تعتزم شركة النفط والغاز الجزائرية "سوناطراك" إعادة التفاوض بشأن عقودها المتزايدة مع زبائنها الأوروبيين بعد اكتشاف حقل جديد للغاز الطبيعي بالبلاد، وسط تقلبات غير مسبوقة للأسعار في الأسواق العالمية.
وقال تقرير نشرته مجلة "جون أفريك"، إن شركة "سوناطراك" الجزائرية العملاقة أعلنت أنها مستعدة لتزويد الاتحاد الأوروبي بالمزيد من الغاز، لكنها تريد أن تكون قادرة على الاستفادة من الارتفاع الكبير في الأسعار في جميع أنحاء العالم.
وأضاف التقرير أن أوروبا تعيش حالة "اختناق بطيء" بعد أن أوقفت روسيا تدريجيًّا عمليات تصدير الغاز أمام الدول الأوروبية، وبعد أن خفضت بشكل كبير شحناتها إلى ألمانيا والنمسا وإيطاليا. كما لم تعد موسكو تسلم الغاز إطلاقا إلى فرنسا وبولندا وبلغاريا، ما بات يهدد إمدادات الغاز في الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد بشدة على روسيا ويدفعه إلى الإسراع في البحث عن بدائل.
وأكد التقرير أنّ "سوناطراك" تدرس إمكانية زيادة أسعار الغاز للمشترين الأوروبيين.
ونقل التقرير عن مصادر وصفها بالمطلعة، أن شركة النفط والغاز العامة الجزائرية ترغب في إعادة التفاوض بشأن عقودها طويلة الأجل مع الزبائن الأوروبيين، وتخطط لمراجعة الأسعار بالزيادة مع المجموعات المرتبطة بالمنشآت الجزائرية في بني ساف عبر خط أنابيب الغاز البحري "ميدغاز" وتحديدا شركات "ناتورجي" و"سيبسا" و"إنديسا" الإسبانية والشركة الفرنسية "إنجي" وشركة "جالب" البرتغالية.
وفسرت "جون أفريك" هذا التوجه نحو مراجعة العقود والأسعار بأنّ شركة "سوناطراك" تدرك تقلب الأسعار ورغبة الاتحاد الأوروبي في تقليل اعتماده على الواردات الروسية لتجنب "صدمة الغاز" قبل الشتاء، ومن أجل التعويض عن الخسائر المتعلقة بالعقود طويلة الأجل، بناءً على متوسطات طويلة الأجل محددة مسبقًا وليس على الأسعار اليومية.
في المقابل، يرغب مفاوضو المجموعة الجزائرية في تضمين ارتباط جزئي مع أسعار الغاز في الأسواق الفورية في العقود المقبلة، وفقا للتقرير.
من جانبه، قال ألكسندر كاتب، الخبير الاقتصادي والمستشار المالي والمتخصص في الأسواق الناشئة "من المشروع تمامًا أن تتعلم سوناطراك دروس تطور السياق الدولي وأن تتفاوض بشأن العقود التي تتوافق بشكل أفضل مع مصالحها التجارية".
واعتبر ماتيو أوزانو، مدير مركز الأبحاث "ذي شيفت بروجكت" أنّ القرار "متوقع".
وقال ماتيو أوزانو لـ "جون أفريك": "فيما وراء الحرب في أوكرانيا هناك حاجة متزايدة إلى الغاز في أوروبا، في حين أن الإنتاج في بحر الشمال مرشّح للانخفاض ويمكن لجميع الموردين الترافع لمراجعة العقود، وهذا السياق يفسح المجال لذلك".
وبحسب الخبير الاقتصادي والمستشار المالي ألكسندر كاتب فإن الدول الأوروبية دفعت شركة "سوناطراك" باستمرار إلى إعادة التفاوض بشأن عقودها القديمة في السنوات الأخيرة من خلال جدولة الأسعار وفقا لسعر الغاز في السوق الفوري وليس سعر النفط، وبالتالي فإن الأوروبيين يجدون أنفسهم الآن عالقين في لعبتهم التي وضعوها بأيديهم، كما إنهم يشترون المزيد من الغاز الطبيعي المسال من دول، مثل: قطر، والولايات المتحدة، ولا يوجد سبب يجعل سعر الغاز الجزائري أرخص من السعر المدفوع لهؤلاء الموردين.