الصين "الكارهة" للدولار تسوق العملة الأمريكية
الصين "الكارهة" للدولار تسوق العملة الأمريكيةالصين "الكارهة" للدولار تسوق العملة الأمريكية

الصين "الكارهة" للدولار تسوق العملة الأمريكية

كشف تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، أن الصين التي اعتادت على انتقاد هيمنة الدولار الأمريكي على الأسواق العالمية، بدأت في تبني تلك العملة عبر تسويقها لسندات مقومة بالدولار، في تحول وصفته الوكالة بـ"الكبير".

و دعت الصين عقب الأزمة المالية العالمية التي ضربت أسواق العالم عام 2008، إلى عملة احتياطية جديدة لتحل محل الدولار الأمريكي، إلا أن المفارقة أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم بدأ بالتسويق لسندات مقومة بالدولار.

وفي العام الماضي، باعت الشركات الصينية والبنوك وحتى الحكومة، سندات مُقومة بالدولار بوتيرة قياسية، وتتوقع شركات التأمين على السندات استمرار نمو تلك التجارة لسنوات.

عوامل جذب

ويمتلك هذا السوق الذي تبلغ قيمته حوالي نصف تريليون دولار، اثنين من عوامل الجذب الرئيسية للمقترضين في الصين، حيث يعتبره البعض أفضل صلاحية لزيادة الأموال أكثر من السندات المحلية.

وعادة تقوم الجهات المنظمة باتخاذ إجراءات صارمة في أسواق السندات المحلية، على عكس السندات الدولارية، فهي ببساطة عبر قوامها "الدولار" أسهل استخداماً لتمويل عمليات الاستحواذ والاستثمار في الخارج.

ويشير تقرير الوكالة إلى أن هناك عددًا كبيرًا ومتزايدًا من السندات الدولارية التي تعرضها الشركات الصينية على المستثمرين الذين يشعرون بالقلق من الغوص في الديون المحلية التي يتم تسويتها بـ "اليوان".

ومن المتوقع أيضًا أن توفر سوق السندات الخارجية ركيزة في مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس الصيني شي جينبينغ، وهي خطة كبيرة تهدف إلى تعميق الروابط التجارية والاستثمارية مع الدول الأوروبية والآسيوية وغيرها.

ويرى المصرفيون أن هذه المبادرة تعد مصدرًا رئيسيًا لنمو السندات الدولارية الصينية.

أثر طريق الحرير

يقول كين هو، كبير مسؤولي الاستثمار للدخل الثابت لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في شركة "إنفيسكو هونغ كونغ" والتي قدمت تمويلاً للاستثمار فيما يعرف أيضًا باسم مشروع "طريق الحرير" إنه: "من أجل التحوط من التوترات التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة ستصبح الصين أكثر التزامًا بمبادرة الحزام والطريق".

وأضاف: "نتوقع زيادة إصدار سندات دولارية صينية جديد تتعلق بالمبادرة."

وفي عمق الأزمة المالية العالمية دعا "تشو شياو تشوان"، محافظ بنك الشعب الصيني في ذلك الوقت، إلى إنشاء وحدة جديدة للتبادل "منفصلة عن الدول الفردية"، ولكن سرعان ما رفض مسؤولو الخزانة والاحتياطي الفيدرالي الأمريكيين هذه الدعوة مؤكدين وجود طريق مسدود أمام هذا المقترح في صندوق النقد الدولي، (نظراً لكون الولايات المتحدة أكبر مساهم في صندوق النقد الدولي، ولذلك تملك حق النقض "الفيتو" على القرارات الرئيسية).

وفي هذا السياق ، كررت وكالة أنباء الصين الرسمية (شينخوا)  في عام 2013 الدعوة إلى عملة عالمية تكون خطوة نحو "عالم غير أمريكي" معزول عن مشاكل أمريكا ومعاركها السياسية عبر العالم. ورأى الإصلاحيون الصينيون في ذلك فرصة ذهبية لرفع قيمة عملاتهم الخاصة وضغطوا من أجل السماح باستخدام اليوان بحرية أكبر في الخارج حتى يتمكن من "تجاوز" المنافسين.

اليوان في مواجهة الدولار

وكجزء من حملة التدويل هذه، قامت الصين ببناء سوق سندات مُقومة باليوان في هونج كونج إلى جانب نسخة خارجية من عملتها. وعندما أدى تراجع سعر صرف اليوان في أغسطس 2015 إلى رعب الأسواق العالمية أوقفت السلطات الصينية مشروع التدويل، ووضعت ضوابط صارمة على رأس المال ومنعت خروج الأموال المحلية وقللت الاهتمام بسوق اليوان الخارجي.

وساعدت ضوابط الصين الصارمة على استقرار "اليوان" على مدى العامين الماضيين، وهو أمر شجع المقترضين الصينيين على النظر بشكل متزايد إلى سوق السندات المقومة بالدولار للاستفادة من الطلب الصيني والخارجي على الاستثمار بالدولار.

وعلى الرغم من أن احتياطيات الصين من العملات الأجنبية الرسمية معروفة جيداً، والتي تبلغ نحو 3 تريليونات دولار، فإن ما هو معروف بشكل أقل هو أن البنوك الصينية متخمة أيضاً بودائع العملات الأجنبية لتصل إلى نحو 850 مليار دولار. والسبب في ذلك هو الطلب المحلي على العملات الأجنبية إلى جانب الفوائض التجارية الثابتة للصين والاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد الذي لا يزال سريع النمو.

ولأن البنوك المحلية لديها تلك الودائع بالدولار فقد سمحت لها السلطات الصينية بإصدار ديون بالدولار في الخارج، وغالبا ما تستخدم هذه البنوك العائدات لشراء ديون بالدولار ذات عائد أعلى تصدرها الشركات الصينية.

استمرار نمو سوق السندات

إن صندوق المدخرات الكبير في الصين ومعرفة مستثمريه بالمقترضين في البلاد يعني أنه حتى مع زيادة العوائد والمخاطر الافتراضية فإن سوق السندات بالدولار سيستمر في النمو، وفق "بن يوين" رئيس الاستثمار في الدخل الثابت في بنك الصين وهونج كونج لإدارة الأصول.

ويتوقع "يوين" نمواً سنوياً بمعدل 20 في المائة على مدى السنوات الخمس المقبلة ليصل السوق إلى أكثر من 1 تريليون دولار.

وجاءت إشارة واضحة لتأييد الحكومة للاقتراض بالدولار في شهر أكتوبرعندما باعت الصين 2 مليار دولار من الأوراق النقدية التي قال المصرفيون إنها تهدف إلى توفير تكاليف اقتراض قياسية للمقترضين الصينيين غير السياديين، وكان التفكير هو أنه يمكن أن يساعد على خفض أسعار الكيانات والمصارف المملوكة للدولة.

ومن المقرر طرح عرض سيادي إضافي بقيمة 3 مليارات دولار لهذا العام.

وضمن هذا الإطار تقول "ليونج واي مي" مديرة محفظة الدخل الثابت في "إيستسبرينغ إنفستمنتس" بسنغافورة: "إنه جزء من مساعي الحكومة لجعل الشركات تنوع مصادر التمويل".

وأضافت: "تمويل السندات الدولارية للمشاريع الصينية في الخارج أكثر منطقية من التمويل بالعملة المحلية، وذلك بسبب الحجم وأيضا لأن الكثير من متطلبات الإنفاق الرأسمالي يتم تحريرها بالدولار".

وتؤكد "ليونج" أن فوائد الاقتراض بالدولار تشمل الحصول على تمويل أرخص وتمويل عمليات خارج البلاد بأموال خارجية بدلاً من إخراج اليوان، وبمجرد أن تستقر معدلات الفائدة وتهبط مخاطر الاقتصاد الكلي فمن المرجح أن يرتفع الإصدار مرة أخرى.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com