القروض.. "مسمار جحا" الصيني في دول أمريكا اللاتينية
القروض.. "مسمار جحا" الصيني في دول أمريكا اللاتينيةالقروض.. "مسمار جحا" الصيني في دول أمريكا اللاتينية

القروض.. "مسمار جحا" الصيني في دول أمريكا اللاتينية

بعد 14 عاما على القروض الأولى من الصين إلى حكومات أمريكا اللاتينية، تمكنت بكين من بيع المزيد من المنتجات إلى تلك الدول والوصول إلى مصادر جديدة للنفط، كما عززت شركاتها الهندسية في المنطقة على حساب المديونية المرتفعة التي انتهى الأمر بالبلدان إلى تحملها.

وتوقفت قروض الصين بمليارات الدولارات لعدد قليل من البلدان في منطقة أمريكا اللاتينية، حيث لم يتم إصدار قروض جديدة خلال العامين الماضيين، وفقا لما ذكرته صحيفة "فويس أوف أمريكا".

ويفسر الخبراء كبح القروض المباشرة التي تقدمها الصين للحكومات، بحجة أنها تركز في الوقت الحالي على تقديم قروض لشركاتها الخاصة المتواجدة في أمريكا اللاتينية.

ومنذ عام 2007 ودون انقطاع، مولت الصين البلدان ذات الأهمية الاستراتيجية لمواردها من الطاقة، وكانت فنزويلا والبرازيل والإكوادور والأرجنتين أكبر متلقين للقروض بمجموع 117 قرضا بقيمة 137 مليار دولار، منحها بنك التنمية الصيني وبنك التصدير والاستيراد الصيني.

شروط

ومن الشروط العامة لهذه القروض دفع جزء منها بالنفط واستخدام الاعتمادات في مشتريات من الصين وإبرام عقود مع شركات هندسية من ذلك البلد لتسهيل الهبوط في المنطقة، وفي عام 2010، وصلت القروض إلى أعلى ذروة للمدفوعات حيث بلغت 34.5 مليار دولار لأمريكا اللاتينية.

وتمكنت الصين من الحصول على قروض للحكومات لأعمال البنية التحتية الكبيرة التي تنفذها شركاتها الخاصة لمساعدتها على اكتساب الخبرة في أمريكا اللاتينية.

وقالت مارغريت مايرز، الباحثة في "فويس أوف أمريكا"، "إنهم لم يفهموا بيئات التشغيل والاستثمار، لذلك كانت (القروض) طريقة طبيعية للصين لمساعدة هذه الشركات على تأسيس نفسها، وهذا هو سبب كل هذه الاعتمادات".

وفي أحدث تحليلاتها حول دور القروض الصينية في المنطقة، حددت مارغريت أن القروض التي كانت تذهب إلى الحكومات يتم توجيهها الآن مباشرة إلى المشاريع التي تشمل الشركات الصينية التي لديها بالفعل "اتصالات خاصة بها، وهي بالفعل لا تحتاج إلى مساعدة. يمكنها الحصول على أعمالهم الخاصة ... إنها آلية مختلفة".



وأوضحت الباحثة أنه "في عامي 2020 و2021، صرف بنك الصين والبنك الصناعي والتجاري الصيني 12 قرضا مباشرا لمشاريع خاصة أو شراكات بين القطاعين العام والخاص في قطاعات الطاقة والتعدين والبنية التحتية في الأرجنتين وبيرو والبرازيل والمكسيك وكولومبيا".

وقال ستيفن كابلان، أستاذ العلاقات الدولية في معهد السياسة الاقتصادية الدولية، في كتابه الجديد عن السياسة الاقتصادية للتمويل، إن الاعتمادات التي تقدر بملايين الدولارات التي قدمتها الصين دون قياس قدرة الدول على السداد، "يمكن أن تشجع الحكومات على الإنفاق بما يتجاوز إمكانياتها، مما يؤدي إلى تحفيز مشكلة الديون في المستقبل".

قضية قروض الإكوادور

تدين الإكوادور للصين بما يقرب من 5 مليارات دولار، أي ما يعادل 11% من إجمالي ديونها الخارجية، كما يتعين عليها سداد 42% من هذا الدين للصين (2.7 مليار دولار) قبل نهاية عام 2024.

ويتم سداد الديون من خلال النفط بسعر منخفض، وهو ما تعتبره شركة "بترويكوادور" غير موات لأنها تخسر 3.6 دولار عن كل برميل.

وطلب رئيس الإكوادور غييرمو لاسو، من نظيره شي جين بينغ خلال زيارة إلى الصين في فبراير الماضي، فصل الديون مع بكين عن النفط وتمديد المدة لسدادها، وهي قضية قيد المناقشة.

وأكد ماوريسيو بوزو، وزير المالية في الإكوادور بين عامي 2020 و2021، أن الشروط المتفق عليها كانت "غير مناسبة"، لأن بعض الاعتمادات مرتبطة بعقود البترول.



وقال الوزير السابق بوزو لصحيفة "فويس أوف أمريكا": "يبدو لي أنها كانت عمليات لا تستجيب لمبدأ الدين العام بشكل عام، مثل الضمان السيادي للدولة، وأنه لا يوجد نوع آخر من الضمان".

القروض التقليدية من البنك الدولي وبنك التنمية للبلدان الأمريكية أو صندوق النقد الدولي ليست مرتبطة بالنفط أو بأي أصول حكومية أخرى، ناهيك عن فرض شراء سلع أو خدمات من بلد معين.

وفي معظم الحالات، يكون الشرط هو أن تتبنى البلدان إجراءات مالية معينة لضمان استمرار سداد الديون بمرور الوقت، وهذا هو الفارق الكبير مع القروض الصينية.

وعلى الرغم من المديونية الزائدة التي تتحملها الإكوادور ودول أخرى في المنطقة مع الصين، لا يعتقد الوزير السابق بوزو أن اعتمادات بكين للحكومات ستختفي تماما، وهذا لا يعني بالضرورة أنها لن تقرض بعد الآن للقطاع العام، وقد يكون الأمر أنهم يقرضون المزيد لشركات معينة، لكنه جزء من استراتيجية التواجد الأكبر في المنطقة لكسب أرضية في تمويل القطاع الخاص.

قروض فنزويلا

وبحسب مارغريت مايرز، فإن عدم اليقين بشأن استرداد الأموال التي أقرضت، خاصة لدول مثل فنزويلا، التي حصلت على حوالي نصف القروض، (65 مليار دولار) هو سبب آخر لكبح الصين من إصدار قروض جديدة للحكومات.

وواجهت الصين هذه المشكلة قبل الوباء، وأثناء الوباء أصبحت تمثل تحديا أكبر بكثير، كما بذلت الصين جهودا لإعادة هيكلة شروط بعض شرائح الديون في فنزويلا وكذلك في الإكوادور، ليتم سداد القروض ولكن بشكل أبطأ مما توقعته الصين في البداية.

وقال خورخي هايني، عضو المبادرة الصينية العالمية في مركز سياسة التنمية العالمية بجامعة بوسطن، إن الصين "أحرقت أصابعها" بالفعل مع فنزويلا لأن البلاد "لا تزال مدينة لها بـ 19 مليار دولار".



وأكد هايني أنه ربما كان أهم سبب لإعادة توجيه الصين لاستراتيجيتها الإقراضية للحكومات في أمريكا اللاتينية هو أن الصين ستركز أكثر على التنمية والاستثمار الداخلي في السنوات المقبلة.

ويوافق هايني، الذي كان قد شغل منصب سفير تشيلي لدى الصين، على أن الشركات الصينية في أمريكا اللاتينية لم تعد تعتمد فقط على عقود البناء المرتبطة بالقروض الصينية لأنها شاركت في مناقصات مفتوحة في البلدان التي لا توجد فيها قروض صينية لبعض الوقت.

وبعد 14 عاما على المدفوعات الأولى للقروض الصينية للحكومات، لم تنجح جميع المشاريع المنفذة بسبب قضايا الفساد والصراعات مع المجتمعات والعمل والبيئة، ولم يتم الانتهاء حتى من بعضها، مثل خط سكة حديد Tinaco-Anaco في فنزويلا بقيمة 2.7 مليار دولار ومصنع لمعالجة الأرز بقيمة 200 مليون دولار في دلتا أماروكو.

ومع ذلك، واصلت البنوك الصينية منح قروض لفنزويلا، كما يقول تقرير صادر عن منظمة أمريكا اللاتينية المستدامة، وثق عدم متابعة الصين للمشاريع التي كانت تمولها.

ومنذ أن قدم العملاق الآسيوي أول قروض للحكومات، تمكنت بكين من بيع المزيد من المنتجات إلى أمريكا اللاتينية والوصول إلى مصادر جديدة للنفط.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com