الأكراد المتحمسون يتجاهلون خطر نشوب حرب تجارية بعد التصويت على الاستقلال
الأكراد المتحمسون يتجاهلون خطر نشوب حرب تجارية بعد التصويت على الاستقلالالأكراد المتحمسون يتجاهلون خطر نشوب حرب تجارية بعد التصويت على الاستقلال

الأكراد المتحمسون يتجاهلون خطر نشوب حرب تجارية بعد التصويت على الاستقلال

بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على تصويت أكراد العراق على الاستقلال، تمضي الأمور كالمعتاد في معبر إبراهيم الخليل الحدودي الذي يتسم بالصخب مع تركيا.

وهددت أنقرة بفرض عقوبات اقتصادية على إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي لردع تحركه صوب الاستقلال، لكن مئات الشاحنات مازالت تعبر الحدود يوميا، بعضها يحمل إمدادات للمنطقة الكردية والآخر في طريقه إلى بغداد.

ومن شأن إغلاق الحدود أن يقطع شريان الحياة للإقليم الواقع في شمال العراق ويعزز مساعي تركيا وإيران والحكومة العراقية لعزله.

ولكن حكومة إقليم كردستان العراق تراهن على أن شركاءها التجاريين الرئيسيين الثلاثة سيحجمون عن فرض حصار يعرّض تجارة بمليارات الدولارات للخطر وقد يضر بجميع الأطراف المعنية.

وقال هاني أنس وهو تاجر كان يقف بجانب صفوف من قضبان الصلب مكدّسة بالقرب من الحدود "نرسل نحو مئة شاحنة معبأة يوميا إلى بغداد...العراق سوف يعاني أيضا".

وهذه مقامرة محفوفة بالمخاطر للإقليم الذي يعتمد بكثافة على استيراد الأغذية وتصدير النفط عبر خط أنابيب يمر عبر تركيا، ومن شأن تقويض اقتصاد الإقليم أن يوجه ضربة قوية لفرصه في البقاء دولة مستقلة إذا مضى قدما في خطوات الانفصال.

ومن الممكن أيضا أن تترتب على المواجهة تداعيات تتجاوز بكثير المنطقة إذ ينتج إقليم كردستان العراق نحو 650 ألف برميل من النفط الخام يوميا توازي 15 بالمئة من الإنتاج العراقي ونحو 0.7 بالمئة من إنتاج النفط العالمي.

ولم تتخذ حكومة كردستان العراق أي خطوات رسمية صوب الانفصال عن العراق منذ صوّت الأكراد بالأغلبية على الاستقلال في استفتاء جرى في 25 سبتمبر أيلول، لكنها حددت الأول من نوفمبر تشرين الثاني لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.

وقال سوران عزيز نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة أربيل، العاصمة الإدارية الكردية "إذا حاولت بغداد الإضرار بنا فإنها ستلحق الضرر بنفسها".

وأضاف قائلا: "إذا أُغلقت الحدود مع الدول المجاورة سيكون لهذا تأثير محدود علينا...إذا أثّر حصار اقتصادي علينا بنسبة واحد بالمئة فإنه سيؤثر عليها بنسبة عشرة بالمئة".

 تزايد الضغط

تعارض بغداد الانفصال الكردي لأنها ترغب في أن يظل العراق متحدا، وتخشى إيران وتركيا أن يشجع الانفصال الأكراد في البلدين على الضغط من أجل الحصول على وطن خاص، وتخشى واشنطن من أن التوترات ستضر بالموقف الموحد في الحرب ضد تنظيم داعش.

والمؤكد أن الاقتصاد يمثل نقطة ضعف لكردستان العراق، وبعيدا عن النفط، يعتمد الإقليم بشكل كبير على الزراعة والسياحة وتصدير الإسمنت والصلب إلى بغداد والمدن العراقية الأخرى.

لكن بعض المسؤولين العراقيين يعترفون بأن إغلاق الطريق التجاري الرئيس بين إقليم كردستان العراق وأجزاء أخرى من العراق لن يلحق الضرر فقط باقتصاد الأكراد.

وبلغت الصادرات التركية إلى العراق منذ بداية العام وحتى نهاية أغسطس آب 6.4 مليار دولار.

وقال وليد محمد مستشار وزارة التجارة العراقية إن "هذا الطريق الحيوي هو شريان حياة للجميع وسوف نحرص على استمرار تشغيله بغض النظر عن أي خلافات".

وبالقرب من الحدود مع تركيا يبدو التجار واثقين وهم يستخدمون هواتفهم المحمولة ويتعاملون مع الطلبيات، ومن حولهم انهمك العمال في تحميل شاحنات بحاويات الحليب المجفف والبطاطس (البطاطا)، وتنقل هذه الشاحنات حمولات تبلغ في المتوسط 27 طنا إلى بغداد وأماكن أخرى.

وقال سامر رشدي وهو تاجر إنه مشغول بدرجة لا تسمح له بأخذ عطلة "لا يمكن لأحد أن يغلق الحدود، تصل شاحنة ثم تتجه إلى بغداد، وتذهب شاحنة أخرى في الاتجاه المعاكس".

ومع ذلك، فإن الضغط على الأكراد يتزايد منذ الاستفتاء خاصة من جانب بغداد التي فرضت حظرا جويا على إقليم كردستان العراق كما فرضت عقوبات على البنوك الكردية، وأوقفت تحويلات العملة الأجنبية إلى الإقليم.

كما سيطرت القوات الحكومية العراقية على مدينة كركوك لتنتزع السيطرة على منطقة غنية بالنفط وتمثل مصدرا حيويا للإيرادات.

كما بسطت القوات الحكومية سيطرتها أيضا على مناطق خاضعة للأكراد في محافظة نينوى تضم مدينة الموصل وسد الموصل، من بين مواقع استعادت السيطرة عليها وفقًا لبيان حكومي.

وأغلقت إيران معابرها الحدودية مع إقليم كردستان العراق، وقالت تركيا إنها ستقوم بالمثل محذرة الأكراد من أنهم سيتضورون جوعا إذا أغلقت الحدود وستنفد إيراداتهم إذا أغلقت أنبوب النفط.

 أسباب للحذر في إيران

لإيران تأثير اقتصادي وعسكري كبير في العراق، لكن لديها أيضا أسبابا للتحرك بحذر.

يقول مسؤولون عراقيون إن طهران جنت مكاسب كبيرة في السوق العراقية عبر إغراق البلاد بسلع رخيصة مثل مكيفات الهواء والسيارات وإنها لا تستطيع تحمل حدوث اضطرابات لفترة طويلة.

وتُقدر قيمة صادرات إيران من السلع إلى العراق يوميا بنحو 20 مليون دولار، وقال حميد حسيني رئيس غرفة التجارة الإيرانية العراقية إن ثلث تلك الصادرات، وهي سلع قيمتها نحو 200 مليون دولار شهريا، يذهب إلى إقليم كردستان العراق وفق ما نقلته وسائل إعلام إيرانية.

وتجلب عادة حوالي ألفي شاحنة السلع من إيران إلى العراق يوميا مع تسليم ما يتراوح بين 500 و600 شاحنة من بينها سلع إلى إقليم كردستان العراق.

ولكن منذ الاستفتاء منعت إيران 600 شاحنة على الأقل تحمل نحو 13 ألف طن من الوقود من عبور الحدود إلى كردستان العراق.

وفي موقع المعبر الحدودي الحاج عمران، يطل ملصق يحمل صورة آية الله روح الله الخميني، زعيم الثورة الإيرانية التي اندلعت في 1979، على صفوف من الشاحنات المصطفة لعبور الحدود.

وقال جلال رسول وهو قائد شاحنة كردي إن "إيران لا تستطيع تحمّل إغلاق الحدود...إلى جانب ذلك، من حقّنا إنشاء دولة مستقلة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com