أزمة اقتصادية تلوح في الأفق مع استمرار الاحتجاجات في لبنان
أزمة اقتصادية تلوح في الأفق مع استمرار الاحتجاجات في لبنانأزمة اقتصادية تلوح في الأفق مع استمرار الاحتجاجات في لبنان

أزمة اقتصادية تلوح في الأفق مع استمرار الاحتجاجات في لبنان

أغلقت البنوك في جميع أنحاء لبنان أبوابها هذا الأسبوع، لحماية الموظفين من العملاء الغاضبين الذين يطالبون بدولاراتهم، فأُعيد توجيه هذا الغضب نحو ماكينات الصراف الآلي، والتي ترفض أيضًا صرف الدولار بغض النظر عن مقدار رصيد العميل.

وقالت "سونيا بدران"، وهي أم لأربعة أطفال، بعد رحلتها الفاشلة الثالثة إلى البنك هذا الأسبوع: "أريد دولاراتي، وحتى يتم حل أزمة الدولارات في البلاد ستظل الاحتجاجات المناهضة للحكومة مستمرة، دعوهم يظلوا في الشوارع. هذا الوضع غير مقبول".

ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، بعد ما يقرب من شهر من الاحتجاجات الجماهيرية التي تنتقد النخبة السياسية في لبنان بسبب الفساد وسوء الإدارة، تزداد تصادمات المشاكل الاقتصادية الطويلة الأمد في البلاد مع الحياة اليومية لمواطنيها.

وأصبح الدولار الأمريكي في لبنان، والذي استخدم منذ فترة طويلة جنبًا إلى جنب مع الليرة اللبنانية، شحيحًا لأن المخاوف من الاضطرابات السياسية تسببت في محاولة المزيد من الناس سحب أموالهم، ولذلك واجه أرباب العمل صعوبة في دفع الرواتب والمستأجرين لدفع الإيجار والتجار لدفع ثمن السلع والخدمات المستوردة.

مشاكل لا يمكن حلها

ويبدو أن حل الأزمة بعيد، إذ يقول المحللون والاقتصاديون؛ المشاكل الأساسية تراكمت لفترة طويلة بحيث لا يمكن حلها إلا من خلال سياسات طويلة الأجل من المحتمل أن تسبب بعض الألم للشعب، وتنفيذ مثل هذه المبادرات يتطلب حكومة قوية، وهي ما يفتقر إليه لبنان.

وقال "ناصر السعيدي"، وزير الاقتصاد اللبناني السابق: "المشكلة هي أن السياسات الحالية غير مستدامة، ووضع البلد على المسار الصحيح يتطلب التعامل مع عجز كبير في الميزانية وخفض الدين العام في وقت واحد، وهي مهمة صعبة".

وأضاف: "ليس هناك حل آخر، فنحن على شفير الهاوية وننظر للأسفل، لذلك ما لم نفعل ذلك، أين سينتهي الأمر؟".

واندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء لبنان في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد أن اقترحت الحكومة أنها قد تزيد الإيرادات عن طريق فرض ضرائب على المكالمات التي تتم عبر خدمات الإنترنت مثل واتساب، ورأى العديد من اللبنانيين أنه من المهين أن يحاول قادة البلاد مكالماتهم لتمويل دعم الدولة بعد عقود من سوء الإدارة والنهب.

واستمرت المظاهرات منذ ذلك الحين في حركة ظلت إلى حد كبير بلا قيادة، وبمطالب تتراوح بين الإصلاحات الاقتصادية ومحاكمات السياسيين الفاسدين والإطاحة الكاملة بالنخبة السياسية.

وبعد شهر واحد، كان الانتصار الرئيسي للمتظاهرين هو استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري في 29 تشرين الأول/أكتوبر، وبحلول يوم الجمعة التالي كان هناك شائعات تشير إلى أن الأحزاب السياسية الرائدة في البلاد قد وافقت على ترشيح "محمد الصفدي"، وزير المالية السابق، خلفًا له.

وقال وزير الخارجية اللبناني "جبران باسيل"، لمحطة تلفزيونية محلية إن الصفدي قد يبدأ في محاولة تشكيل حكومة جديدة الأسبوع التالي، ولكن هذه العمليات غالبًا ما تستغرق شهورًا في لبنان، ولم يتضح على الفور حجم الدعم الذي يتلقاه الصفدي، أو ما إذا كان تعيينه سيخفف من حدة الاحتجاجات.

وينتمي الصفدي البالغ من العمر 75 عامًا، والذي يتمتع بعلاقات تجارية واسعة مع المملكة العربية السعودية، إلى نفس فئة القادة الذين خرج المتظاهرون إلى الشوارع للتخلص منهم.

سياسة فعالة

وأوضح "مايكل يونج"، محرر رئيسي في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، أن أي حكومة جديدة لا تملك قبولًا من المتظاهرين سوف تكافح من أجل تطبيق سياسات فعالة.

وقال: "أي حكومة لا تلبي مطالب الجمهور ستبدأ في مأزق، وستكون حكومة يعارضها الشعب ولن تمتلك ما يكفي من الشرعية لفرض الإصلاحات".

بالإضافة إلى تهدئة الأزمة السياسية المباشرة في البلاد، سيتعين على أي حكومة جديدة أن تتعامل مع المشاكل الاقتصادية المتجذرة والتي ظلت تتطور لسنوات حتى تركت المواطنين غير قادرين على سحب دولاراتهم من البنك.

فلأكثر من عقدين من الزمن، استخدم اللبنانيون الدولار الأمريكي والليرة اللبنانية في وقت واحد، وهو أمر أصبح ممكنا بفضل سياسة البنك المركزي التي أبقت سعر الصرف ثابتا عند حوالي 1500 ليرة للدولار.

وتم استخدام العملتين بشكل متبادل في الحياة اليومية بحيث كان من الشائع دفع ثمن وجبة أو سيارة أجرة بعملة وتلقي الفكة بالأخرى، أو حتى مزيج من الاثنين معا، ولكن الحفاظ على هذا المعدل يتطلب الحفاظ على تدفق الدولارات إلى البلاد، الأمر الذي يتم عادة عن طريق تحفيز المستثمرين الأثرياء على إيداع ودائع كبيرة بالدولار للحصول على فائدة عالية، وهي استراتيجية قارنها بعض الاقتصاديين بمخطط احتيال "بونزي".

وحتى قبل بدء الاحتجاجات في الشهر الماضي، تم سحب حوالي 3 مليارات دولار من البنوك اللبنانية، حسبما صرح به محافظ البنك المركزي "رياض سلامة" للصحفيين هذا الأسبوع، كما تم سحب ملياري دولار بعد إعادة فتح البنوك بعد الأسبوعين الأولين من الاحتجاجات.

وأكد سلامة أن الودائع آمنة وأنه لم يتم وضع قيود رسمية على عمليات السحب بالدولار، ولكن العديد من البنوك فرضت قيودًا غير رسمية تتغير بوتيرة سريعة ولا يتم الإعلان عنها علنًا.

ووسط غضب متزايد حول حدود السحب، بدأ موظفو البنك إضرابًا مفتوحًا يوم الثلاثاء، قائلين إنهم بحاجة إلى حماية من العملاء الغاضبين، ومع غلق البنوك، توقف العديد منها عن صرف الدولارات من ماكينات الصراف الآلي، ووضعوا قيودًا جديدة على معاملات بطاقات الدين والائتمان.

هذا وتسبب العجز في الحصول على الدولارات في عدة مشاكل للأشخاص الذين يدفعون الرسوم المدرسية أو الإيجار بالدولار والشركات التي تعتمد على الدولارات لدفع ثمن السلع أو الخدمات الأجنبية.

واختفت بعض المنتجات الأجنبية من المتاجر، ونفد الوقود من محطات الوقود مؤخرًا حتى تدخلت الحكومة للتأكد من أن تجار الوقود يمكنهم دفع ثمن الواردات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com