"غدا.. وهناك".. مسرحية تونسية تتناول طبيعة العلاقات الاجتماعية الشائكة

"غدا.. وهناك".. مسرحية تونسية تتناول طبيعة العلاقات الاجتماعية الشائكة

تطرح مسرحية "غدا وهناك" للمخرج التونسي نعمان حمدة قضايا وجودية فلسفية من خلال إعادة النظر في مفاهيم الوجود والتعايش والعلاقات الاجتماعية، وإعادة النظر إلى الواقع وفقا لخصوصية الوضع المفروض.

والمسرحية التي أنتجها المسرح الوطني التونسي وقدّم عرضها الأول قبل أيام بقاعة الفن الرابع في العاصمة تونس، مقتبسة عن نصّ لمريم السوفي وشارك في تمثيلها مجموعة من الممثلين خريجي "مدرسة الممثل" وهم ثواب العيدودي ولينا جردق وعياض حامدي ونادية بالحاج ومريم التومي ومحمد عرفات القيزاني وحلمي الخليفي وأنيس كمون.

يعكس خلو خشبة المسرح من الديكور وفسح المجال لأداء الممثلين مجالا لتبليغ أحاسيس الرهبة والخوف من المجهول

وتتمحور أحداث المسرحية حول مجموعة من الأصدقاء يلتقون بعد فترة زمنية طويلة من الفراق، بعد أن تلقوا دعوة لحضور حفل عيد ميلاد، فيجدون أنفسهم في مكان غريب رغم انفتاحه وتعدد أبوابه ومنافذه، إلا أنه يكبّل حركتهم ويعيدهم إلى المنطلق الأول، فيدفعهم هذا الوضع إلى التأمل من جديد في واقعهم.

وفي هذا العمل يعتمد المخرج نعمان حمدة أساسا على أداء الممثل بدرجة أولى وهو ما يفسّر غياب عناصر الديكور والفراغ الذي تشهده خشبة المسرح طيلة العمل، ما يتيح للممثلين هامشا أكبر للحركة والتعبير عن وجهة نظر كلّ منهم إلى الوجود، وكيفية التعاطي مع الحلقة المفرغة التي وجد الأصدقاء فيها أنفسهم.

ويعكس خلو خشبة المسرح من الديكور وفسح المجال لأداء الممثلين مجالا لتبليغ أحاسيس الرهبة والخوف من المجهول، ومن ثمة كان الأداء يراوح بين السكون تارة والهيجان طورا، وهي خصوصية اعتمدها المخرج لتفادي سقوط العرض، الذي يمتدّ على ساعة ونصف الساعة، في الرتابة، بل إنّه اعتمد منحًى تصاعديًّا لإيقاع المسرحية انسجاما مع تطوّر الأحداث نحو ذروتها وبنية المسرحية التراجيدية.

ومثّلت شخصيات مسرحية "غدا... وهناك..." صورة مصغّرة لمختلف شرائح المجتمع على اختلافاته الفكرية، وقدّمت بذلك مقاربة للعلاقة بين مكونات الشعب الواحد، وهي علاقة تتراوح بين الاختلاف والتوتر والعنف وصولا إلى حد القتل رغم المصير الواحد الذي كان يواجهه الجميع، وفي ذلك إحالة إلى طبيعة الصراع الاجتماعي الذي تعيشه تونس في السنوات الأخيرة.

يُذكر أنّ نعمان حمدة هو ممثّل ومخرج وكاتب تونسي بدأ عمله في المسرح المحترف سنة 1989 وكان أوّل دور له كممثل في "عشّاق المقهى المهجور" للمخرج الفاضل الجعايبي سنة 1995، كما تولى إخراج مسرحية "كاوو" سنة 2015 وشارك في الإنتاج أو التمثيل في عدد من المسرحيات مثل مسرحية "العنف" لجليلة بكار والفاضل الجعايبي. 

وكتب نعمان حمدة مسرحيتين هما "قصر الشّوك" و"سباحة حرّة"، وسبق أن أخرج مسرحية "سكون" وهي العمل المسرحي الأخير له سنة 2019، قبل إخراج مسرحية "غدا وهناك".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com