"تحرير سعر الصرف" في السودان.. حل أم أزمة اقتصادية جديدة؟
"تحرير سعر الصرف" في السودان.. حل أم أزمة اقتصادية جديدة؟"تحرير سعر الصرف" في السودان.. حل أم أزمة اقتصادية جديدة؟

"تحرير سعر الصرف" في السودان.. حل أم أزمة اقتصادية جديدة؟

أثار قرار تحديد سعر الصرف في السودان، جدلًا بين من يتخاوف من تأثيرات سلبية محتملة لتحديد أسعار الصرف، وبين من يراه العلاج المناسب للمرحلة الحالية التي يمر بها الاقتصاد السوداني.

وقال محافظ البنك المركزي السوداني، إن السودان سيبدأ من يوم الأحد القادم، استخدام هيئة من المصرفيين ومكاتب الصرافة لتحديد سعر صرف العملة بشكل يومي.

وأضاف المحافظ محمد خير الزبير أن من المرجح أن تتراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار في بادئ الأمر ثم تستقر لاحقًا.

وأوضح وفق "رويترز"  أن هيئة الصرف الجديدة ستحدد أيضًا سعر شراء الذهب من أجل محاربة التهريب.

مخاوف

وتخوفت مصادر حكومية في تصريحات صحفية، من عواقب سياسية واقتصادية من إجراء تحرير سعر الصرف، باعتبار أن معدل التضخم سيرتفع إلى مستويات عالية، وقالت إن التحرير سيؤدي إلى أضرار باضعاف القدرة الشرائية للمواطنين، وسيؤثر على الاحتياجات الأساسية للمواطن.

وأكدت تلك المصادر، أن تحرير العملة من شأنه أن ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات والنشاطات الاقتصادية المختلفة في الاقتصاد، ونوهت إلى وجود تبعات سلبية على فئات المجتمع المختلفة في البلاد، خاصة أصحاب الدخول المحدودة.

دعوة كارثية

من جانبه، وصف رئيس الدائرة الاقتصادية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك د. حسين القوني، الدعوة لتحرير سعر الدولار بأنه "دعوة كارثية". مستغربًا تفاؤل بعض رجال الأعمال والتجار بهذه الخطوة.

 وأضاف لـ "إرم نيوز"، بأن التفاؤل يجب أن يكون مبنيًا على أسس وحيثيات واضحة.

وتابع القوني بالقول، إن تحرير سعر الصرف سيحطم الاقتصاد السوداني، معتبرًا أن الدعوة للتحرير هروبًا من الواقع.

وأشار إلى أن سعر الدولار يخضع للعرض والطلب، وزاد بأن العرض معدوم بينما يشهد الطلب زيادة بصورة مستمرة، وقال إن فاتورة النقد الأجنبي الواجبة السداد سنويًا متصاعدة بصورة مستمرة.

وتخوف القوني من خطورة تحرير سعر الصرف في ظل عدم مقدرة البلاد على زيادة الإنتاج والصادر، وعلى تحسين المناخ الاستثماري لجذب عملة أجنبية، بجانب عدم المقدرة على تمويل المشاريع الإنتاجية، وعدم مقدرة البلاد على توفير الاحتياجات الأساسية، وتساءل: "من أين تأتي أموال لاستيراد الاحتياجات؟".

واعتبر القوني أن هناك نوعًا من عدم وجود تخطيط استراتيجي لإدارة الاقتصاد السوداني، وأشار لعدم إمكانية التكهن بما يحدث مستقبلًا للاقتصاد.

وخلص القوني إلى أن تطبيق سياسة تحرير سعر الصرف ستكون في صالح "تجار العملة" الذين سيضاربون ويرفعون الأسعار، وبالتالي تضطر الحكومة إلى العودة إلى سياسات أخرى جربتها من قبل لمحاصرة ارتفاع سعر الدولار، وقال "ليس هناك تفاؤل في ظل انعدام مصادر نقد أجنبي".

مخرج أساسي

لكن أمين السياسات الإستراتيجية في اتحاد أصحاب العمل السوداني سمير أحمد قاسم، مضى إلى عكس ذلك، معتبرًا أن تحرير سعر الصرف هو "المخرج الوحيد للاقتصاد".

وقال في تصريح خاص مع "إرم نيوز"، إن عدم ثبات سعر الدولار أسهم في ندرة البضائع وارتفاع أسعارها ومعاناة المواطن، مضيفًا بأن تحرير سعر الصرف سينعش الصادرات السودانية لإحجام المصدرين عن التصدير في الفترة الماضية؛ لعدم وجود سعر مجزٍ، ولتعرضهم لخسائر مؤكدة في حالة التصدير.

وطالب قاسم بنك السودان المركزي بإعادة سياسة الاستيراد دون قيمة؛ لأن بنك السودان لا يملك عملات أجنبية، وقال إن سياسة الاستيراد دون قيمة ستسهم في توفير السلع وتخفض أسعارها.

وأكد قاسم أن تحرير القمح والسلع الأخرى سيؤدي إلى انسياب الصادر، وتوقع أن ترتفع الصادرات بصورة أكثر من الوردات بتقليل العجز بين الصادرت والوردات، موضحًا: "كلما زادت الصادرات استقر سعر الصرف في الأسواق".

وتوقع زيادة سعر الدولار عن السعر الحالي عند تحرير سعره، لكنه توقع انخفاضه بعد ذلك لتقليل الطلب على الدولار، وأكد قاسم ضرورة استقرار سعر الدولار في حدود الـ (40) جنيهًا في هذه المرحلة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com