"كمامات كورونا".. عبء جديد يثقل كاهل المصريين وسط مصاعب اقتصادية
"كمامات كورونا".. عبء جديد يثقل كاهل المصريين وسط مصاعب اقتصادية"كمامات كورونا".. عبء جديد يثقل كاهل المصريين وسط مصاعب اقتصادية

"كمامات كورونا".. عبء جديد يثقل كاهل المصريين وسط مصاعب اقتصادية

"نأكل ونشرب؟ أم نشتري كمامات؟".. بهذا السؤال الاستنكاري جأر مصريون بالشكوى مع بدء إلزام الحكومة المواطنين باستخدام الكمامات في المواصلات العامة والمصالح الحكومية والأسواق الشعبية في إطار جهود مكافحة فيروس كورونا.

وقال أحدهم: "بصراحة، أنا أغسل الكمامة الطبية وألبسها تاني. ميزانيتي ما تستحملش.. محتاج نحو ألف جنيه في الشهر علشان اشتري كمامات لأسرتي. منين؟".

أعباء الكمامة التي يشدد الخبراء على أهميتها للحد من انتشار الوباء تجيء في وقت مازال ملايين المصريين يعانون فيه من المصاعب التي جلبها تحرير سعر الصرف في أواخر 2016 وما رافقه من ارتفاع الأسعار وتحرير أسعار الكهرباء والمواد البترولية وغيرها.

وتسببت أزمة كورونا في تداعيات اقتصادية وخيمة في مصر إذ توقف قطاع السياحة الحيوي للتوظيف وأثر سلبا على تدفقات النقد الأجنبي عموما، فضلا عن تقلص معدلات النمو.



وفي طريقها نحو إعادة فتح الاقتصاد في منتصف يونيو/ حزيران، فرضت الحكومة المصرية غرامة 4000 جنيه (252.5 دولار) على من لا يستخدم الكمامة. وشنت وزارة الداخلية بالفعل حملات في أنحاء البلاد لضبط المخالفين ومنعت محطات مترو الأنفاق دخول من لا يضعها.

وتتراوح أسعار الكمامات الطبية العادية بين خمسة جنيهات (0.32 دولار) للقطعة وعشرة جنيهات، ولا يشمل هذا الكمامة من نوع ‭‭‭‭‭‭‭N95‬‬‬‬‬‬‬ التي يصعب العثور عليها ويقترب سعرها من المئتي جنيه.

وبخلاف العبء المادي يواجه بعض المصريين صعوبة في الحصول على الكمامة إذ لم تكن متوافرة في بعض الصيدليات عندما حاول مراسلو رويترز شراء كمامات في القاهرة الكبرى وأسيوط والمنيا.

 الكمامة القماش

وقد يكمن الحل في الكمامة القماشية، إذ أعلنت الحكومة المصرية في وقت سابق هذا الشهر عن طرح كمامات مصنوعة من القماش بسعر خمسة جنيهات عبر مصانع الملابس بمواصفات قياسية من وزارة الصحة بحيث تكون آمنة وصالحة للاستخدام لمدة شهر.

لكن إنتاج تلك الكمامات لم يبدأ حتى الآن.

وقالت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة في بيان صحفي يوم الأحد، إن مصر تستهدف إتاحة نحو 30 مليون كمامة شهريا لتلبية احتياجات السوق المحلي.



وأضافت: "سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة البدء في عملية الإنتاج إذ سيتم تصنيع 8 ملايين كمامة من القماش كمرحلة أولى".

وأوقف جهاز حماية المستهلك منذ أيام قليلة إعلانات عن كمامات قماش لواحدة من أكبر شركات الملابس الداخلية بمصر، قائلا إن تلك الكمامات غير مطابقة للمواصفات القياسية.

وقال مجدى غازى رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية بوزارة التجارة: "بعض المصانع كانت تصنع بالفعل كمامات من الأقمشة قبل جائحة كورونا لكنها غير طبية وتُستخدم في الوقاية من الأتربة".

وإلى أن يبدأ طرح كمامات القماش سيضطر المصريون إلى استخدام الكمامات الطبية بتكلفة قد تصل إلى بضع مئات من الجنيهات للأسرة الواحدة شهريا.

تقول آية مجدي، المعيدة بكلية التربية بإحدى الجامعات الخاصة وتعيش بمحافظة بني سويف: "تكلفة الكمامات حاليا تشكل عبئا على الميزانية الشهرية... ننتظر إنتاج الكمامات المصنوعة من القماش نظرا لتكلفتها المنخفضة واستدامتها".

وقال النائب عمرو غلاب عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب: "حاجة المواطنين للكمامات المطابقة للمواصفات تفوق الكمية الموجودة في السوق حاليا، وهو ما يعزز فكرة الاعتماد علي الكمامات المصنوعة من الأقمشة بمواصفات تحقق أعلى حماية من الفيروس".

وستجبر الكمامة الكثيرين على إعادة ترتيب أولويات الشراء التي خرجت منها سلع عديدة في الفترة الأخيرة بسبب الغلاء.

يقول عصام سعيد، وهو موظف بمديرية التربية والتعليم بمحافظة بني سويف: "محتاج أوفر يوميا 30 جنيها لأسرتي المكونة من ستة أفراد لشراء ست كمامات... أي بمعدل 900 جنيه شهريا، وأنا راتبي كله 2200 جنيه... طيب إزاي؟".

وتشير أحدث البيانات الرسمية المتاحة إلى ارتفاع معدل الفقر بمصر في السنة المالية 2017-2018 إلى 32.5% من 27.8% في 2015، بحساب دخل خط الفقر عند 8827 جنيها في السنة للفرد.

وتعاني الأسواق في مصر من مشاكل في الانضباط والرقابة، فتجد العديد من الباعة الجائلين أمام محطات مترو الأنفاق ومواقف حافلات المحافظات وعند البنوك والمصالح الحكومية يبيعون كمامات قماش مجهولة المصدر.

عبء جديد

يقول جمال عبدالخالق، الموظف بجمعية زراعية في محافظة كفر الشيخ بشمال مصر، ساخطا: "كل اللي كان ناقصنا اننا نعمل ميزانية للكمامة اللي بخمسة جنيهات ونستخدمها مرة واحدة في اليوم".

وفي محافظة أسيوط بصعيد مصر، يقول محمد حلمي: "إلزام المواطنين بشراء كمامة يوميا واقع مؤلم ماديا، بالإضافة إلى الإجهاد في البحث عنها لأنها غير متوافرة بشكل كامل".

وكان البنك الدولي قال في تقرير صدر في أبريل/ نيسان 2019 إن نحو 60% من المصريين إما فقراء وإما منكشفون على مخاطر الفقر، وإن التفاوتات الاقتصادية في تزايد.

وفي المنيا، على بعد 260 كيلومترا إلى الجنوب من القاهرة، قال منير زهير وهو موظف: "بحسبة بسيطة وجدت أنه كي نتبع التعليمات الصحية الدقيقة مطلوب مني توفير نحو ألف جنيه من دخلي لشراء الكمامات شهريا وهو ما يفوق قدرتي بالتأكيد".



أما أحمد رمضان من مدينة الإسكندرية فيشكو من التكلفة وأيضا من عدم الثقة في أنواع الكمامات قائلا: "الأمر أصبح مكلفا خاصة في ظل تفاوت أسعار الكمامات واختلاف أنواعها... أصبحت أشك في جدوى جميع أنواع الكمامات... تخيل أن أسرتك مكونة من خمسة أفراد فكم سيتكلف ارتداء الكمامة شهريا".

وإلى أن تتوافر كمامة قماش يمكن استخدامها أكثر من مرة وبسعر في المتناول، يجد بعض المصريين العزاء في أن ملابسهم قد تعفيهم من استخدام الكمامة بصرف النظر عن المخاطر الصحية.

تقول فاطمة نور، بائعة خضراوات بكفر الشيخ، إن مشكلتها محلولة لأنها تضع النقاب لكن زوجها عامل النظافة لا يُصرف له بدل عدوى ولا يستطيع شراء كمامة يوميا بخمسة جنيهات وإن كانت جهة عمله تسلمه واحدة من حين لآخر.

وتتساءل "أيه الأحسن لنا؟ نشتري الكمامة ولا نأكل ونشرب؟".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com