هل تسرّع أزمة كورونا الإصلاحات الاقتصادية في الخليج؟
هل تسرّع أزمة كورونا الإصلاحات الاقتصادية في الخليج؟هل تسرّع أزمة كورونا الإصلاحات الاقتصادية في الخليج؟

هل تسرّع أزمة كورونا الإصلاحات الاقتصادية في الخليج؟

عندما انهارت أسواق المال العالمية وهوت أسعار النفط من أعلى مستوى لها عند 147 دولارا منتصف عام 2008 إلى أقل من 30 دولارا للبرميل نهاية تلك السنة، عانت دول الخليج من وضع مالي واقتصادي صعب للغاية نظرا لضآلة احتياطاتها النقدية في الخارج.

وأعلنت يومها دول مجلس التعاون الخليجي أنها ستقوم بإصلاحات اقتصادية للتقليل من اعتمادها على الصادرات النفطية، وتنويع مصادر دخلها، خاصة من خلال تنمية القطاع الصناعي الذي تعتبره تلك الدول الدعامة الرئيسة لبرامج تنويع مصادر الدخل، نظرا لضعف الإمكانيات الزراعية باعتبار طبيعتها الصحراوية.

وعلى الرغم من أن الإصلاحات سارت ببطء في السنوات التالية بعد انتعاش أسعار النفط، فإنها على أي حال أدت إلى ارتفاع  نسبة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير، وأصبح هذا القطاع يستحوذ على أكثر من ثلثي الاقتصاد في معظم دول المنطقة.

وبعد عودة انهيار أسعار النفط، وتراجع اقتصاداتها بسبب جائحة كورونا العام الجاري، ظهر أن الوضع مختلف تماما في ما يتعلق بالقوة المالية لدول المجلس، خاصة تنامي أصولها الخارجية بشكل حاد في السنوات الماضية.



لكن خبراء يرجحون أن تتسارع برامج الإصلاح الاقتصادية في دول المجلس الست بعد انتهاء الأزمة الحالية نظرا لأن تأثيرها كان أكبر بكثير من الأزمات السابقة.

وقال بين كاهيل من مركز الدراسات الإستراتيجية الدولية في واشنطن: "الحقيقة أن الوضع المالي لدول المجلس الآن يعتبر جيدًا نسبيًا، إذ إن معظم هذه الدول، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت تملك أصولا كبيرة تتيح لها التعامل مع الأزمة الحالية عن طريق السحب من تلك الأصول وخفض الإنفاق إذا ما دعت الضرورة".

وأضاف في رد مكتوب على سؤال لـ "إرم نيوز" أنه "من المتوقع ألا تتحسن أسعار النفط بشكل كبير في المستقبل القريب، وستظل مستويات إنتاج دول الخليج متدنية نسبيا.. لذلك أتوقع أنه في حال بقيت الأسعار ضعيفة لفترة، فإن ذلك سيكون حافزا قويا لدول الخليج لتسريع الإصلاحات.. وأعتقد أن السعودية ماضية حتى بصرف النظر عن مستوى أسعار النفط في الإصلاحات الجذرية من خلال خطتها الطموحة المعروفة برؤية 2030".

واعتبر كاهيل أن تراجع أسعار النفط عادة ما يحفز دول الخليج على تسريع الإصلاحات، لكنه أشار إلى أن حكومات تلك الدول لن تتخذ أي خطوات كبيرة خلال أزمات اقتصادية وصحية، نظرا لخطورة تلك الخطوات في تلك الظروف، مضيفا أن دول المجلس "تواجه حاليا أوقاتا صعبة، لكن هذه الظروف تعتبر فرصة للتفكير في استراتيجيات وسياسات اقتصادية جديدة".



وعلى الرغم من تراجع أسعار النفط في الفترة الأخيرة والانخفاض الحاد في الأسهم والسندات في الأسواق الدولية نتيجة تفشي وباء كورونا، فإن أصول دول الخليج لا تزال عند أعلى مستوياتها، ما يعني أن تلك الدول تعتبر محصنة ضد مزيد من الصدمات.

ووفقا لمعهد الصناديق السيادية الأمريكي، فإن جهاز أبو ظبي للاستثمار لا يزال في المركز الثالث بين الصناديق السيادية في العالم لجهة الموجودات، رغم تراجعها بشكل كبير في الأشهر الماضية، إذ بلغت بنهاية نيسان (أبريل) الماضي حوالي 579 مليار دولار.

واحتلت هيئة الاستثمار الكويتية المركز الرابع بأصول بلغت 533 مليار دولار، في حين بلغت أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي 360 مليار دولار بزيادة 40 مليار دولار عن مستواها نهاية العام الماضي بعد قرار المملكة تحويل مبلغ 40 مليار دولار على فترة شهرين للصندوق من أصول هيئة النقد العربي السعودي (ساما)، التي لا تزال تملك حوالي 420 مليار دولار، والذي يتوقع أن يرتفع إلى 450 مليار دولار نهاية عام 2022.

كما تملك هيئة الاستثمار القطرية، وهي الصندوق السيادي الحكومي، حوالي 295 مليار دولار، في حين تبلغ أصول كل من هيئة استثمار دبي وشركة مبادلة بأبو ظبي حوالي 239 مليارا و 232 مليار دولار على التوالي، وفقا للتقرير.

وتمكنت دول الخليج من زيادة احتياطها الخارجي بشكل كبير في السنوات التي تلت أزمة الأسواق عام 2008 بعد الارتفاع الحاد في أسعار النفط.

ووصلت إيرادات صادرات النفط لدول المجلس إلى أعلى مستوى لها وهو 572 مليار دولار عام 2012، وحافظت على مستوياتها المرتفعة عامي 2013 و 2014 عندما بلغت حوالي 555 مليارا و 491 مليار دولار على التوالي، بحسب بيانات حكومية.

وهوت الإيرادات إلى 236 مليار دولار عام 2016 بعد تراجع الأسعار والإنتاج، إلا أنها عاودت صعودها لتصل إلى 313 مليار دولار عام 2017 و 418 مليار دولار عام 2018 وحوالي 392 مليار دولار عام 2019، وفقا لإدارة دراسات الطاقة الأمريكية.

وقال هيثم أميرة من معهد "الكانو رويال" الإسباني: "إذا استطاعت دول المنطقة أن تدير هذه الأزمة بدرجة مقبولة من النجاح، فستتمكن من أن تخرج معززة وقوية من هذا الوضع.. وعلى العكس من ذلك، إذا لجأت إلى التكتيكات المعتادة عند التعامل مع الكوارث مثل الاستجابة بطريقة غير منسقة ومتأخرة والبحث عن اللوم فسيكون بمقدور فيروس كورونا أن يعمق الأزمة وأن يفاقم المشاكل التي تعانيها المنطقة."

من جانبة رأى كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الأمريكي، جيمس ريف، أن السعودية تمضي في الطريق الصحيح بتنفيذ رؤية 2030، أكبر خطة إصلاح اقتصادي في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن القطاع غير النفطي سجل نموا ملحوظا في الفترات الماضية على الرغم من التقلبات الحادة في أسعار وإنتاج النفط.

وقال: "بالنسبة للعام الجاري فإن القطاع غير النفطي في المملكة قد يتقلص بنسبة 2.1% فقط نتيجة الإغلاق الذي نفذته الحكومة بسبب تفشي وباء كورونا، لكنه سيتعافى بقوة ويتوقع أن ينمو بحوالي 4.1% عام 2021".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com