إلى 12 مليار يورو في 2016 أو 0.3-0.4% من الناتج المحلي الألماني.

ورفع دويتشه بنك توقعاته للنمو في ألمانيا لعام 2016 إلى 1.9% من 1.7%، مشيراً إلى زيادة الهجرة، وقال إنها ستضيف نحو نصف نقطة مئوية إلى إجمالي نمو الاستهلاك.

لكن هل تشكل تلك الدفعة الاقتصادية تحولا حقيقيا في عالم يعاني منذ عشرات السنين من مشكلات سكانية؟

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقرير عن الهجرة: "شكلت الهجرة أكبر محرك للنمو السكاني في الاتحاد الأوروبي بشكل عام منذ منتصف التسعينيات.. وهي على وشك أن تصبح المحرك الوحيد."

وقال اتش.اس.بي.سي إنه "للاستفادة من الهجرة تحتاج ألمانيا إلى هجرة صافية بنحو 700 ألف مهاجر على مدى السنوات العشر القادمة للحفاظ على استقرار مستوى سكانها مستشهدا ببيانات من الأمم المتحدة. وسيوقف تعهد ألمانيا باستقبال القادمين الجدد تراجع قوتها العاملة لعام واحد".

وقال بنك مورجان ستانلي الأمريكي الشهر الماضي: "رغم الضجيج المثار بخصوص الهجرة فلا يوجد ببساطة ما يشير إلى أي تأثير اقتصادي عالمي كبير على التغيرات السكانية (في الأجل الطويل)."

لكن ذلك بناء على مستويات الهجرة حتى الآن. فمن المحتمل تضخم أعداد المهاجرين في المستقبل حتى مع صعوبة التنبؤ بالصراع في سوريا أو استعداد دول الاتحاد الأوروبي وقدرتها على الإبقاء على حدودها مفتوحة.

وتشير تقديرات فرونتكس إلى أن ما يزيد على أربعة ملايين سوري وأفغاني وعراقي وباكستاني ما زالوا تحت "الحماية المؤقتة" في تركيا ولبنان والأردن ومصر.

وأشارت وزارة الدفاع البريطانية إلى دراسات تقول إن 60 مليوناً من مواطني منطقة جنوبي الصحراء قد يتحركون من مناطق "التصحر" إلى شمال افريقيا وأوروبا بحلول 2020.

وحتى إذا وصلوا بدون قيود فإن مهاراتهم والتدريب المتاح في المستقبل قد تصنع الفارق كله بالنسبة للاقتصادات المضيفة. فمنطقة اليورو تعاني من نقص في العمالة لكن لديها بالفعل فائضا كبيرا في العمالة غير الماهرة.

وقال اتش.اس.بي.سي إن تقديرات المفوضية بخلق 7.5 مليون وظيفة جديدة فائضة على مدى الأعوام العشرة المقبلة تخفي فائضا قدره 23 مليونا من العمالة غير الماهرة على مدى تلك الفترة تتركز في فرنسا وايطاليا ونقصا قدره 32 مليونا في العمالة المتوسطة والماهرة.

ومع اقتراب فصل الشتاء فقد شهد أيلول/ سبتمبر تباطؤا طفيفا في موجات تدفق اللاجئين إلى أوروبا هذا العام والذين يفرون من الفقر والحرب في الشرق الأوسط وأفريقيا.

ودخل إلى دول الاتحاد الأوروبي نحو 170 ألف "مهاجر غير نظامي" الشهر الماضي بحسب وكالة الحدود الأوروبية فرونتكس ليصل عددهم الإجمالي منذ بداية العام إلى 710 آلاف.

ويعادل هذا بالفعل نحو ثلاثة أمثال عددهم في 2014 بأكمله ومن المتوقع على نطاق واسع أن يتجاوزوا المليون مهاجر بنهاية العام.

وتشير بعض التقديرات الخاصة إلى أن الهجرة الصافية إلى الدول الـ19 الأعضاء في منطقة اليورو هذا العام بلغت نحو 1.6 مليون مهاجر.

وتعهدت ألمانيا باستقبال 800 ألف من طالبي اللجوء في أراضيها بينما يخطط الاتحاد الأوروبي لتوزيع 120 ألف لاجئ على دوله الثماني والعشرين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com