"ستنتهي الحرب".... هل هذه القصيدة لمحمود درويش؟‎‎

"ستنتهي الحرب".... هل هذه القصيدة لمحمود درويش؟‎‎

إن ما أحدثته التكنولوجيا والأدوات الرقمية في الحياة الإنسانية يبقى مدعاة للجدل في كل لحظة، فقد أصبح لكل شخص حسابه الشخصي، على مواقع التواصل الاجتماعي، يتمكن من خلاله قول أي كلمة، والإدلاء برأيه في أية حادثة، بل وتلفيق الآراء على الآخرين، وعلى النقيض، نسب آراء الآخرين له، وهو ما يجعل هذه المنصات، بشكل مستمر، مسرحاً كبيراً، للجدل والشائعات.

وانتشرت خلال السنوات الماضية الكثير من القصائد على تلك المواقع، وقد نسبت بنفس طريقة التدليس على مواقع التواصل، للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وكان من أبرزها "شَهادة جامعيّة، وأربعة كُتب، وَمِئات المقالات .. وما زلت أخطئ في القِراءة .. تَكتبين لي "مَرحباً"، وأقرؤها " أُحِبّكَ".

أصدرت مؤسسة محمود درويش في مدينة رام الله بياناً صحفياً بعنوان: "ملكية حقوق استخدام شعر محمود درويش في الألبوم الذهبي للفنانة كارول سماحة".

وبعد انتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي، سارع الكاتب والروائي السوري إسلام أبو شكير لتوضيح أحقيته في ملكية هذه العبارات، مبيناً ذلك على حسابه على "فيسبوك".

وقد انتشرت أيضاً قصيدة "ستنتهي الحرب" على تلك المواقع، ولوقت طويل، وقد جرى تداولها من النشطاء، خلال الفواجع العربية والحروب، وقد تم نسبها للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، فيما نسبها القلة للكاتب اللبناني جبران خليل جبران.

وقد جاءت كلمات القصيدة كالتالي:

"ستنتهي الحرب ويتصافح القادة

يقولون في بلادنا يقولوا في شجن

عن صاحبي الذي مضى

وعاد في كفن

وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد

وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب

وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل

لا أعلم من باع الوطن،

ولكنني رأيت من دفع الثمن".

تمرير ثم اعتياد

لقد تم تمرير هذه القصيدة، لسنوات لدى الكثيرين، من رواد مواقع التواصل على أنها للشاعر محمود درويش، ولم يظهر سوى القليل من الكتّاب، للتشكيك في ذلك، لكن الصوت كان أضعف من أن يصل لعموم الجمهور.

ومؤخراً أعلنت الفنانة اللبنانية الشهيرة كارول سماحة، عن ألبوم غنائي، أسمته بـ"الذهبي" يضم أغاني مكتوبة بقلم الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وقد كانت أولى الأغاني الصادرة عنه، أغنية "ستنتهي الحرب" وقد نسبت كلماتها للشاعر محمود درويش، الأمر غير المؤكد، وهو ما أثار جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي.

مؤسسة محمود درويش في رام الله، نشرت جميع مؤلفات محمود درويش على موقعها، وبالتالي تعتبر مرجعية لنصوصه.
الفنان الفلسطيني أحمد داري

حقوق فكرية

وبناءً على الحادثة، أصدرت مؤسسة محمود درويش في مدينة رام الله، بياناً صحفياً بعنوان: "ملكية حقوق استخدام شعر محمود درويش في الألبوم الذهبي للفنانة كارول سماحة".

وجاء فيه: "بعد فحص مؤسسة محمود درويش صاحبة الحقوق الحصرية على إرث شاعرنا الكبير محمود درويش، اتضح أن الكلمات المنسوبة لمحمود درويش في الأغنية، ليست من أشعاره، إنما من إنتاج مواقع التواصل الاجتماعي، وهي دون المستوى المعروف به شاعرنا الكبير".

محمود درويش ليس قامةً عربية وعالمية أدبية عظيمة فحسب، محمود درويش أبعد من ذلك، درويش كاتب سيرة فلسطين وكاتب سيرة اللغة العربية في القرن العشرين.
الصحفية اللبنانية مايسة عواد

وتابع البيان: "إن هناك مقطعا وحيدا مجتزأ من قصيدة محمود درويش (وعاد في كفن) قد جرى تحريفه واستخدامه في الأغنية، حيث إن النص الأصلي في المقطع، هو (يحكون في بلادنا يحكون في شجن) وبعد التدقيق في ذلك الفيديو والإعلان المرافق له، طلبت المؤسسة رسمياً من الفنانة كارول سماحة وشركائها في الإنتاج، وقف النشر، وحذف كل ما يتعلق بنسب كلمات الأغنية لمحمود درويش، وأنه في حال تم ذلك، على المنتج والفنانة التوجه للمؤسسة بطلب الإذن لأداء ما ترغب في أدائه من قصائده".

وأكد بيان المؤسسة على أنها "تثق بحسن النوايا لدى الفنانة كارول سماحة وشركائها"، كما وطالبتهم بالالتزام بالتوقف الفوري عن نسب القصيدة المحرّفة لمحمود درويش والرجوع للمؤسسة الرسمية في شأن قصائده.

"ستنتهي الحرب".... هل هذه القصيدة لمحمود درويش؟‎‎
إعلان أسماء الفائزين بجائزة محمود درويش للإبداع

صديق مقرّب

وقام الفنان الفلسطيني أحمد داري، وهو أحد الأصدقاء المقربين للراحل محمود درويش، بنشر فيديو عبر صفحته في "فيسبوك"، مقدماً من خلاله، شهادته حول مدى نسب القصيدة لمحمود درويش.

وقال داري خلال التسجيل: "كان محمود درويش حينما يكتب قصائده بخط اليد، على الأوراق ويتم التصليح والتعديل، ثم يتم طباعتها، ومن ثم يقوم بإتلاف النص المكتوب على الورق، ليكون هنالك مرجعية واحدة لنصوصه.

وأكد أحمد داري أن دار النشر الفرنسية "أكستيود" هي التي استحوذت على متابعة حقوق النشر الخاصة بالشاعر محمود درويش على مستوى العالم، وقامت بمتابعة حقوق المؤلف مع دور النشر العربية والإيطالية والإنجليزية، لذا فهي تعتبر مرجعية لتوثيق مواد الشاعر الفلسطيني محمود درويش.

وأفاد أحمد داري بأن مؤسسة محمود درويش في رام الله، نشرت جميع مؤلفات محمود درويش على موقعها، فبالتالي فهي تعتبر مرجعية لنصوصه.

وقال داري خلال الفيديو المصور إن أي نص خارج هذه المواقع، سيكون هنالك شك في كونه لمحمود درويش.

"ستنتهي الحرب".... هل هذه القصيدة لمحمود درويش؟‎‎
"المتن المجهول".. كتاب يكشف تفاصيل عن حياة الشاعر محمود درويش في مصر

وأضاف داري: هنالك نصوص تكون موجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتناقلها الناس، على أنها لمحمود درويش، وتكون لغتها ركيكة ولا تمت للغة الشعرية لمحمود درويش بأية صلة، فمن الممكن أن يحدث من غير قصد، أن يأخذ أحدهم نصاً من تلك النصوص، ويلحنه، ويغنيه"، ملمحاً إلى الفنانة كارول سماحة، والتي أوضح أنه يكن لها كل الاحترام.

صورة جديدة لـ "السوشال ميديا"

وعقّبت الصحفية اللبنانية مايسة عواد على صفحتها على "فيسبوك"، حول الأغنية والقصيدة: " الأغنية صورة سوشال ميديا أخرى، مغنّاة هذه المرّة. هذا مؤسف، لأن الآلاف بدأوا من الآن يكيلون مديحاً للأغنية والمغنية.

يظنون أن محمود درويش كتب حقاً مثل هذا الشعر. ليس بمثل هذه الخفة يُعامل محمود درويش. ليس مفترضاً به، على الرغم من رحيله، ألا تكون له الكلمة الأخيرة فيما كتب. محمود درويش ليس قامةً عربية وعالمية أدبية عظيمة فحسب. محمود درويش أبعد من ذلك. درويش كاتب سيرة فلسطين وكاتب سيرة اللغة العربية في القرن العشرين. درويش شكّل لغتنا. كتبنا نحن الذين نحب الكلمات. علّمنا لغتنا. علّمنا كيف نكتب".

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com