برز جيل جديد من المخرجين السينمائيين المغاربة في الدورة الأخيرة لمهرجان كان، حصل ثلاثة منهم على جوائز خارج المسابقة الرسمية، في ما يمثل موجة جديدة تبشر بنفس تجديدي في الفن السابع في المملكة.
واعتبر الصحفي والناقد السينمائي المغربي بلال مرميد، أن "الأفلام المغربية، التي عرضت هذا العام في كان، هي من بين أفضل ما أنجز في تاريخ السينما المغربية".
فقد حصلت المخرجة الشابة أسماء المدير (32 عاما) على جائزة أفضل إخراج ضمن فقرة "نظرة ما"، المخصصة لأفلام سينما المؤلف، عن شريطها الوثائقي "كذب أبيض".
ووفق وكالة "فرانس برس"، يمثل الشريط نبشًا في أسرار مسكوت عنها ضمن تاريخ عائلة المخرجة، وأبدعت المخرجة في طريقة إنجاز فيلمها، عن طريق تصوير مجسم للحي الذي عاشت فيه طفولتها، مستعينة بدمى متحركة.
واختار المخرج كمال لزرق هو الآخر مدينة الدار البيضاء إطارًا لفيلمه الطويل الأول "عصابات" الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم ضمن فقرة "نظرة ما".
يسافر الفيلم بالمشاهد في رحلة ليلية مثيرة عبر أحياء هامشية خطيرة في الدار البيضاء، مقتفيًا أثر رجل وابنيه يحاولون التخلص من جثة شخص توفي عن طريق الخطأ، بينما كان يفترض أن يُختطف لحساب زعيم عصابة.
ويعرب لزرق عن "ارتياحه الكبير" بعد عرض الفيلم في كان، قائلًا "تَولَّد لدينا انطباع بأنه فهم كما يجب، وأننا لم نضلّ الطريق". ويتابع قائلًا "الجائزة هي بمثابة حبة الكرز فوق الكعكة".
وقد استوحى لزرق منهجيته من سينما الواقعية الجديدة الإيطالية، خاصة فيلم "سارق الدراجات" لفيتوريو دوسيكا.
يأمل كمال لزرق أن تؤدي هذه الحركة إلى "تنافس بنّاء، وتشجع الشباب المغاربة على خوض المغامرة".
من بين هؤلاء الشباب الواعد، برزت المخرجة المبتدئة زينب واكريم، التي حصلت على الجائزة الثالثة ضمن المسابقة المخصصة لمدارس السينما في المهرجان، عن فيلمها القصير "أيور" (القمر بالأمازيغية).
ترسم الشابة (22 عامًا) في هذا الفيلم "بورتريه" لمراهقينِ أمازيغيينِ أصيبا "بمرض أطفال القمر"، وهو داء وراثي نادر يجعل المصابين به لا يتحملون التعرض لأشعة الشمس.
كانت للسينما المغربية مدارس في سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين يعود الفضل فيها لمجموعة من المخرجين الذين أبدعوا أعمالًا مجددة وقوية.
وفي العقدين الأخيرين برز مخرجون آخرون أمثال فوزي بنسعيدي الذي اشتهر بفيلمه "ألف شهر" (2003)، ونبيل عيوش صاحب شريط "يا خيل الله" (2012)، ومريم التوزاني بفيلمها "أزرق القفطان" (2022)، لكن هذا الزخم بقي فرديًا ولم ينتج حركة فنية جماعية.